نجارو مصر.. يتحملون المخاطر للحفاظ على أرزاقهم

07 مايو 2015
الركود أصاب ورش النجارة في مصر (فرانس برس)
+ الخط -

"رغم مخاطر وركود العمل في مجال نجارة الأخشاب، وتحديداً في صناعة الأبواب والنوافذ بالورش الصغيرة، إلا أنها أرحم بكثير من الجلوس في المقاهي بدون عمل".. بهذه الكلمات بدأ النجار المصري، فتحي عبد الرازق، حديثه لـ "العربي الجديد".

ويقول عبد الرازق، والذي يعيل زوجته وثلاثة من الأبناء بالإضافة إلى والدته، عقب وفاة والده الذي كان يعمل بنفس الحرفة، إن عمله ليس له وقت محدد، ومخاطره كبيرة إلا أنه لجأ إليه بسبب دخله الجيد للإنفاق على أسرته، في ظل عدم توفر فرص مناسبة عمل بالسوق.

ويضيف عبد الرازق، الحاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية من جامعة أسيوط عام

2001، أن عمله كنجار أبواب ونوافذ جعله يتعرض إلى بتر في إصبع السبابة، عند استخدامه للمنشار لتركيب لسان باب خشبي.

وأشار إلى أنه بدأ العمل في حرفة النجارة؛ وهو طالب مع والده في ورشته الصغيرة في محافظة أسيوط (جنوب مصر) أثناء فترة الإجازة، وكان والده يحرص عليه من التعرض لإصابة، فأبعده عن استخدام الماكينات الحادة في العمل، حتى ترك العمل مع والده، وذهب للعمل مع غيره ليتدرب على استخدام الآلات الحادة.

ويقول عبد الرازق إن المهنة مربحة، لكن لا توجد لها ضمانات كافية من الحكومة عند الإصابة بمرض خطير أو بتر أصابع، ما يجعله عاجزاً تماماً عن الحركة والعمل، مضيفا أن أغلب العاملين في هذه الحرفة يتعرضون لمخاطر بشكل دوري بسبب طبيعة العمل.

ويضيف أن ابنه الذي يعمل معه في الورشة أصيب هو الآخر ببتر في إصبع في يده اليمنى، فواجه صعوبات في مواصلة العملية التعليمية، مؤكدا أنه عندما فحص الأطباء في مستشفى حكومي حالة إصبعه بعد تمزق الأوعية الدموية والوصول للأعصاب رفضوا استقباله، ما اضطره إلى الذهاب به إلى مستشفى خاص بتكاليف أكبر.

ويشير إلى أن الأجرة اليومية للعامل في الورشة تتراوح بين 100 إلى 120 جنيها (الدولار = 7.64 جنيهات)، وعند الحصول على العمل في نجار وحدة سكنية كاملة فإن الأجر اليومي قد يصل إلى 500 جنيه.

ويؤكد أن العمل في حرفة النجارة حسب الطلب، وتكون أكثر أيام عمل مشتغليها في القري والنجوع هي أيام موسم حصاد القمح والمحاصيل بشكل عام، نظرا لاعتماد أهالي القرى على مهنة الزراعة، حيث تكثر حالات الزواج والاحتياج إلى النجارين في تأثيث الشقة.

اقرأ أيضاً: بائعة المناديل..نساء يطلبن الرزق على أرصفة مصر

ولفت النظر إلى أن النجارة أصبحت حرفة بتر الأصابع للعشرات من النجارين، الذين يعيلون أسراً وأبناء، وعليهم مسؤوليات، وذلك من خلال التعامل المستمر مع ماكينات الشق والتقطيع للأخشاب ومنها "الرابوه"؛ وهي أخطر الأدوات التي يستخدمها النجار في مهنته وأسرعها بترا لأصابع اليد، التي أصبحت ظاهرة ملفتة.

وأوضح أن ماكينة "الرابوه"، تستخدم لتعديل أسطح الأخشاب وأحرفها كما تستعمل في أعمال أخرى، وهي على شكل سكاكين من الصلب مستطيلة حادة من أحد جوانبها تثبت بإحكام داخل عمود محور الماكينة، لتتمكن من قطع أي شيء بسهولة وإعادة تركيبها، ويشكل استخدامه خطورة بالغة على حياة الإنسان.

وأضاف عبد الرازق أن السوق بشكل عام يشهد حالة من الركود، وأن المواطنين في الصعيد

غالبا ما يدفعون بالتقسيط، في ظل تدهور أوضاعهم الاقتصادية، وتعاني محافظات الصعيد بجنوب مصر من أزمات معيشية أدت إلى زيادة نسب البطالة والفقر، زادت في الفترة الأخيرة في ظل الاضطرابات الأمنية التي أثرت سلباً على الجانب الاقتصادي.

وبلغت نسبة البطالة في البلاد نحو 13.3%، ونسبة الفقر 26% في حين تبلغ في الصعيد نحو 49%، حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الحكومي.

وأشار إلى أن حرفة النجارة تواجه منافسة كبيرة من صناعة الأبواب ونوافذ الألمنيوم، حيث أصبح يفضلها البعض رغم أنها أقل متانة وعمراً من الخشبية التي يمكن إصلاحها أكثر من مرة وتعيش لسنوات طويلة.

ووفقا لآخر إحصائيات غرفة صناعة الاخشاب باتحاد الصناعات، تم إغلاق 2000 ورشة نتيجة تدني الحالة الاقتصادية، وأن عدد الورش بمحافظة دمياط وحدها يبلغ 60 ألف ورشة تقريباً، ويبلغ عدد باقي الورش في مختلف البلاد نحو 100 ألف ورشة أغلبها غير مسجل.

وتستحوذ صناعة الأثاث على 13% من قوة العمل المصرية، بجانب انتشارها في جميع أنحاء مصر، وتتركز معظمها بمحافظة دمياط (شمال) والتي تسهم بنحو 90% من حجم صادرات القطاع.


اقرأ أيضاً: %67.6 من حملة المؤهلات العليا في مصر بلا عمل

دلالات
المساهمون