حذّر وزير المالية العراقي علي علاوي، خلال جلسة استضافته في البرلمان، اليوم الاثنين، والتي شهدت مناقشة مقترحات بشأن خفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، من "فوضى مالية" في حال تغيير سعر صرف العملة بصورة غير مدروسة، مقترحاً منحة مالية للفئات الضعيفة.
وعقب جلسة الاستضافة التي عقدت اليوم، أكدت الدائرة الإعلامية للبرلمان، في بيان لها مساء الاثنين، أن "الوزير أكد في شرح مفصل أن تغيير سعر الصرف الذي اتخذته الحكومة كان على خلفية تدهور أسعار النفط العالمية بتأثير جائحة كورونا، وتراجع في حجم صادرات النفط العراقي، فضلاً عن عدم إقرار موازنة عام 2020 بسبب استقالة الحكومة، ما أدى إلى أزمة مالية خانقة حالت دون سداد رواتب الموظفين والمتقاعدين، مما دفع مجلس النواب إلى تمرير قانوني تمويل العجز بمبلغ 27 تريليون دينار".
وحذر من أن "إعادة النظر في سعر الصرف للعملة بصورة غير مدروسة يؤدي إلى فوضى مالية على غرار بعض الدول، ولهذا كان التوجه إلى تحديد سعر صرف الدينار العراقي بشكل مريح لحمايته من أي تغييرات خارجية بخطوة استباقية وصائبة، بالتنسيق مع البنك المركزي ودراسته مع رئيس الحكومة ورؤساء الكتل السياسية، وأطراف أخرى، إضافة إلى دعم صندوق النقد الدولي بشأن تغيير السعر بنسبة معقولة".
وأوضح الوزير أن "مسودة قانون الموازنة للعام 2021 ركزت على حماية الفئات الهشة في المجتمع وتطبيق بعض عناصر الورقة البيضاء (ورقة للإصلاح الاقتصادي قدمها رئيس الحكومة)، وزيادة الواردات غير النفطية، ومعالجة الوزارة لتلك الفئات من خلال تخصيص أكثر من 9 تريليونات دينار للمساعدة في زيادة مخصصات الحماية الاجتماعية، وتحسين مفردات الحصة التموينية التي توزع على المواطنين، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة للشباب، بالإضافة إلى زيادة معاشات المتقاعدين ومخصصات الشهداء والسجناء السياسيين".
وأكد أن "منافع تخفيض قيمة الدينار العراقي زادت من إيرادات الحكومة بنسبة 23%، ومنها تعظيم الأموال التي تخصص لتمويل مشاريع الإعمار، ويسمح للحكومة بالاستجابة للزيادة الحاصلة في احتياجات المواطنين، ويسهم في تقوية ميزان المدفوعات للبلد ويجنبه المخاطر، إضافة إلى دعم صندوق النقد الدولي لعملية التخفيض كونه سيقوي الوضع المالي للعراق، خاصة القدرة التنافسية للقطاع الخاص، مقابل الاستيرادات الأجنبية الرخيصة الثمن، وأنعشت الاستثمارات الأجنبية كنتيجة مباشرة لتطور الوضع المالي والاقتصادي الذي يشهد تعافياً واستقرار الأسواق".
وأشار إلى أن "ارتفاع الأسعار في الأسواق العراقية لم يكن بسبب تخفيض سعر صرف الدينار فقط، بل نتيجة لزيادة أسعار الغذاء العالمية منذ عام 2020"، موضحاً أن "ارتفاع أسعار النفط عالمياً فيه فائدة للعراق، وبذات الوقت يؤثر على احتياجاته من المواد الغذائية والمشتقات النفطية واستيراد الغاز الذي يستخدم لتوليد الكهرباء بنسبة 30%"، منوهاً إلى "تقليل الدين العراقي الخارجي بقيمة 4 مليارات دولار سنة 2021".
واقترح علي علاوي "دعم الشرائح الهشة في المجتمع عبر تخصيص منحة مباشرة توزع عن طريق الحصة التموينية، أو الرعاية الاجتماعية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خاصة في المناطق الريفية نتيجة لتحقق الوفرة المالية الناتجة عن زيادة أسعار النفط".
وشدد على أنه "ليس بالإمكان في الوقت الحاضر تغيير سعر الصرف، كونه حقق استقراراً في الاقتصاد العراقي، وأن تغييره مرتبط بارتفاع الوفرة المالية الملبية للطموح".
من جهته، أكد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، خلال الجلسة، أن "خلفية تغيير سعر الصرف كانت بسبب جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط وشح الواردات العراقية، وما تسبب بأزمة مالية لم تتمكن حينها الحكومة العراقية من سداد التزاماتها تجاه الموظفين والمتقاعدين"، مبيناً أن "الحلول المطروحة حينها حددت بعدة خيارات، منها تخفيض رواتب الموظفين بنسبة 30% وتسريح عدد من الموظفين وإحالتهم إلى التقاعد إجبارياً، لكن مجلس النواب اختار تعديل سعر الصرف الذي حقق إيرادات للدولة بلغت 22 تريليون دينار وأوجد حلاً للمشكلة".
ودعا وزارة المالية إلى "إيجاد الحلول الناجعة لتعظيم الواردات المالية التي تمكن الدولة من إعادة قيمة الدينار العراقي، والعمل على تقديم رؤية جديدة لمعالجة الآثار السلبية التي نتجت عن تغيير سعر الصرف على أن تقدم إلى المجلس خلال فترة أسبوعين".
يشار إلى أن ملف تغيير سعر الصرف، والذي أقدمت عليه حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بداية تشكيلها، اعتمدت سعرا جديدا للدينار العراقي، أمام الدولار، بواقع 1450 ديناراً عراقياً للدولار الواحد، بعد أن كان 1220 ديناراً للدولار، ضمن ما وصفتها بالسياسة الإصلاحية للحكومة، أثر على رفع أسعار البضائع في السوق المحلية.