قرارات تقييد الاستيراد تضر المستهلكين في مصر

14 يناير 2016
توقعات بارتفاع أسعار السلع في مصر (فرانس برس)
+ الخط -
اتجهت الحكومة المصرية مؤخراً، نحو تقييد استيراد العديد من السلع بهدف الحد من أزمة تدهور الجنيه أمام الدولار، ومواجهة أزمة مالية خانقة تعاني منها البلاد في ظل تراجع مصادر الدخل الرئيسية، إلا أن مستوردين وتجارا، أكدوا لـ "العربي الجديد"، أن قرارات تقييد الاستيراد لن تحل الأزمة وستخدم فئة قليلة من المحتكرين، وهدّدوا برفع دعوى قضائية ضد الحكومة.
وكان وزير الصناعة والتجارة طارق قابيل، أصدر، مؤخراً، قراراً بشأن تنظيم عمليات استيراد السلع من الخارج، وحدد القرار 23 سلعة غذائية واستهلاكية.
وفي هذا السياق، قال رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، أحمد شيحة، لـ "العربي الجديد"، إن قرارات وزير الصناعة غير قانونية وتخالف الاتفاقيات الدولية التي تنظم عمليات التصدير والاستيراد، كما أنها ستؤدي إلى زيادة الأسعار على المستهلك.
وأضاف، أن القرار يصب في خدمة "لوبي الاحتكار" في مصر، موضحا أن كل سلعة تم تقييد استيرادها تأتي في صالح أحد المحتكرين بالسوق. وأوضح أن هذه الإجراءات جاءت بضغط من كبار المصنعين المسيطرين على بعض الصناعات، وللأسف الحكومة استجابت لضغوطهم، مشيراً إلى أن هذا اللوبي يريد أن يحتكر السوق بزعم حماية الصناعة المحلية، رغم أن مصر لا توجد بها صناعة، حيث أن المصانع تكتفي بالتجميع فقط.
وقال شيحة، إن قائمة السلع التي تم تقييدها تضمنت منتج حديد التسليح الذي تسيطر عليها مجموعة عز الدخيلة وبشاي والجارحي، وأجهزة الإنارة للاستخدام المنزلي التي تسيطر عليها شركة السويدي، والدراجات العادية والنارية والمزودة بمحرك لصالح شركة غبور، والسجاد الذي تتحكم في سوقه شركة "النساجون الشرقيون"، والزجاج الذي تحتكره 6 مصانع.
ولفت النظر إلى أن كل مجموعة من السلع يندرج تحتها أكثر من 15 صنفا، مثل الألبان الذي تشمل منتجاته المقيدة أكثر من 20 نوعا، وبالتالي هذا القرار يعني تقييد أكثر من 300 صنف ونوع من السلع، يحتاجها السوق وكانت تنافس المنتجات المحلية من حيث الجودة والسعر.

وأضاف أن القرار غير مدروس وسيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وعدم وجود خيارات متعددة أمام المستهلك.
وأكد أحدث تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري (حكومي)، أن معدل التضخم السنوي، ارتفع في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى 11.9%، مقابل 11.8% في الفترة المناظرة من عام 2014.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تعهد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بحل مشكلة الأسعار نهاية الشهر ذاته، ووعد بتوفير السلع بأسعار مخفضة عبر منافذ الجيش، إلا أن الأسعار واصلت ارتفاعها، حسب التقارير الرسمية.
وقال شيحة، إن عدداً كبيراً من المستوردين يتأهبون لرفع دعاوى قضائية لإبطال قرارات وزير الصناعة والتجارة المقيدة للاستيراد، مضيفا أنه من الصعب إلزام الشركات الموردة بالشروط التي حددها القرار.
وأوضح أن قصر الاستيراد على أصحاب العلامات التجارية فقط دون غيرهم يفتح الباب لمجموعة من المُحتكرين للسيطرة على السوق المحلي. وأضاف أن القرارات منعت استيراد سلع لها بديل محلي لكن نسبة استيراد بعضها كانت قليلة بالنسبة لحجم الواردات مثل السجاد والزجاج والسيراميك ومنتجات الألبان بأنواعها، وبالتالي لم يكن لها آثار سلبية على الصناعة المحلية.
وفي نفس السياق، أكد رئيس شعبة تجار المُستلزمات الطبية بغرفة القاهرة التجارية، محمد إسماعيل عبده، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن القرارات الأخيرة بشأن الاستيراد عشوائية، مشيراً إلى أنها تعكس تضاربا في الأداء الحكومي.
وأضاف أن إلزام المستورد بتغطية 100% من الاعتمادات المستندية يؤدي إلى سحب السيولة من السوق، موضحاً أن القرارات الأخيرة تعتبر مكملة لقرارات المصرف المركزي الصادرة مؤخراً.

