هل بات العالم أكثر اتزاناً؟

17 يناير 2019
سياسات ترامب خلطت الأوراق (Getty)
+ الخط -
* يهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب منتصف الأسبوع الجاري بتدمير الاقتصاد التركي، ومعه يتوقع البعض حدوث انهيار للأسواق التركية والليرة على غرار أغسطس 2018، وتمر الساعات ولا نشهد سقوطاً مدوياً للعملة التركية، بل شهدت تحسنا، وواصلت الدولة التركية جذب المزيد من السياح والاستثمارات الأجنبية وزيادة الصادرات.

* يرفض البرلمان البريطاني خطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي المعروف اختصارا باسم "بريكست" فيتوقع البعض حدوث تهاو للجنيه الإسترليني، ووقوع أزمات عنيفة للاقتصاد وهروب للأموال من حي لندن المالي، ويستشهد هؤلاء بتوقعات كبرى المؤسسات المالية والتقرير الأخير الصادر عن البنك المركزي البريطاني "بنك أوف إنغلاند"، وتمر الساعات ولا نرى مثل هذا الانهيار، بل نشهد عودة الإسترليني للارتفاع ليصل سعره أمام اليورو لأعلى مستوياته منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كما نشهد كذلك ارتياحا لدى المستثمرين والمؤسسات المالية التي كانت تتوقع السيناريو الأسوأ وهو مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق.

* تغلق الحكومة الأميركية أبوابها لمدة تقترب من 4 أسابيع بسبب خلاف بين ترامب والكونغرس حول 5 مليارات دولار قيمة مخصصات طلبها الرئيس الأميركي لبناء الجدار العازل، فتسير الحياة بشكل عادي دون انهيار أسواق وول ستريت أو غيرها من أسواق المال.

* يشن ترامب حربا تجارية شرسة ضد شركائه التجاريين خاصة الصين والاتحاد الأوروبي، وبعدها يتوقع العالم نشوب حرب عملات، خاصة بين الدولار واليوان الصيني، تهدد الاقتصاد العالمي، فلا تحدث حرب عملات وتعود كل الأطراف لدائرة التفاوض المباشر كما جرى بين الصين وأميركا قبل أيام.

* يفرض ترامب عقوبات اقتصادية عنيفة على إيران وحظراً شاملاً على النفط الإيراني، وترد طهران مهددة بإغلاق مضيق هرمز الذي يتم من خلاله نقل ثلث النفط العالمي، وبعدها يتوقع البعض انهيار الاقتصاد الإيراني خلال ساعات من تطبيق العقوبات الأميركية فلا يحدث مثل هذا الانهيار، بل تواصل إيران تصدير نفطها خاصة لدول جنوب شرق أسيا وفي المقدمة الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية.

* تتوقع مؤسسات عالمية كبرى حدوث أزمة مالية عالمية في العام 2018 على غرار أزمة 2008 التي عصفت بالقطاعات المالية والمصرفية العقارية في الولايات المتحدة ثم أمتدت لأسواق العالم، فإذا بالعام يمر دون حدوث مثل هذه الأزمة التي كبدت اقتصادات العالم تريليونات الدولارات قبل 10 سنوات، والجديد ترحيل توقعات الأزمة للعام الحالي إذا استمر تراجع أسعار النفط والحرب التجارية بين أميركا والصين وتباطؤ الاقتصاد العالمي.

هل بات العالم أكثر هدوءاً واتزاناً في معالجة القضايا الخلافية من ذي قبل خاصة تلك المتعلقة بالاقتصاد؟ أم أدرك العالم أن التفاوض وليس التشنج هو ما يحقق المصالح الاقتصادية المشتركة، وأن الحروب العسكرية والاقتصادية لا تلحق سوى الدمار والفقر وضياع ثروات الدول والشعوب، وأن الواقع والمصالح هي من تحدد مستقبل المعارك الحالية.
المساهمون