توفير عمل للعائدين من ليبيا: استهلاك إعلامي

24 فبراير 2015
مصريون عند معبر رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس(أرشيف/الأناضول)
+ الخط -


يقول خبراء اقتصاديون في مصر، إن دعوات وزارة القوى العاملة وبعض المنظمات التابعة لرجال الأعمال، لتوفير فرص عمل للعمالة المصرية العائدة من ليبيا، مجرد استهلاك إعلامي وسيكون مصيرها الفشل، في ظل المناخ الاقتصادي السيئ الذي لم يتمكن من استيعاب القادمين الجدد لسوق العمل سنويا، مخلّفا بطالة بالملايين خاصة في صفوف الشباب، فضلا عن الانتهاكات وإهدار الحقوق الذي يشوب أغلب تعاقدات القطاع الخاص، من ضعف رواتب وعدم

وجود تأمينات، إلى حد افتقاد عنصر الأمان الوظيفي.

وقدّر الجهاز المركزي للإحصاء في مصر (حكومي)، عدد العمال المصريين في ليبيا، بحدود مليون شخص، لم تتم إضافتهم بعد لأعداد البطالة التي أعلن ذات الجهاز تراجعها بنهاية العام الماضي 2014، إلى حدود 12.9% من إجمالي القوى العاملة، وهي بيانات يشكك بها مراقبون.

استهلاك إعلامي

وقال أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية بالقاهرة الدكتور حمدي عبد العظيم، إن تصريحات وزيرة القوى العاملة ورجال الأعمال بشأن تشغيل العمالة العائدة من لبيبا، لا تعدو كونها استهلاكا إعلاميا، موضحا أن مصر تعاني أزمة بطالة، ولو أن فرص العمل التي يعرضها القطاع الخاص جاذبة لنجحت في ضم عدد كبير من الشباب العاطلين، لسوق العمل.

وأضاف أن أعداد العائدين من ليبيا والتي تربو على مليون شخص، كبيرة جدا، ولا يمكن لسوق العمل استيعابهم بسهولة.

وأوضح أن القطاع الخاص في مصر غير جاذب للعمالة، رغم توافر الكثير من فرص العمل به. مشيرا إلى أن الشباب بشكل خاص يفضّل الهجرة والسفر إلى الخارج، تفاديا للعمل في القطاع الخاص، الذي ينتهك حقوقهم.

وأرجع عبد العظيم عزوف الشباب عن العمل داخل مصر إلى تدني الأجور، وعدم وجود بيئة عمل مناسبة، فضلا عن ثقافة العمل في الحكومة، لدى كثير من الشباب.

ولفت النظر إلى أن بعض رجال الأعمال يستوردون عمالة من بنجلاديش والهند (العمالة الآسيوية) لضعف الرواتب التي تتقاضاها هذه العمالة، والتي تتراوح في الغالب بين 800 و1500 جنيه (105 إلى 196 دولارا شهريا)، وهو متوسط أجور لا يتناسب مع معدلات الإنفاق في مصر، في ظل ارتفاع الأسعار الذي طال أغلب السلع والخدمات، بفعل إجراءات حكومية تقشفية.

مؤهلات ضعيفة

وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة الدكتور محمد يوسف، إن مثل هذه المبادرات لن تجذب الشباب العائد من ليبيا، إلا المضطر، وفي كل الأحوال تكون عملا مؤقتا لحين توفر فرصة مناسبة.

وأشار إلى أن جزءا كبيرا من البطالة سببه التعليم والثقافة العامة لدى المصريين، وتصوير العمل الحكومي بأنه غاية. مضيفا أن مناهج التعليم خاصة الفني لا تخرّج عاملا مؤهلا لسوق

العمل، بالإضافة إلى فشل نحو 80% من المشروعات الصغيرة بسبب قلة الخبرة وعدم التدريب من جانب، ومنافسة البضائع المستوردة من جانب آخر.

