وزير السياحة التونسي لـ"العربي الجديد": العائدات انخفضت 64.5% بسبب كورونا والتوتر السياسي غير مؤثر
قال وزير السياحة التونسي الحبيب عمار، في مقابلة مع "العربي الجديد"، إن حظوظ بلاده تبقى قائمة لإنقاذ الموسم السياحي هذا العام بعد إعلان السلطات الصحية عن خطة لتوفير اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، مشيراً إلى أن الوباء خلق بدائل سياحية جديدة.
وإلى نص المقابلة:
- جمدت جائحة فيروس كورونا الكثير من الأنشطة الاقتصادية ومنها السياحة على وجه الخصوص، فما هو حجم الخسائر الناجمة عن الوباء؟
للجائحة تأثير كبير على السياحة العالمية وليس التونسية فحسب، حيث بلغت خسائر إيرادات السياحة دولياً نحو 730 مليار دولار، كما تراجع عدد السياح في العالم أكثر من 70%، وهي تقريبا نفس الأرقام المسجلة في تونس وفي أغلب الوجهات السياحية.
وفي تونس، شهدنا خلال عام 2020 تراجعاً حاداً في المؤشرات السياحية، بسبب تفشي كورونا في العالم، وسجلنا انخفاضا في عدد الوافدين بنسبة 78% وتراجعت العائدات بنحو 64.5% وكذلك تراجعت نسبة الليالي السياحية التي يقضيها الزائرون 80%، لكن في كل أزمة هناك فرصة للإصلاح والتطوير، وهذا ما نسعى إلى تحقيقه عبر إعادة بناء منوال جديد للسياحة التونسية.
- يربط كبار متعهدي الرحلات العالمية برمجة الأسواق السياحية بسياسة البلدان لمكافحة كورونا عبر توفير اللقاحات المضادة للفيروس، فأي حظوظ لتونس اليوم لإنقاذ الموسم السياحي القادم في ظل تأخر حملات التطعيم إلى الربع الثاني من السنة؟
حظوظ تونس تبقى قائمة لإنقاذ الموسم السياحي القادم خاصة بعد وضع وزارة الصحة لاستراتيجية وطنية للتلقيح وهي استراتيجية طموحة. وستنطلق عملية التلقيح بموجبها أواسط شهر فبراير/ شباط الجاري، وهو تاريخ يبعث برسائل طمأنة لمتعهدي الرحلات في العالم بأن تونس ستكون جاهزة لاستقبال السياح من جديد خلال الأشهر القادمة.
- ما هي خطة وزارة السياحة لإنقاذ الموسم على المدى القريب؟
منذ ظهور تداعيات الجائحة، في إبريل/ نيسان 2020، حرصت وزارة السياحة على أن تكون سباقة في وضع خطة عمل على المدى العاجل لإنقاذ القطاع السياحي من الانهيار ومساعدة العاملين فيه. ومكنت هذه الخطة في مرحلة أولى من اتخاذ جملة من القرارات الحكومية، ذات صبغة اجتماعية ومالية وجبائية، لفائدة القطاع بهدف تقليص حدة تأثير الجائحة، بعد التوقف الكلي للنشاط السياحي، وتمكين المؤسسات السياحية من استرجاع نشاطها بعد فترة كورونا.
- لكن أغلب المؤسسات السياحية تواجه اليوم تصلبا من البنوك في مساعدتها في الحصول على قروض جديدة أو إعادة جدولة قروض سابقة ما يهدد بغلقها نهائيا فكيف سيتم تجاوز هذا الاشكال؟
فعلا شهدت القرارات المعلن عنها لفائدة القطاع في مايو/ أيار 2020، تعطّلا في تنفيذها، باعتبار أن أغلبها كان مرتبطاً أساسا بمدى انخراط البنوك التونسية في عملية توفير القروض، مما استوجب إصدار قرارات أخرى أكثر فاعلية تضمنها قانون المالية (موازنة) العام الجاري 2021، إلى جانب إعادة فتح المنصة الإلكترونية للإحاطة بالمؤسسات المتضررة من الوباء.
