2016.. من رحم التشاؤم يخرج الأمل

31 ديسمبر 2015
2015..رائعة للدولار سيئة للنفط (Getty)
+ الخط -

تتسم كل التوقعات الاقتصادية الخاصة بالعام الجديد 2016 بالتشاؤم والحذر الشديد، سواء من قبل الحكومات والدول، أو الأفراد والمستثمرين والمؤسسات المالية العالمية، ، حتى إن مدير عام صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، قالت، أول أمس، إن نمو الاقتصاد العالمي سيكون، خلال العام الجديد، "مخيّباً ومتفاوتاً"، وإن الآفاق على المدى المتوسط قاتمة، أيضاً، بسبب الإنتاجية الضعيفة وشيخوخة السكان وتبعات الأزمة الاقتصادية العالمية، ما يكبح النمو.

إذن هناك مخاطر محدقة بالاقتصاد العالمي في العام 2016، ومن بين هذه المخاطر وجود توقعات قوية باستمرار تهاوي أسعار النفط، وهو ما سيسبب مشاكل شديدة لموازنات واقتصاديات الدول المنتجة للنفط، وفى مقدمتها روسيا ودول الخليج والعراق والجزائر وليبيا وفنزويلا ونيجيريا وشركات النفط الصخري الأميركية.

وهناك مشاكل أخرى متعلقة باستمرار هشاشة النظام المالي في العديد من الدول، خصوصاً منطقة اليورو لأسباب عدة منها، الصعوبات الشديدة التي تواجه اقتصاديات دول جنوب البحر المتوسط، مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال، واستمرار أزمة اليونان المالية، وتراجع الصادرات الألمانية، أكبر صادرات القارة العجوز، وضعف العملة الأوروبية اليورو أمام الدولار.

وهناك، أيضاً، مخاطر الإرهاب التي امتدت للقارة الأوروبية وعلى رأسها فرنسا، وتهدد دول كبرى أخرى منها بريطانيا وغيرها.

كما أن أزمة تباطؤ الاقتصاد الصيني لا تزال تتفاعل بشدة، وقد تتفاقم بشدة في 2016، وهو ما قد يسبب مشاكل شديدة لأسعار السلع الرئيسية، ومنها النفط والمعادن، كما قد تدفع الأزمة الصين نحو سحب جزء من استثماراتها الضخمة في أميركا، وتقليص استهلاكها من النفط والمواد الأولية، وتراجع صادراتها.

ومع استمرار مجلس الاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي" في سياسة رفع معدلات الفائدة على الدولار في العام الجديد، فإن الأسواق الناشئة واقتصاديات بعض الدول ستتلقى صدمات عنيفة مع هروب استثمارات ضخمة، منها نحو اقتصادات الأسواق المتقدمة، وفى مقدمة الأسواق المرشحة لجذب الأموال الاقتصاد الأميركي الذي يتوقع أن يكون الحصان الرابح في 2016.

وعلى مستوى منطقة الشرق الوسط، فإن هناك مخاطر اقتصادية عدة ناجم معظمها عن اندلاع الحروب والقلاقل السياسية وتردي الأوضاع الأمنية وزيادة مخاطر الإرهاب، خصوصاً القادم من الشمال، حيث تنظيم داعش الذي لم يعد خطره قاصراً على تهديد الدول المجاورة مثل تركيا وسورية والعراق والأردن، بل قد يمتد إلى دول أخرى، منها مصر وتونس واليمن ولبنان وليبيا، إضافة إلى دول الخليج نفسها.

لكن في ظل هذا المشهد السوداوي، هل يمكن أن تكون هناك مؤشرات إيجابية في العام 2016؟

نعم، فمن رحم التشاؤم يخرج الأمل، فهناك توقعات باستمرار تراجع أسعار الطاقة والأغذية في العام 2016، وهو ما يخفف العبء عن موازنات العديد من الدول، لكن السؤال هنا: هل سيستفيد المواطن العربي من هذه الانخفاضات، أم ستقوم الحكومات بمعالجة مشاكلها المالية وأزمات عجز الموازنات على حساب الفقراء؟

ومع استمرار أزمة النفط فإن هناك فرصة ذهبية أمام متخذي القرار في المنطقة لإعادة هيكلة الاقتصاديات العربية وتنويع الموارد بحيث لا تقتصر فقط على الإيرادات النفطية، كما هو الحال الآن، بل تتجه نحو الاهتمام بقطاع الإنتاج والاقتصاد الحقيقي لا العيني، وإعطاء أولوية لقطاعات منتجة أكثر أهمية للمواطن مثل الزراعة والصناعة والسياحة والخدمات بحيث تغطي احتياجات الأسواق الداخلية، وتوفر فرص عمل لملايين الشباب، وتدر على البلاد موارد بالنقد الأجنبي.

الدول العربية لديها من الثروات والامكانيات الهائلة، وإذا ما توقفت ألة الحرب والصراعات وتحقق الاستقرار الأمني والسياسي وتراجع الفساد، فإن هذه الثروات تكفي وتفيض، لنجعل 2016 فرصة ذهبية لمراجعة أولوياتنا وأخطائنا.

اقرأ أيضاً: الدب الروسي المرتبك

المساهمون