تراجع فرص العمل في المغرب رغم انتعاش الصادرات

19 فبراير 2015
تراجع عدد العاملين في مصانع الملابس المغربية (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
يكشف تقرير حكومي في المغرب عن مفارقة غريبة بقطاع النسيج والجلود، حيث لم يواكب ارتفاع صادرات هذا القطاع، استحداث أي فرص عمل جديدة، بل على العكس فقد في العام الماضي 32 ألف فرصة عمل، ووصل بذلك رقم فرص العمالة الضائعة إلى 119 ألف فرصة خلال السبع سنوات الأخيرة التي استغرقتها الأزمة في أوروبا الشريك الرئيسي للمغرب.

وكشف التقرير الذي أصدرته المندوبية السامية للتخطيط، وحصلت "العربي الجديد على نسخة منه"، عن ارتفاع القيمة المضافة لصناعة النسيج والملابس والجلود، خلال العام الماضي، بنحو 1.2%، مقابل انخفاض 2.7 % في عام 2013.

ويعكس هذا التحسن، حسب التقرير، الذي نشر أول أمس الثلاثاء، ارتفاع الإنتاج على مستوى وحدات صناعة الملابس ووحدات النسيج المختصة في الملابس النسيجية والسجاد، فيما عرفت باقي الأنشطة الصناعية لفرع النسيج والجلود انخفاضا أو نموا متواضعا".
 
ويعود تحسن هذا القطاع، حسب المندوبية التي تختص في المغرب بتوفير البيانات حول الاقتصاد الوطني، إلى تطور الطلب الخارجي، فقد "زادت الصادرات من الملابس الجاهزة والأحذية إلى 5.3% في العام الماضي، مستفيدة من الطلب القادم من السوق الإسبانية والأميركية".

ويؤكد مكتب الصرف، التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، أن صادرات النسيج والجلود، بلغت في العام الماضي 33.26 مليار دولار، مقابل 32.01 مليار دولار في عام 2013، بزيادة بنسبة 3.9 %.

وتأتي أهمية هذا القطاع، من كونه يساهم بحوالي 20 % في المتوسط في القيمة المضافة للصناعات التحويلية، ويوظف ما يعادل 42 % من العمالة الصناعية في المغرب، وبالتالي يحظى القطاع باهتمام حكومي كبير من أجل تطويره وتحسين أدائه.

وبلغت مساهمة مبيعات النسيج والجلود بنحو 16.7 %، ضمن إجمالي الصادرات في العام الماضي، مقابل حصة متوسطة تجاوزت 17.6 % في عام 2013 ونحو 23.4 % بين عامي 2007 و2010.

غير أن الانتعاش الذي عرفه التصدير لم ينعكس على سوق العمل في فروع النسيج والملابس والجلود، إذ تلاحظ المندوبية السامية للتخطيط، أن ارتفاع الصادرات لم يشكل قوة داعمة لإحداث فرص عمل جديدة، حيث فقد القطاع 32 ألف فرصة عمل في العام الماضي، حيث تراجع عدد العاملين في صناعات النسيج بنحو 14% والملابس النسيجية 4.6 % وصناعة الأحذية 8.6 %.

ويأتي هذا في إطار التراجع الذي عرفه التشغيل في القطاع منذ 2007، إذ فقدت 119 ألف فرصة عمل بين 2008 و2014، وهو ما ترجعه المندوبية السامية للتخطيط، إلى لجوء بعض الشركات إلى التخلي عن بعض من العاملين لديها في ظل تراجع أنشطتها، لا سيما مع تفاقم آثار الأزمة الاقتصادية العالمية.

ورغم تحسن الصادرات خلال العام الماضي، فضلت بعض الشركات إرجاء زيادة عدد العاملين، بسبب ضعف الأداء الاقتصادي الذي ما زال يميز بعض الأسواق الرئيسية مثل فرنسا والبرتغال.

ولم يكن تطور صادرات صناعة النسيج بالمغرب مؤشراً على إحداث فرص عمل، وهو ما يفسر، في تصور المندوبية، بعدم التجانس الذي يميل لصالح الشركات التي تشغل عدداً أقل من العمالة في القطاع، حيث تشكل الوحدات التي توظف أقل من 6 أشخاص ما يفوق 51 % من مجموعة الشركات العاملة في القطاع، بينما لا تتعدى حصة الشركات التي تتوفر على نظام محاسباتي وتوظف أكثر من 50 شخصا نسبة 15.7%.

اقرأ أيضا: البطالة تصيب 1.16 مليون مغربي

ويتميز التشغيل في القطاع بالهشاشة على اعتبار أن 70 % من العاملين لا يحصلون على نظام للتغطية الطبية، ويتشكل معظمهم من العمالة الموسمية والعرضية، زيادة على ذلك لا يحصل أكثر من ثلاثة موظفين من بين خمسة الذين يعملون في القطاع على عقد عمل.

وفي تفسيره لهذه المفارقات التي تميز القطاع، يؤكد الاقتصادي المغربي، محمد الشيكر، لـ "العربي الجديد"، أن التشخيص الذي قامت به المندوبية، يمكن رده إلى أن "الشركات أضحت تركز على الإنتاجية أكثر على حساب اليد العاملة، حيث تعمد إلى توظيف عدد قليل من العمالة، التي تسعى إلى تعبئتها من أجل تحقيق إنتاجية أكبر".

ويؤكد الشيكر أن هذا المنحى أضحى طاغيا في استراتيجيات الشركات عبر العمل، حيث تحرص الشركات على تقليص اليد العاملة بهدف الحصول على ربح أكثر، هذا ما يفسر في جزء منه تلك العلاقة بين النمو وفرص العمل التي يتم إحداثها في اقتصاديات البلاد في الوقت الحالي.

دلالات
المساهمون