هبوط محدود للأسهم الإسرائيلية بعد الهجوم الإيراني... وموازنة الدفاع الأكثر تضرراً

15 ابريل 2024
من أحد أسواق نتانيا، وسط إسرائيل، الجمعة الماضي (عمير ليفي/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- إيران تشن هجومًا غير مسبوق على إسرائيل ردًا على غارة إسرائيلية، مستخدمةً مئات الطائرات المسيرة والصواريخ، مما أدى إلى استنفار دفاعي إسرائيلي كبير وإنفاق 4-5 مليارات شيكل في ليلة واحدة.
- التكاليف التي تحملتها إيران لشن الهجوم لا تتجاوز 10% من التكاليف الدفاعية الإسرائيلية، مع تباين في التصريحات حول فاعلية الهجوم وإعلان إيران عن نجاحها في استهداف قاعدة جوية.
- الهجوم يؤثر بشكل واضح على الاقتصاد الإسرائيلي وميزانية الدفاع، مما قد يؤدي إلى زيادة الاستدانة والحاجة لخفض الإنفاق في بنود أخرى، بينما تستفيد قطاعات مثل التكنولوجيا والدفاع من الوضع الراهن.

بدت تكاليف الدفاع في إسرائيل الأكثر حضوراً في المشهد الاقتصادي، بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته إيران باستخدام مئات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز على دولة الاحتلال في وقت متأخر من مساء السبت، رداً على غارة إسرائيلية على قنصلية إيران في دمشق مطلع الشهر الجاري أسفرت عن مقتل أكثر من 12 شخصاً، بينهم سبعة ضباط في الحرس الثوري.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن المستشار المالي السابق لدى رئاسة الأركان الإسرائيلية رام أميناخ قوله إن إسرائيل أنفقت ما بين 4 و5 مليارات شيكل (1.06 و1.32 مليار دولار) خلال ليلة واحدة من أجل التصدي للهجوم الذي أطلقته إيران باستخدام مئات المسيّرات والصواريخ.

وقال أميناخ إن التكلفة تشمل فقط التصدي للمسيّرات والصواريخ دون إدراج الخسائر الميدانية، والتي أعلن الجيش الإسرائيلي أنها طفيفة، موضحاً أنّ كلّ صاروخ من "نظام آرو" الذي يستهدف الصواريخ الباليستية يكلف نحو 3.5 ملايين دولار، وتدفع إسرائيل نحو مليون دولار لكلّ صاروخ في نظام "مقلاع داود" الخاص باعتراض صواريخ كروز، إضافة إلى تكاليف تشغيل الطائرات المكلفة باستهداف المسيّرات.

في المقابل، أشار أميناخ إلى أن التكاليف التي تحمّلتها إيران لشن الهجوم لا تتجاوز نحو 10% فقط مما تكبدته منظومة الدفاع الإسرائيلية. وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري، قد كشف عن إطلاق نحو 350 صاروخاً وطائرة مسيّرة من إيران على إسرائيل، مشيراً إلى اعتراض 99% منها.

وتحدث هغاري عن حدوث ضرر طفيف في قاعدة " نيفاتيم" الجوية في بئر السبع جنوبي إسرائيل، وأنه جرى اعتراض 25 صاروخاً من أصل 30 صاروخ كروز، ومن بين أكثر من 120 صاروخا باليستياً، لم يخترق سوى عدد قليل منها إسرائيل.

لكن وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا" ذكرت أن نصف الصواريخ التي أُطلقت باتجاه إسرائيل أصابت أهدافها بنجاح. وقالت إن القوات الإيرانية استهدفت بنجاح قاعدة جوية إسرائيلية في النقب باستخدام صواريخ "خيبر"، مشيرة إلى أن تلك القاعدة كانت منطلقاً للهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق.

وقال قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي إن الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية تمكنت من عبور الدفاعات الجوية الإسرائيلية، مضيفاً أنّ الهجوم الإيراني أدى إلى تدمير موقعين عسكريين إسرائيليين مهمّين.

