⁨مسودة تعريفات جمركية أوروبية ضد الصين.. نذر أزمة لأوروبا وفخ انكماش لبكين⁩

21 اغسطس 2024
السيارات الصينية في مهب ريح التعريفات الأوروبية 15 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **التعريفات الجمركية الأوروبية على السيارات الكهربائية الصينية**: أعلنت المفوضية الأوروبية عن فرض تعريفات جمركية إضافية تتراوح بين 9% و36.3% على السيارات الكهربائية الصينية، بسبب اتهام الصين بدعم غير لائق لمصنعي السيارات، مما يهدد المصنعين الأوروبيين.

- **رد الصين على التعريفات الجمركية الأوروبية**: رفضت الصين مسودة بروكسل وتعتزم الانتقام بفرض تعريفات عقابية على بعض السلع الأوروبية، مثل منتجات الألبان، مع إمكانية تجنب التعريفات من خلال حوار بناء.

- **التحديات الاقتصادية في الصين**: تواجه الصين خطر الانكماش الاقتصادي بسبب الإفراط في الإنتاج الصناعي، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار وإفلاس الشركات، ويتوقع الخبراء استمرار الأزمة حتى عام 2026.

بعد فشل محاولات التوصل إلى اتفاق خلال المفاوضات مع الصين، نشرت المفوضية الأوروبية، أمس الثلاثاء، مسودتها النهائية بشأن تعريفات جمركية إضافية مخطط فرضها على السيارات الكهربائية الصينية، والتي ستبدأ من 9% وتصل إلى 36.3%، والمتوقع أن تدخل حيز التنفيذ نهاية أكتوبر/ تشرين الأول على أبعد تقدير، ولمدة 5 سنوات. ويأتي ذلك على خلفية اتهام بروكسل للصين بدعم المصنعين هناك بشكل غير لائق، ما يمكن أن يتسبب في إلحاق الضرر بالمصنعين الأوروبيين، والذي قد يتمثل بإغلاق الشركات وتسريح العمال، بفعل المنافسة غير العادلة، وبإغراق السوق الأوروبية بالسيارات الكهربائية الصينية الرخيصة.

ومع رفضها مسودة بروكسل، وتطلعها لعمل الجانب الأوروبي معها بطريقة عقلانية لتجنب تصعيد النزاعات التجارية، تعتزم الصين الانتقام بفرض تعريفات عقابية على بعض السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي. وتفيد التقارير بأن الحكومة في بكين ستستهدف منتجات الألبان الأوروبية الواردة للسوق الصينية، حتى إن وزارة التجارة في الصين أوضحت، اليوم الأربعاء، أنه تجري دراسة الدعم في إطار السياسة الزراعية المشتركة لدول الاتحاد الأوروبي، وكذلك البرامج الوطنية في كل من أيرلندا والنمسا وبلجيكا وإيطاليا وكرواتيا وغيرها، وكلها تستند إلى شكوى من الشركات الصينية المصنعة لهذه المنتجات.

وبحسب المعلومات الواردة من بروكسل، فإن الأمر قد يثير أيضاً توترات داخل دول الاتحاد الأوروبي، في دول مثل إسبانيا، التي تعتبر أهم مصدر للحوم الخنزير إلى الصين، حيث ستتضرر بشدة من فرض تعريفات جمركية انتقامية، وهو الحال نفسه مع دول أخرى، تصدر شركاتها الكحول والصناعات الغذائية وغيرها إلى الصين.

ووفقاً للمعلومات المتاحة، لا يزال من الممكن تجنب فرض تعريفات جمركية على الصين، حيث قال رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي، والمنتمي إلى الحزب الاشتراكي بيرند لانغه إن الوقت قد حان لإجراء حوار بناء وإيجاد حل مشترك، وإنه سيكون هناك المزيد من المناقشات مع الشركات والمفاوضات مع الجانب الصيني حول التخفيض المحتمل للدعم غير القانوني للشركات من قبل الحكومة الصينية.

تعريفات جمركية تقترب بالصين من فخ الانكماش

وبحكم أن الصين تكافئ شركاتها إذا ما قامت بتعزيز الإنتاج الصناعي، عن طريق تحمل السلطات مبالغ هائلة من الديون يقال إنها تتراوح حالياً بين سبعة إلى ثمانية تريليونات دولار، يوجد اعتقاد راسخ لدى محللين اقتصاديين بأن الإفراط في الإنتاج داخل الصين قد يشكل خطراً، وينذر بانكماش كبير على الاقتصاد الصيني، في ظل الأزمة المستمرة في البلاد.

 وبحسب ما ذكر موقع واتسون، فان ذلك أخطر من التضخم، رغم أن هناك تقارير تفيد بأن التعافي السريع مجرد مسألة وقت، في بلد خلق أعظم معجزة اقتصادية في تاريخ البشرية في العقود الأخيرة. ويشكو مصنعو السيارات الألمان والفرنسيون من الركود الذي أصاب الطبقة المتوسطة الصينية، حيث تراجعت مبيعات فولكسفاغن وبورشه بنسبة 30% العام الماضي. وفي السياق، اعتبر خبراء أوروبيون أن سوق العمل الصينية ما زالت تعاني، حيث خسر العديد من الصينيين أموالاً في العقارات، وأن الأزمة لن تنتهي حتى عام 2026 على أبعد تقدير. ومقارنة بالعام الماضي، انخفضت أسعار العقارات بنحو الربع.

واعتبر الخبير في مجال الصناعات الكهربائية والطاقة الشمسية كريستوف لوف، في حواره مع "العربي الجديد" أنه من السهل فهم أسباب الأزمة، حيث تنتج بكين في العديد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية أكثر بكثير مما تستطيع أسواقها المحلية والأجنبية استيعابه، والمثال على ذلك سوق الألواح الشمسية، فالصين ليست فقط رائدة السوق العالمية بلا منازع، ولكنها تنتج أضعاف عدد الألواح التي يمكن للأسواق المحلية والدولية استيعابها. وأشار إلى أن ألواح الطاقة مكدسة في المستودعات الألمانية، وأن الأسعار باتت تنافسية بين الشركات، كما أعلنت العديد من الشركات في أوروبا إفلاسها، وهو ما ينطبق أيضاً على الروبوتات الصناعية البسيطة، التي تفوقت فيها على اليابان.

وفي السياق، ذكرت تقارير اقتصادية أن هناك خطراً في أن يقع اقتصاد بكين في حلقة مفرغة من انخفاض الأسعار والإفلاسات وإغلاق الشركات وفقدان الوظائف والدخول في مرحلة كساد. وأشارت إلى أنه يمكن تلخيص جذور المشكلة في أن الحزب الشيوعي الصيني كان يعمل تقليدياً على تشجيع الإنتاج الصناعي وإهمال الإستهلاك الخاص، وبالتالي تجاهل احتياجات المستهلكين. وعليه، فان هذا الإنتاج الزائد له عواقب على الاقتصاد بأكمله، لأن الإفراط فيه يؤدي عموماً إلى انخفاض في الأسعار، ويمكن أن ينزل بمعدل التضخم إلى الصفر، فضلاً عن ارتفاع خدمة ديون القطاع الخاص إلى مستويات قياسية، وهذا بدوره يقوض ثقة المستهلك، ويضعف السوق المحلية، ويزيد من خطر وقوع التنين الصيني في فخ الانكماش.

المساهمون