وهذه الإجراءات ستساهم في التخفيف من حدة الجائحة على العاملين في القطاع السياحي، على أمل استرجاع السياحة التونسية لنشاطها خلال الأشهر القليلة المقبلة، خاصة بعد ظهور اللقاحات المضادة لهذا الوباء.
- ماذا عن دعم العمال في قطاع السياحة، وهل هناك حصر دقيق لأعداد المسرحين؟
الدعم الحكومي للقطاع شمل المؤسسات السياحية وأيضا العمال وكل المساعدات التي حصلت عليها الُنزل والمؤسسات السياحية تم ربطها بالحفاظ على مواطن الشغل (فرص العمل) أو التسوية القانونية للعمال بالتعويض أو الإحالة على البطالة الفنية من أجل حفظ حقوقهم كطاقة بشرية مهمة للقطاع.
وفي ما يتعلّق بعدد المسرحين أو المحالين إلى البطالة الفنية فسيتم تحديد الرقم بعد انتهاء آجال التسجيل على المنصة الإلكترونية للاحاطة بالمؤسسات المتضررة وضبطه من قبل الهياكل المهنية ووزارة الشؤون الاجتماعية.
- يرى مسؤولون وخبراء في القطاع أن صناعة السياحة في فترة ما بعد كورونا لن تكون ذاتها قبل الجائحة، ماذا أعدّت الوزارة للتحديات الجديدة المطروحة على القطاع في ظل التوقعات بأن مخلفات الجائحة الصحية ستمتد إلى سنوات قادمة؟
بالفعل، السياحة في العالم ستكون حتما مغايرة لما كانت عليه بسبب ما خلفته الأزمة الصحية وما فرضته من إجراءات جديدة، فطلبات السياح ستكون مغايرة تماما، وكذلك الوجهات السياحية، حيث ستوجه هذه الطلبات نحو وجهات سياحية تمكنت من السيطرة على تفشي الوباء ولديها استراتيجية واضحة للتلقيح، كما سيكون التوجه نحو منتجات سياحية بديلة وبعيدة عن الأطر المغلقة في مرحلة أولى.
لكن ستظل السياحة الشاطئية وسياحة الفنادق العمود الفقري للسياحة التونسية، وهو ما يستدعي تأهيل هذا القطاع وتدعيمه عبر تنويع المنتج السياحي. وفي هذا الإطار، وضعت وزارة السياحة، بالشراكة مع مهنيي قطاع السياحة والصناعات التقليدية خطة عمل استراتيجية ومتكاملة تهدف إلى تدعيم استدامة القطاع السياحي وإعادة هيكلته بما يتماشى والمتطلبات الجديدة للسياحة العالمية بهدف إضفاء صلابة للقطاع والتخفيف من حدة تأثره بالأزمات إلى جانب مراجعة الأطر القانونية والتشريعية لتطوير السياحة البديلة لمواكبة التطور الحاصل في هذا المجال.
- هل هناك بوادر عن عودة قريبة للاستثمار السياحي؟ وما هي نوعية المشاريع المطروحة وقيمتها وجنسية المستثمرين؟
بوادر عودة الاستثمار في القطاع السياحي موجودة بالفعل. فبالرغم من جائحة كورونا، لا تزال ثقة المستثمرين الأجانب والتونسيين في قطاع السياحة موجودة. فقد سجلنا في 2020، رقما قياسيا في نوايا الاستثمار في القطاع ليبلغ مليار دينار (750 مليون دولار) وهو أكثر بمرتين من نوايا الاستثمار المسجلة في 2019، مما يؤكد أهمية القطاع السياحي في دفع التنمية وإحداث المشاريع وخلق مواطن الشغل، كما يعكس الصورة الجيدة لتونس بالخارج، وهو ما شجع العديد من العلامات الكبرى والعالمية لإقامة منتجعات سياحية في تونس على غرار سلسلة "أنترا" و"ماريوت" و"راديسون" و"فور سيزون" وغيرها.