ووسط التباين بين التصريحات الإسرائيلية والإيرانية حول فاعلية الهجوم، فإن المستشار المالي السابق في رئاسة الأركان الإسرائيلية يشير إلى أن هذه النوعية من الهجمات تترك آثاراً واضحة على تكاليف الدفاع في إسرائيل، مشيراً إلى أنّ ميزانية الدفاع بلغت العام الماضي 2023 نحو 60 مليار شيكل (15.9 مليار دولار).

وفي السياق، قال كبير الاقتصاديين السابق في وزارة المالية، يوئيل نيف، في تصريحات لـ"يديعوت أحرونوت" إن ارتفاع ميزانية الدفاع له آثار كبيرة جداً على الاقتصاد الإسرائيلي، وقد يؤدي ذلك إلى وضع لن نكون قادرين فيه على تمويلها، مشيراً إلى أن تصاعد الإنفاق يتطلب زيادة الاستدانة ومن ثم ستزداد نفقات الفائدة كثيراً لأن الدين سيرتفع إلى مستويات كبيرة جداً.

وأضاف نيف: "مثل هذا العبء الإضافي الكبير للإنفاق الدفاعي على مدى فترة طويلة من الزمن قد يضر أيضاً بإمكانيات النمو لدينا". وتابع: "إذا كنا نتحدث حقاً عن زيادة كبيرة في ميزانية الدفاع، سواء الآن أم بمرور الوقت، فإن السياسة الاقتصادية تحتاج إلى تغيير وفقاً لذلك".

وقال إن "موازنة إسرائيل، حتى المعدلة منها، لا تعكس التغيير الكبير. ومن أجل تمويل هذه الزيادة في الإنفاق، نحتاج إلى خفض الإنفاق في بنود أخرى، وكذلك فرض المزيد من الضرائب، والأهم من ذلك، يجب علينا القيام بعملية طويلة جداً من الإصلاحات في الاقتصاد الإسرائيلي لزيادة إمكانات نموه".

بدوره، أشار أميناخ إلى أن "تكاليف الدفاع لم تقتصر على منظومة القبة الحديدية وإنما خروج طائرات للحماية واعتراض الطائرات المسيّرة خارج أجواء إسرائيل، لذا فإن إسرائيل في حاجة إلى المزيد من الطائرات في الفترة المقبلة، ويجب أن نطلب كمية كبيرة أخرى منها من الولايات المتحدة".

ويعاني الاقتصاد الإسرائيلي في الأساس تبعات استمرار الحرب على قطاع غزة المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتتوقع موازنة عام 2024 عجزاً نسبته 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو العجز الذي سيكون من بين الأكبر في ما يخص الاحتلال الإسرائيلي في هذا القرن. وقد يتبيّن أن الأمر سيكون أوسع نطاقاً إذا طال أمد الحرب على غزة أو تفاقم التوتر مع إيران وحزب الله اللبناني.

وبغض النظر عن تكاليف الدفاع التي تؤرق حكومة الاحتلال الإسرائيلي، فإن سوق الأسهم الإسرائيلية بدت مطمئنة إلى نتائج الهجوم الإيراني، بل إن هناك من استفاد كثيراً على رأسها أسهم التكنولوجيا والدفاع.

وقطاع التكنولوجيا الفائقة هو أحد القطاعات المحفزة للاقتصاد الإسرائيلي، ويعمل فيه 16% من إجمالي عدد العاملين، ويمثل أكثر من نصف صادرات إسرائيل، ويشكل القطاع أيضاً ثُلث ضرائب الدخل ونحو خُمس الناتج الاقتصادي الإجمالي، وفقاً لبيانات بنك إسرائيل المركزي. ويسيطر جيش الاحتلال الإسرائيلي على عدد كبير من الشركات العاملة في المجال.