اقرأ أيضا: مصر تستهدف خفض تكلفة الاستيراد 25%

وكان محافظ المصرف المركزي، طارق عامر، قد أعلن في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي قواعد جديدة لتنظيم تمويل الاستيراد، حظرت على المصارف المحلية تنفيذ عمليات تحصيل المستندات، إلا من خلال المستندات الواردة مباشرة عن طريق مصارف في الخارج. كما شملت التعليمات منح المصارف مهلة شهر من تاريخ إصدار القرار للتطبيق، ونصت على زيادة غطاء التأمين النقدي للسلع غير الأساسية إلى 100% بدلا من 50%.

وأوضح، عبده أنه بناء على قرار وزارة الصناعة سيتم إنشاء سجل بهيئة الرقابة على الصادرات والواردات للمصانع المؤهلة لتوريد المنتجات إلى مصر، ولا يجوز الإفراج عن هذه المنتجات الواردة بصفة الاتجار إلا إذا كانت من إنتاج المصانع التي يتضمنها هذا السجل، ما يزيد من التعقيدات الإجرائية للمستوردين.
وفي المقابل أكد صنّاع أن القرارات لها إيجابيات متعددة وستصب في صالح الصناعة المحلية، وقال رئيس اتحاد الصناعات المصرية وعضو مجلس النواب، محمد السويدي، لـ"العربي الجديد"، إن هذه القرارات جاءت متأخرة، لأن مصر مستورد كبير ونسبة غير قليلة من الواردات غير ضرورية، وبالتالي كان هناك حاجة لتنظيم الاستيراد. وحسب الإحصائيات الرسمية، تستورد مصر سلعاً غذائية واستهلاكية تقدّر بـ60 مليار دولار سنوياً.
وأضاف السويدي، أن هذه القرارات تستهدف الحفاظ على المستهلك من الأضرار المحتملة التي تهدده بسبب الواردات الرديئة، وفي نفس الوقت تحمي الصناعة المحلية التي تشغّل عدداً كبيراً من العمالة.
وأشار إلى أن تحجيم الاستيراد سيحد من الطلب على العملة الصعبة "الدولار"، بحيث يتم توفيره لاستيراد مستلزمات الإنتاج والمواد الخام اللازمة للصناعة والسلع الضرورية.
وشهد سعر الدولار ارتفاعاً كبيراً في السوق المصري، حيث ارتفع من 7.15 جنيهات في بداية العام الماضي، إلى 7.83 جنيهات حالياً في السوق الرسمي، في حين قفز سعره في السوق السوداء إلى أكثر من 8.60 جنيهات.
وكان محافظ المصرف المركزي، أكد نهاية الشهر الماضي أن مصرفه قدم مع المصارف المحلية 8.3 مليارات دولار لتغطية طلبات الاستيراد وسداد المستحقات المعلقة للمستثمرين الأجانب، دون أن يكشف عن مصدر هذه الأموال. ورغم ذلك ما زال المستوردون يشكون من نقص حاد في العملة الأميركية بالمصارف ومكاتب الصرافة، وشهدت مصادر الدخل النقدي الرئيسية تراجعاً حاداً، وأبرزها الصادرات والسياحة وإيرادات قناة السويس، في ظل تفاقم الاضطرابات الأمنية التي شهدتها البلاد عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 يوليو/تموز عام 2013.

اقرأ أيضا: أن تكون مع هشام جنينة أو مع الفساد
المساهمون