حرب مصرفية: أوروبا تشدد الإجراءات على المصارف الأميركية

22 نوفمبر 2016
القرار الأوروبي قد يؤثر على حي المال البريطاني(كارل كورت/Getty)
+ الخط -
يتزايد التوتر التجاري بين دول الاتحاد الأوروبي وبين أميركا وتتطاير الاتهامات على جانبي الأطلسي حتى قبل دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ويصبح رسمياً رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني المقبل. ومن المقرر أن تكشف المفوضية الأوروبية اليوم في بروكسل، عن إجراءات ضد المصارف الأجنبية، تطالبها فيها بوضع رأسمال إضافي وزيادة السيولة لمواجهة أية أزمات مالية.

وعلى الرغم من أن مسودة القانون المصرفي التي اقترحت من اللجنة المصرفية بالمفوضية الأوروبية قبل شهور تسعى إلى تشديد الإجراءات على المصارف الأجنبية المرخص لها بدول الاتحاد الأوروبي، إلا أن المصرفيين ينظرون لها كرد فعل على إجراءات "شبه عقابية" اتخذتها الولايات المتحدة في عام 2014 ضد المصارف الأوروبية أدت إلى رفع كلفة الصفقات التجارية التي تجريها في أميركا.

وينظر خبراء مصرفيون إلى مسودة القانون المصرفي الأوروبي الجديد، على أنه يعاقب تحديداً المصارف الأميركية الكبرى، كما أنه سيصبح لاحقاً منصة لمعاقبة المصارف الأجنبية والبريطانية التي تعمل في "حي المال" اللندني في أعقاب الخروج الرسمي لبريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي بعد تفعيل "المادة 50" من اتفاقية لشبونة. وحسب مصرفيين في لندن، لا تواجه مسودة القانون المصرفي الجديد، أية عقبات في الإجازة ليصبح قانوناً ربما مع نهاية العام الجاري.


وتشير صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إلى أن الخطوة الجديدة، ستعمل على معاقبة المصارف الأميركية، في أعقاب اتهام بروكسل لواشنطن أنها تتبنى سياسات مصرفية لحماية مصارفها ضد المنافسة الأجنبية. وكانت المفوضية الأوروبية قد احتجت على الإجراءات المصرفية التي نفذتها في عام 2014، ضد المصارف الأوروبية واعتبرتها إجراءات غير قانونية.
يحدث ذلك وسط الخلاف الدائر بين المفوضية الأوروبية وأميركا حول مجموعة من القوانين المالية، حتى قبل انتخاب الرئيس المنتخب دونالد ترامب. وهنالك اتهامات من واشنطن للاتحاد الأوروبي بأن بعض دوله تعمل كـ" جنان ضريبية" للشركات الأميركية، حيث تخفي فيها أرباحها عن مصلحة الضرائب الأميركية.
كما تتهم أميركا بأنها اتخذت إجراءات انتقامية ضد مصارفها خلال الأعوام الماضية وغرمتها عشرات المليارات من الدولارات. ومن بين المصارف الأميركية الكبرى التي ستتضرر من القانون المصرفي الجديد في حال إجازته، مصرف غولدمان ساكس، ومصرف جي بي مورغان أكبر المصارف الأميركية وأكبر متاجر في السندات الأوروبية.
ورحبت المصارف الأوروبية التي ترى أنها تتعرض لمنافسة غير عادلة مع المصارف الأميركية بمسودة القانون. وفي هذا الصدد يقول مصرفيون أوروبيون إن منافسيهم الأميركيين يستغلون وضعاً مهيمناً من قبل المصارف الأميركية في سوقهم الأم.
وتبين بيانات "تومسون رويترز" التي أعلنتها أخيراً، أن أعلى خمسة مصارف أميركية حصلت مجتمعة على 40% تقريباً من رسوم عمليات الاندماج والاستحواذ في أوروبا العام الماضي. وتشاركت أعلى تسعة مصارف أوروبية ما نسبته 15% فقط من رسوم عمليات الاندماج والاستحواذ في دول الاتحاد الأوروبي.
ويشيرمسؤول تنفيذي متخصص في عمليات الاندماج والاستحواذ، كان يعمل مع مصرف أميركي كبير في تعليقات بهذا الصدد : "نادراً ما تعين الشركات الأميركية الكبرى أي جهة من خارج الفئة الصغيرة التي تضم المصارف الأميركية الاستثمارية المختصة في الشركات الكبيرة".
ويضيف: "بالنسبة لعمليات الاندماج والاستحواذ التي تتم في الولايات المتحدة، لديك عدد محدود من الأسماء التي تلجأ إليها، والتي تراها في كل صفقة كبرى".
ويلاحظ المصرفيون الأوروبيون أن ممارسة الأعمال في الولايات المتحدة تصبح حتى أكثر صعوبة بالنسبة لهم، لأن التعليمات واللوائح ما بعد الأزمة تتطلب منهم الاحتفاظ بمزيد من رأس المال هناك. ويتعين على المصارف الأميركية الوفاء بالتزامات رأسمالية مشابهة، لكن الأوروبيين يقولون إن من السهل عليها الوفاء بذلك، لأنها بطبيعة الحال تبقي على رؤوس الأموال الفائضة في سوقها المحلية.
من جانبه يقول يان جيراردان، الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار الفرنسي "بي إن بي باريبا" : "السوق الأميركية محمية بشكل جيد. لذلك دخولها أمر صعب للغاية".
ويقول رئيس أحد المصارف الاستثمارية الأوروبية، في تعليقات نشرتها رويترز، إن المقرضين الأوروبيين ووسطاء الشركات "يأخذون حصة كبيرة جداً من محفظة الاستثمار المصرفية قبل أن تصل حتى إلى المصارف الدولية".
ويضيف أن فرنسا، حيث يتحارب كل من "سوسيتيه جنرال" و"ناتيكسيز" و"بي إن بي"، وإيطاليا، حيث تعمل مجموعة من المصارف الوطنية معاً لتقديم عطاءات للحصول على أعمال، تعتبران "أماكن مليئة بالمصارف إلى حد كبير جداً".
ويلاحظ جيراردان أن العملاء الأوروبيين لا يظهرون ولاء إقليمياً للمصارف الأوروبية، بالطريقة نفسها التي يظهرها العملاء في أميركا. ولاحظ في هذا الصدد، أن الأميركيين يفضلون التعامل مع المصارف الأميركية.
ويقول مسؤول تنفيذي آخر مختص في عمليات الاندماج والاستحواذ، إن بعض الشركات التي يوجد مقرها في لندن، تفضل في الحقيقة تعيين مصرف أميركي، في حال تساوي جميع الاعتبارات الأخرى، لأن المسؤولين التنفيذيين لن يواجهوا رد فعل عنيفاً فيما لو تعثرت الصفقة، وذلك ببساطة بسبب سمعة المصارف الاستثمارية في تنفيذ الصفقات.



المساهمون