وكانت صورة قطاع التكنولوجيا الفائقة التي تعتمد عليها أيضاً منظومات الدفاع الإسرائيلية قد اهتزت كثيراً في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" المباغتة التي شنّتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وبعد ساعات من انتهاء الهجوم الإيراني، افتتحت بورصة تل أبيب أبواب تعاملاتها على مكاسب للمؤشرات القيادية، لكنها سرعان ما تعرضت لتذبذبات لتسجل خلال التعاملات هبوطاً محدوداً تراوح بين 0.08% و0.2% على مدار اليوم.

وقال يوفال أيزنبرغ، الرئيس التنفيذي لإحدى شركات الاستثمار إن "من السابق لأوانه تقييم العواقب النهائية لخطوة إيران، لكنْ هناك أمران يمكن تعلمهما مما حدث، فقد أظهرت إسرائيل قدرة أمنية عالية، ومن ثم يبدو أن توقع حدوث انهيار في الأسواق المالية أقل احتمالاً، كما أن الأسواق العالمية تقف إلى جانبنا". وأضاف: "يمكننا أن نكون أكثر تفاؤلاً".

وعكست مؤشرات البورصة الإسرائيلية، أمس، حالة الارتياح لدى المستثمرين حيال نتائج الهجوم الإيراني، إذ يبدو ردة فعل السوق ضئيلة كثيراً مقارنة بما شهدته في اليوم التالي لعملية "طوفان الأقصى" إذ هوت في الثامن من أكتوبر الماضي بنسبة 7% للتوالي الخسائر في الأيام اللاحقة قبل تدخل سلطات الاحتلال لدعم السوق. وفي أكتوبر تراجع مؤشر الأسهم القيادية بنسبة 11% مسجلاً أكبر خسارة شهرية في نحو ثلاث سنوات، إذ تكبدت الأسهم المُدرجة خسائر بنحو 27 مليار دولار خلال ذلك الشهر.

وقال مسؤول في بنك "هايبوسويس" السويسري إنه "على المدى القصير، كلف الهجوم الإيراني الاقتصاد الإسرائيلي المليارات، لكن على المدى الطويل، ستجلب إسرائيل المليارات نظير المبيعات العسكرية" معتبراً أنّ إسرائيل تتمتع بمرونة و"قدرة دفاعية مذهلة". وقالت مصادر مخابرات غربية، وفق وكالة رويترز، أمس، إن معظم الطائرات المسيّرة والصواريخ الإيرانية التي حلقت ليلاً فوق سورية أُسقطت بواسطة اعتراضات جوية أميركية وإسرائيلية.

وتُعد القبة الحديدية أشهر وسائل الدفاع الجوي الإسرائيلية، إذ أسقطت آلاف الصواريخ منذ 2011، ولكنها تقتصر على المدى القصير، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية.

وتمتلك إسرائيل أيضاً نظاماً اعتراضياً متوسط المدى ​​إلى طويل المدى يُعرف باسم "ديفيدز سلينغ"، بالإضافة إلى نظام "أرو" الدفاعي، المصمم لاعتراض الصواريخ التي تُطلَق من مسافة تصل إلى 2400 كيلومتر. ويشمل هذا النطاق إيران، وكذلك اليمن وسورية والعراق، حيث تتمركز الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران.

وبجانب استقرار سوق الأسهم الإسرائيلية، قالت شركات وخطوط طيران إسرائيلية إن عملياتها بدأت بالعودة إلى طبيعتها، أمس، بعدما أدى الهجوم الإيراني إلى إغلاق المجال الجوي وإلغاء الرحلات.

وأعلنت سلطات المطارات الإسرائيلية إعادة فتح المجال الجوي الإسرائيلي، لكنها أشارت إلى أن من المتوقع أن يتأثر جدول رحلات الطيران من تل أبيب، مضيفة أنه يتعين على المسافرين التحقق من مواعيد الرحلات قبل التوجه إلى مطار بن غوريون الدولي.

وقالت شركة طيران العال إنها استأنفت عملياتها و"تعمل لإعادة الاستقرار لجدول الرحلات في أسرع وقت ممكن"، وأضافت أنّ "العال ستواصل العمل قدر استطاعتها للحفاظ على الجسر الجوي من إسرائيل وإليها".

المساهمون