الكويت: سوق سوداء للديزل تنعش أرباح المهربين

05 أكتوبر 2016
ارتفاع الوقود يزيد أسعار السلع (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -
تحولت الكويت خلال الأشهر الماضية إلى سوق سوداء للديزل المُهرب من المملكة العربية السعودية، حيث أنعش فارق السعر الكبير في المنتجات النفطية نشاط المهربين، لا سيما بعد الزيادات التي أقرتها الحكومة الكويتية على أسعار الوقود منذ مطلع العام الجاري 2016.
ويتراوح سعر لتر الديزل المهرب من السعودية بين 25 و27 هللة سعودية ( الريال يساوي 100 هللة)، وهو يوازي ما بين 19 إلى 23 فلساً كويتياً (الدينار الكويتي يساوي ألف فلس).
ورفعت الحكومة الكويتية أسعار الديزل مع بداية العام الماضي 2015 من 55 فلساً للتر إلى 170 فلساً ( من 0.18 إلى 0.65 دولار)، لتكون بذلك أول دولة خليجية ترفع الدعم عن بعض المشتقات النفطية، معطيةً بذلك إشارة على بدء عهد تخفيض الدعم ضمن خطة إصلاحية لسياستها الاقتصادية.

ومع توسع أعمال السوق السوداء للديزل، ظهرت المزيد من الآثار السلبية على المستهلك، حيث ارتفعت العديد من أسعار السلع الضرورية، بعد أن قام أصحاب البضائع برفع أسعارها فضلاً عن المصانع، التي رفعت أسعار منتجاتها، مما انعكس على زيادة فاتورة المواطن.
ويقول محمد الشطي، الخبير الاقتصادي، إن المتضرر المباشر من تذبذب أسعار الديزل هو المواطن، الذي يواجه الكثير من المصاعب بعد ارتفاع أسعار المواد الأساسية.
وتسعى الحكومة الكويتية إلى ضبط الأسعار منذ بدء تطبيق زيادة أسعار الديزل، لكن زيادات الأسعار طاولت المواد الغذائية وأجور النقل، لتضغط بشكل كبير على الوافدين الأجانب ذوي الأجور المتدنية، وفق تصريحات الشطي لـ "العربي الجديد".

ويضيف: " الإجراءات الحكومية لن تتمكن من إعادة أسعار المواد كافة إلى ما كانت عليه قبل زيادة سعر الديزل حتى الآن، بينما يواجه أصحاب الدخول المتدنية صعوبة في تحقيق توازن بين رواتبهم ونفقاتهم".
وأظهر تقرير صادر عن الإدارة المركزية للإحصاء أن الراتب الشهري لأكثر من ثلثي العاملين الأجانب بالقطاع الخاص يقل عن 180 ديناراً (606.2 دولارات).

وفي ظل ارتفاع أسعار الديزل الكويتي، تعاظم نشاط التهريب وسط محاولات حكومية لكبح هذه الظاهرة. وكشف وزير المالية الكويتي، أنس الصالح، مؤخرا عن تحرير نحو 160 مخالفة وإنذار ضد مخالفين استغلوا تذبذب أسعار الديزل في السوق ورفعوا أسعار منتجاتهم بشكل غير مبرر وإحالتهم إلى النيابة.
وكان المهربون في السابق يستغلون رخص سعر الديزل في الكويت عن دول مجاورة، ليقوموا بتهريبه إلى خارج الكويت، لكن المشهد تبدل اليوم وأصبحت الكويت وجهة لاستقبال الديزل المهرب الأرخص من منتجاتها النفطية المحلية.

وسبق أن أصدر ديوان المحاسبة الكويتي تقريرا أشار فيه إلى أن نسبة استهلاك السوق المحلية من الديزل في السنوات المالية الخمس الأخيرة لم تتجاوز 11% من إجمالي الإنتاج، مشيراً إلى أن رفع سعره إلى 170 فلساً يقلّص التهريب ويوفّر 215 مليون دينار (724.7 مليون دولار).
وأضاف الديوان أنّ ارتفاع سعر الديزل في العراق على نحو يعادل تقريباً ثلاثة أضعافه في الكويت يؤدي إلى عمليات تهريب إلى ذاك البلد.

ويقول محمد الكاظمي، الخبير العقاري، إن الآثار السلبية لوجود سوق سوداء للديزل لا تقتصر على القطاعات الإنتاجية المتعلقة بالسلع الغذائية والخدمات فقط، وإنما تمتد إلى قطاع البناء أيضا، حيث ترتفع كلفة البناء وبالتالي تزيد أسعار العقارات للتمليك للكويتيين والإيجار للوافدين، في حين أن السوق حالياً لا تحتمل أية زيادة خاصة القطاع السكني، الذي وصل إلى حدوده القصوى في قيمة الإيجارات.
وتبرز تداعيات رفع سعر الديزل لدى أصحاب شركات النقل البري، الذين وجدوا الفرصة سانحة لرفع أسعار النقل لتعويض خسائرهم، وهو ما أكده مدير عام الشركة العالمية للنقل والشحن، فريد علام، الذي قال إن أسعار نقل البضائع من الموانئ الكويتية إلى أي موقع في الكويت كانت تتراوح في السابق ما بين 20 و30 ديناراً (67 و101 دولار)، والآن تصل إلى نحو 50 و60 ديناراً (168 و202 دولار).

ويضيف علام، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، إن المواطنين يدفعون الثمن الأكبر من تداعيات السوق السوداء للديزل، إذ أن معظم متطلبات البيوت الكويتية تأتي من الأسواق المجاورة، وبالتالي ارتفعت أجرة نقل البضائع عليهم، مما يرفع حدود ميزانياتهم الشهرية.
وتزاد المخاوف من مواصلة الأسعار الارتفاع بعد أن طبقت الكويت زيادة أيضا على أسعار البنزين منذ سبتمبر/أيلول الماضي، في إطار خطتها الرامية لخفض العجز المقدر بنحو 9.5 مليارات دينار ( 31.5 مليار دولار) خلال العام المالي الحالي الذي ينتهي في مارس/آذار المقبل، وفق البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية.


المساهمون