شارب السيد الرئيس

10 نوفمبر 2015
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (فرانس برس)
+ الخط -
في كل دول العالم المحترمة توجد وسائل عدة لمحاسبة كبار المسؤولين، وخصوصاً رؤساء الدول والحكومات، وتطبق هذه الوسائل وبشكل قاطع على هؤلاء المسؤولين، وخاصة في حالات إخلالهم بواجباتهم الوظيفية، وعدم الوفاء بالتعهدات التي قطعوها على أنفسهم عند تولي المنصب أو خلال الحملات الانتخابية التي خاضوها.

وتتعدد وسائل محاسبة المسؤولين، فهناك محاسبة تتم من قبل البرلمانات المنتخبة والأجهزة التشريعية بالدولة، وهناك محاسبة أكثر قسوة، من الرأي العام، وخصوصاً في حال تعهد الشخصية العامة أو المسؤول الكبير بتنفيذ وعود محددة خلال الانتخابات التي خاضها، وهناك الأجهزة الرقابية التي تحاسب المسؤول عن كل شيء بدءاً من علاقاته الشخصية ومدى تأثيرها على العمل العام الذي يمارسه، ونهاية بتعهداته التي قطعها على نفسه قبيل الانتخابات، ومروراً بذمته المالية ونفقات أسرته أثناء رحلاته الخارجية.

وبشكل عام فإنه في حالة إدانة مسؤول ما بجرم ما، فإن هناك عقوبات يتم تطبيقها عليه، وقد تصل العقوبة الصادرة ضد هذا المسؤول إلى حد العزل من منصبة أو السجن أو الغرامة الكبيرة أو التوبيخ، وهناك عشرات الأمثلة على ذلك، وكلنا نتذكر ما حدث مع بيل كلينتون في قضية مونيكا لوينسكي.

ولأنه يخشى المحاسبة الشعبية قبل الرسمية، ويخاف من الرأي العام الذي منحه صوته، فقد قطع على نفسه وعداً صعباً وهو حلق شاربه، حيث تعهد الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، أول من أمس، بحلق شاربه في حال أخفقت حكومته في الوفاء بالتزامها بتوفير مليون وحدة سكنية للمواطنين بحلول نهاية العام الجاري، أي بعد أقل من شهرين.

واللافت للنظر أن هذه التصريحات تأتي قبيل شهر واحد فقط من إجراء الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في البلاد يوم 6 ديسمبر/كانون الأول المقبل، أي أن الرجل إذا لم يكن واثقاً في تعهداته، فإنه يضع شنبه وسمعته ونفسه وحزبه في مأزق شديد في الانتخابات المقبلة، وقد يفقد أصوات الناخبين التي حصل عليها في الانتخابات الماضية، ومعها يفقد شاربه الكثيف الذي يتميز به سيادة الرئيس.

بالطبع، الحال يختلف كلية داخل المنطقة العربية، فلا يوجد من يحاسب كبار المسؤولين، وخصوصاً رؤساء الدول، على تصريحات ووعود بإقامة مشروعات كبرى، أطلقوها خلال ترشحهم في الانتخابات، وحصدوا بها أصوات الناخبين، ولا توجد برلمانات تستطيع أن تتحدث، ولو من بعيد، عن ميزانية القصور الرئاسية أو المصروفات الشخصية للسادة الرؤساء، ولا يوجد من يقول لهذا المسؤول: من أين لك في حال إذا ما وجد تضخم غير مبرر في ثروته أو في ثروة أسرته وثروة المحيطين به؟

ويدخل الرؤساء العرب والأفارقة القصور الرئاسية ويخرجوا منها، إن خرجوا أحياء، من دون أن يسألهم أحد عن ذمتهم المالية أو أوجه إنفاق الأموال المخصصة لهم من ميزانية الدولة، حتى عندما ثارت الشعوب العربية على حكامها الفسدة جاءت الثورات المضادة لتبرئ ذمة هؤلاء الحكام وتخرجهم من السجون وتعطيهم صك الغفران للاستمتاع بالمليارات التي نهبوها خلال فترة حكمهم.

اقرأ أيضاً: رئيس فنزويلا: أحلق شاربي إذا لم أسلم مليون شقة

المساهمون