- أظهرت السياحة البديلة (دور الضيافة، الإقامات الريفية) قدرة على الصمود النسبي في مواجهة كورونا، فأي مستقبل لهذا المنتج السياحي الجديد؟
نحن نولي أهمية خاصة للسياحة البديلة وهي التوجه الجديد الذي ستنهجه الوزارة في الاستراتيجية المستقبلية للنهوض بالقطاع السياحي. وكما ذكرت آنفا، نحن بصدد مراجعة الأطر القانونية التي تنظم قطاع السياحة البديلة وخاصة مشاريع الإيواء السياحي البديل على غرار الإقامات الريفية ودور الضيافة وذلك بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية على غرار وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري. هذا المنتج سيكون له مستقبل كبير وسنعمل على دعم المشاريع في هذا المجال وتقديم الإحاطة اللازمة للمستثمرين لبعث مشاريعهم.
- تعد السوق المغاربية (الجزائرية ـ الليبية) من أهم الأسواق لسياحة تونس. هل هناك تخطيط لإنقاذ الموسم الحالي عبر هاتين السوقين؟
السوق المغاربية تعد من أهم الأسواق بالنسبة للوجهة التونسية ولطالما كانت من الأسواق المنقذة للسياحة التونسية. فقد سجلنا خلال 2019 توافد حوالي 2.9 مليون سائح جزائري وحوالي 1.9 مليون سائح ليبي والأرقام كانت مرجحة للارتفاع في 2020 لكن جائحة كورونا حالت دون ذلك.
ونحن بصدد وضع خطة ترويجية متكاملة خاصة بالسوق المغاربية لحث الأشقاء الجزائريين والليبيين على زيارة تونس بأعداد كبيرة خلال فترة ما بعد كورونا، لكن في الوقت الحالي نتمنى لأشقائنا تجاوز هذه الأزمة في أقرب الآجال.
- ما هي توقعاتكم بخصوص الحجوزات للموسم الصيفي القادم؟
مع ظهور اللقاحات ووضع وزارة الصحة التونسية لاستراتيجية وطنية للتلقيح واضحة المعالم، نأمل أن يعود النشاط السياحي والرحلات على المستوى العالمي وسيكون له انعكاس إيجابي على السياحة التونسية ونحن كلنا ثقة بأن الحجوزات سترتفع شيئا فشيئا مع انقشاع هذه الجائحة.
والعلاقة المهنية مع كبار متعهدي الرحلات في العالم طيبة ومتينة، كما أن لتونس تمثيليات في عدد الدول التي تمثل أسواقا هامة بالنسبة لبلادنا بالإضافة إلى مجهودات مهنيي القطاع السياحي في توطيد العلاقات مع نظرائهم في العالم للحفاظ على الوجهة التونسية.
- بدأت بعض الدول المجاورة ولا سيما الجزائر في ترتيبات عودة السياحة الدينية (العمرة) ماذا بالنسبة لتونس؟
نفس الشيء بالنسبة لتونس، انطلقنا في ترتيبات عودة العمرة. وفي هذا الإطار، تلقينا العقود الأولية للعمرة من قبل بعض وكالات الأسفار التي تنشط في هذا القطاع ويتم المصادقة على هذه العقود تباعاً في انتظار تحديد المبلغ المخصص للعمرة لهذه السنة من قبل مصالح البنك المركزي التونسي.
- إلى أي مدى يمكن أن يتأثر القطاع السياحي بالتوتر السياسي والاجتماعي في البلاد، وما هي انعكاسات ذلك على صورة الوجهة التونسية في الخارج وقدرتها التنافسية؟
التوترات السياسية والاحتجاجات ليست ظاهرة تقتصر على تونس فقط، بل هي ظاهرة عالمية موجودة في أكبر الدول الديمقراطية. وتونس تعتبر ديمقراطية ناشئة والتجربة التونسية لاقت استحسان العديد من الدول، والبلد يتمتع بسمعة طيبة على الصعيد العالمي وأنا على يقين بأن هناك تفهما عالميا لما تمر به بلادنا وتعاطفا مع التجربة التونسية.