تفضيل الهجرة

وأضاف، أن الشباب فقد الأمل في توافر فرص عمل مناسبة داخل مصر، وبالتالي يفكر في السفر للخارج مهما كانت المخاطر، سواء إلى ليبيا حيث عدم الاستقرار، أو عبر الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا والدول الأوروبية، والتي غالبا ما تنتهي بالموت غرقا.

ورصدت تقارير محلية في مصر، في سبتمبر/أيلول الماضي، عودة آلاف المصريين للعمل في ليبيا، بعد مغادرتها لأقل من شهر، عندما قدّم نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، دعما مُعلنا للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، أحد طرفي الصراع في ليبيا، على حساب الطرف الآخر.

وبرر العمال المصريين وقتها، عودتهم إلى ليبيا رغم ما يحيط بهم من مخاطر هناك، إلى عدم وجود أي فرص للعمل في السوق المصرية.

بيانات غير دقيقة

وقال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، إن بيانات جهاز الإحصاء حول البطالة لا تلقى قبولا لدى المراقبين لعدة أسباب، أهمها أن بيانات البطالة تتم كل ثلاثة أشهر من خلال استطلاع رأي يشمل نحو 23 ألف أسرة بالمحافظات من بين نحو 21 مليون أسرة مصرية، أي أن العينة تمثل نسبة 0.1% من عدد الأسر، أي بنسبة واحد بالألف.

وحسب الولي، فعندما يقول جهاز الإحصاء، إن نسبة البطالة انخفضت من 13.4% بالربع الأول من العام الماضي، إلى %13.3 بالربع الثاني ثم واصلت انخفاضها إلى 13.1% بالربع الثالث ثم إلى 12.9% بالربع الرابع من العام الماضي، فإن هذا الانخفاض لا يتوافق مع ظروف السوق، حيث زادت الطاقات العاطلة لدى كثير من الصناعات بسبب مشاكل نقص الطاقة والمستمرة إلى الآن ومشاكل نقص التمويل، والاضطرابات الأمنية، فضلا عن مشاكل التسويق بسبب الركود والاضطرابات العمالية، وهو ما يشير إلى كون تلك البيانات سياسية لتحسين الصورة.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت وزارة التربية والتعليم في مصر، حاجتها لنحو 30 ألف معلّم في أكثر من تخصص، وفي أقل من عشرة أيام بلغ عدد المتقدمين للوظيفة، ممن تتوفر فيهم اشتراطات الوزارة، إلى حدود 1.25 مليون شاب، هو ما يعكس حقيقة حجم البطالة في مصر، وفق المراقبين.

وأضاف الولي، أنه من الطبيعي أن تزيد عودة العمالة المصرية من ليبيا، نسبة البطالة، نظرا لعدم وجود فرص عمل لهم بالسوق المحلية بدليل الرغبة في البقاء في ليبيا رغم الظروف

الصعبة هناك، بل ورغبة آخرين في السفر إلى ليبيا رغم ما بها من أحداث.

دور خليجي معدوم

وأشار الولي، إلى أن تهاوي أسعار النفط عالميا، يقضي على الآمال التي كان من الممكن أن تُعلق على دول الخليج، في استيعاب العمالة العائدة من ليبيا، وهو ذات الدور الذي لعبته دول الخليج بعد عودة مئات الآلاف من العمالة المصرية في العراق إبان حرب الخليج عام 1991.

وأضاف الولي، أن دول الخليج باتت مهددة بعجز كبير في موازناتها المالية، وهو ما يهدد استثمارات هذه الدول وبالتالي عدم توفير فرص عمل في الوقت القريب، عدا عن معدلات البطالة المرتفعة التي تعاني منها دول خليجية كبيرة على رأسها السعودية، التي تستوعب عددا كبيرا من العمالة المصرية.


اقرأ أيضاً: عمال مصريون في ليبيا: الحرب ولا البطالة
اقرأ أيضاً: مسؤول مصري يقلل من تأثيرات عودة العمالة من ليبيا

المساهمون