على خلفية انخفاض قيمة الروبل أمام الدولار، أكد العديد من وسائل الإعلام الروسية وجود توقعات بخروج أعداد كبيرة من المهاجرين من سوق العمل الروسية، ومغادرتهم البلاد، حيث تراجعت قيمة الأجور التي يحصلون عليها في روسيا، عند تقييمها بعملات البلدان التي قدموا منها.
لم يؤكد الخبراء الروس وجود حالات خروج مكثفة للعمالة الأجنبية في الوقت الراهن، لكنهم لاحظوا بعض الصعوبات التي يواجهها المهاجرون، والتي توقعوا أن تؤدي إلى مغادرتهم البلاد، وكان أبرزها انخفاض الروبل أمام الدولار. لكنهم أشاروا أيضاً إلى أن "سوق العمل الروسية في الوقت الحالي لا تزال الأكثر جاذبية للمهاجرين من بلدان رابطة الدول المستقلة"، وفقاً لما ذكرته صحيفة إيزفيستيا الروسية.
ووفقًا للصحيفة، فقد تجاوز سعر الدولار 100 روبل في مزادات العملة الأخيرة، الأمر الذي أثر سلبياً على رغبة العمالة المهاجرة في استمرار عملهم في روسيا.
واعتبارًا من أول يوليو/ تموز، عمل 362 ألف عامل مهاجر في سانت بطرسبرغ ومنطقة لينينغراد، مقابل 370 ألفاً في العام الماضي، رغم أن سعر الدولار لم يكن قد وصل إلى ذروته، حيث كان يباع مقابل 89 روبلاً، بينما كان سعره قبلها بشهر لا يتجاوز 80 روبلاً.
أما بالنسبة لعملات دول آسيا الوسطى، فقد تعززت بالفعل مقابل الروبل. وفي مايو/ أيار، كان سعر الروبل الواحد 145 سوقاً أوزبكياً، لكنه انخفض إلى 119 سوقاً في منتصف أغسطس/ آب، وفقاً لصحيفة إزفيستيا الروسية.
وفي السياق نفسه يقول أرسين، مواطن أوزبكي في موسكو، لـ"العربي الجديد"، "عندما كنا نحصل على راتب شهري حوالي 50 ألف روبل، كان يعادل تقريباً 800 دولار، ولكن الآن حوالي 500 دولار فقط، وما زلت بحاجة إلى دفع تكاليف السكن والطعام وإرسال الأموال إلى الأهل في الوطن".
ويوضح أرسين: "الدولار يعتبر مقياساً لنا لأننا نرسل أكبر جزء من راتبنا إلى بلادنا، فمثلاً أنا لدي التزامات شهرية، ولدي أطفال وعائلة في بلدي، ومضطر لإرسال المال. أنا هنا من أجلهم".
ويقول الخبير المالي والمستثمر ميخائيل سبكتور، في تعليقه لصحيفة إيزفيستيا الروسية، إن الأموال التي يكسبها المهاجرون في روسيا، في المتوسط، فقدت 20 إلى 35% من قوتها الشرائية.
من جهته، يقول علي شاريبوف، مواطن طاجيكي في موسكو، لـ"العربي الجديد": "في كل أزمة اقتصادية تحدث في البلاد، يحدث تدفق للمهاجرين خارج البلاد، ولكن ليس بشكل كبير، وإذا حدثت تكون ظاهرة مؤقتة".
ويضيف: "منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا، أصبحت هناك مشكلات اقتصادية، وانخفض الروبل الروسي أمام الدولار، وهذا بالطبع يؤثر علينا عندما نرسل الأموال إلى بلادنا".
وأردف: "لكن أنا متأكد من قدرة روسيا على التغلب على كل العقبات خلال الفترة المقبلة، ليعود كل شيء كما كان من قبل. لا يمكنني استبعاد خروج العمالة، إلا أنني أتوقع أن تكون بأعداد قليلة، فمثلاً أنا لا أستطيع المغادرة، حيث تسهل لنا روسيا العمل والإقامة وكل شيء تقريباً، ويصعب إيجاد بلد آخر بنفس المميزات".
ووفقاً لـ EMISS (موقع نظم المعلومات والإحصاءات الرسمية)، فقد زاد تدفق المهاجرين إلى روسيا بمقدار 1.6 مرة في الربع الأول من عام 2023، حتى على خلفية ضعف الروبل، والتي بدأت بالفعل منذ بداية العام.
بدوره، أكد رئيس اتحاد المهاجرين في روسيا، فاديم كوزينوف، عدم خروج أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية من البلاد حتى الآن. وقال لصحيفة إيزفيستيا "لقد كانت لدينا بالفعل سابقة في فبراير 2022، عندما ارتفع الدولار بقوة، وقلنا أن كل شيء سيستقر، وهو ما حدث بالفعل، وما نتوقع حدوثه مرة أخرى، حيث دعم البنك المركزي الروبل بالفعل، وأعتقد أن كل شيء سيكون على ما يرام".
وأكد كوزينوف أنه لا توجد سوى نسبة ضئيلة ممن أصيبوا بالذعر، وغادروا البلاد، مع انخفاض الروبل أمام الدولار، وهو ما اعتبره أمراً مؤقتاً.
(الدولار = 95.38 روبلاً روسياً)