الحدود المضطربة تهدّد تجارة الأردن

09 يناير 2015
الشاحنات الأردنية تتعرض لمخاطر عديدة على الحدود (فرانس برس)
+ الخط -
يعد الأردن من أكثر الدول التي تتعرض تجارتها لمخاطر عبر حدودها مع دول الجوار المضطربة، مثل العراق وسورية. وقد تكبد القطاع التجاري خسائر فادحة، بسبب السطو على الشاحنات، وعمليات التهريب، وفرض تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" إتاوات على التجار. وفي هذا الإطار، اتخذت الحكومة عدة إجراءات وتدابير للحد من الأخطار الحدودية، إلا أن الاقتصاد الأردني ما زال في فوهة اضطرابات دول الجوار.
وأكد رئيس نقابة أصحاب الشاحنات الأردنية، محمد خير الداوود، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد" أن حوالى 1500 شاحنة عربية، من بينها 40 شاحنة أردنية، عالقة منذ عدة أيام داخل الأراضي العراقية، وتحديداً عند النقطة الحدودية مع الأردن.
وقال الداوود إن عدم تمكن الشاحنات من عبور الأراضي الأردنية وخروجها من العراق حتى الآن، وعلى غير العادة، جاء بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي تفرضها السلطات العراقية منذ 20 يوما تقريبا على حركة النقل البري، والتي تشمل جميع السيارات والشاحنات؛ سواء الداخلة أو الخارجة من الأراضي العراقية.
وأضاف أن تلك الإجراءات تم فرضها، بعد تعرّض المركز الحدودي العراقي باتجاه الأردن للتفجير بسيارة صغيرة مفخخة، والذي تسبب في أضرار بشرية، ما استدعى تشديد الإجراءات الأمنية.
وأوضح أن تلك الإجراءات تتم بشكل دقيق، ما أخر دخول الشاحنات إلى الأراضي الأردنية حتى الآن، بانتظار وصول دورها للتفتيش.
ونتيجة لذلك، يعاني سائقو الشاحنات من أوضاع صعبة للغاية، خاصة مع موجة البرد القارس التي تجتاح المنطقة، وصعوبة تدبير أمورهم.
وقال الداوود إن درجة المخاطر ارتفعت على الطريق البري الذي يربط بين الأردن والعراق، وباتت حياة السائقين وممتلكاتهم في خطر، ما أثر كثيرا على حركة التجارة بين البلدين، التي تراجعت بشكل كبير.

وأشار إلى أن قطاع الشاحنات الأردني، ووفقا لآخر التقديرات، حقق خسائر تراكمية، بسبب الاضطرابات في كل من سورية والعراق بحوالى 300 مليون دولار، ما ألحق ضررا كبيرا بأصحاب الشاحنات والسائقين.
يشار إلى أن نحو 2500 شاحنة من أصل 17 ألف شاحنة في الأردن، تعمل على الخط البري بين الأردن والعراق.
وما زال بعض المصدرين الأردنيين يشتكون من فرض تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" رسوما على الشاحنات المتجهة إلى العراق، بما يقدر بنحو 400 دولار عن كل شاحنة، لقاء السماح لها بالمرور إلى وجهتها.
ومن جانب ثان، قال رئيس غرفة تجارة مدينة الرمثا الأردنية المحاذية للحدود السورية، عبدالسلام ذيابات، لـ"العربي الجديد" إن تجارة البحارة بين الأردن وسورية انتهت، ولم تعد قائمة منذ سنوات، بسبب الأزمة السورية، ما شل الحركة الاقتصادية شمال البلاد، وكبّد القطاع التجاري فيها خسائر كبيرة.
و"تجارة البحارة" مصطلح شائع في الأردن منذ عقود، ويعني قيام مجموعة من التجار الأردنيين بتهريب السلع، وخاصة الغذائية والسجائر، من سورية إلى البلاد بواسطة سيارات مخصصة لذلك تعبر الصحراء والأراضي الخالية بين البلدين من خلال الحدود، بعيدا عن المركز الجمركي ومنفذ العبور الرسمي. ويسميها البعض تجارة التهريب.
وأضاف الذيابات، "ازدهرت تجارة البحارة بين الأردن وسورية بشكل كبير منذ عقود طويلة، حيث كان آلاف السائقين الأردنيين ينقلون البضائع، وخاصة الغذائية منها، من سورية إلى بلادهم من خلال منافذ على الحدود، تهرباً من الجمارك والرسوم".
وبحسب مواطنين من مدينة الرمثا، فإن غالبية السلع كان يتم تهريبها من خلال طرق ترابية أو ممرات في الأراضي الخالية، وبموجب أساليب غاية في الدقة امتهنها البحارة.
وقال رئيس غرفة تجارة الرمثا إن "البحارة" كانت أهم منابع التجارة للأردن، وخاصة السلع الغذائية، وعمل فيها أكثر من 1500 سيارة أردنية صغيرة وشاحنة تعبر الحدود بين البلدين يوميا، ويعيش من ورائها عدد كبير من الأسر، مشيراً إلى توقف حوالى 4 آلاف محل تجاري في مدينة الرمثا.
وأضاف أن قيمة البضائع التي كانت تدخل عن طريق البحارة يوميا للأردن من سورية، تقدّر بأكثر من مليوني دولار، وغالبيتها من السلع الغذائية، ما أحدث نشاطاً تجارياً شمال البلاد، استفاد منه جميع المواطنين، من حيث توفر السلع بأسعار مناسبة وجودة عالية.
ودائما ما كانت تجارة البحارة مدار شكوى من القطاع الصناعي الأردني، الذي طالب بوضع حد لها، حيث كانت تؤثر على المنتجات المحلية التي لم تستطع منافسة السلع السورية المهربة.
وقال إنه بعد الأزمة السورية وتدهور الأوضاع الأمنية، لم تعد تجارة البحارة قائمة الآن بين البلدين، ما شل الحركة التجارية في مدينة الرمثا، وانعكس ذلك على السوق الأردني بشكل عام، حيث كانت البضائع السورية من لحوم وحلويات مفضلة بالنسبة للأردنيين، وأصبحت المحلات شبه خاوية ويعاني أصحابها من أزمة كبيرة في هذا الإطار.
وأضاف ذيابات أن التجارة الاعتيادية بين البلدين انخفضت بشكل كبير بين البلدين، ولا تتجاوز ما نسبته 5% من إجمالي التجارة التي كانت قائمة بينهما قبل الأزمة. وأوضح أن أيا من السائقين لا يستطيع العودة إلى تجارة البحارة حاليا؛ لارتفاع المخاطر الأمنية.
وكانت واردات الأردن من سورية تتجاوز 400 مليون دولار سنويا قبل الأزمة.
وأشار الذيابات إلى أن الأضرار لحقت أيضا قطاع النقل وشركات التخليص التي يبلغ عددها 400 شركة، يملكها أردنيون، وقد توقفت عن العمل، بسبب الحرب السورية.
وفي توصيفه للأوضاع المأساوية في شمال البلاد، وخاصة في الرمثا، قال رئيس غرفة التجارة إن هناك حالة من الفوضى في المدينة التي ارتفع سكانها من 140 ألفا إلى 250 ألفا، بسبب اللاجئين السوريين، وتخلي المجتمع الدولي عن القيام بدوره لمساعدة الأردن في تلبية احتياجاتهم، كما ارتفعت معدلات البطالة في المدينة.
المساهمون