"نيويورك تايمز" ترصد تحولاً في المساعدات الخارجية السعودية: لا شيكات على بياض

03 ابريل 2023
دعمت السعودية مصر بنحو 46 مليار دولار خلال الفترة من 2013 إلى 2020 (الأناضول)
+ الخط -

رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، اليوم الأحد، تحوّلاً في توزيع وصرف السعودية مساعداتها للدول. وخلصت الصحيفة، في هذا الإطار، إلى أن هناك "تحوّلاً سعودياً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، حتى مع انزلاق مصر في الأزمة الاقتصادية، إذ أرسل المسؤولون السعوديون رسالة صارمة مفادها: لا مزيد من الشيكات على بياض".

وأضافت أنه "مع تدفق عائدات النفط، يحدد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان شروطاً متزايدة لمثل هذه المساعدات، مصرّاً على إصلاحات اقتصادية، مثل خفض الدعم وخصخصة الشركات المملوكة للدولة".

وعن مصر تحديداً، تقول كارين يونغ، وهي باحثة أولى في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، لـ"نيويورك تايمز": "كان الأمر في السابق أن مصر أكبر من أن تفشل"، قبل أن تضيف: "الموقف الآن هو أن مصر مسؤولة عن أخطائها".

وأنهت السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، عام 2022 بفائض في الميزانية قدره 28 مليار دولار، بعد أن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط، مما أنعش خزائن منتجي الذهب الأسود. 

وأضافت "نيويورك تايمز" أنه "على الرغم من هذه المكاسب غير المتوقعة يقول المسؤولون السعوديون إنهم سئموا من تقديم مساعدات لا نهاية لها للدول الفقيرة، مثل مصر وباكستان ولبنان، ليشاهدوها تتبخر".

غير أن هذا التحول لا يعني أن المساعدات للدول تراجعت، إذ "ما تزال المملكة ترسل الأموال إلى الخارج، ربما أكثر من أي وقت مضى. لكن الكثير منها موجه الآن نحو الاستثمارات الدولية من أجل الربح والتأثير وبدء صناعات جديدة في الداخل، مثل السيارات الكهربائية"، بحسب الصحيفة ذاتها، التي رأت أن "للحكومة السعودية دوراً مشابهاً لصندوق النقد الدولي، مما يمنحها نفوذاً أكبر من ذي قبل على السياسة الإقليمية، حيث تدين لها دول أكبر مثل باكستان بالفضل"، دون أن تكشف عن تفاصيل إضافية بخصوص هذا التشبيه بين الرياض وصندوق النقد.

وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان قد صرّح من منتدى دافوس الاقتصادي في يناير/ كانون الثاني الماضي بنهاية عهد المنح السعودية بدون قيود. فقد قال الجذعان: "اعتدنا تقديم منح وودائع مباشرة دون قيود"، قبل أن يضيف: "نغير ذلك. نحن نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول في الواقع.. نحن بحاجة إلى رؤية الإصلاحات".

وتركز السعودية حالياً، بحسب "نيويورك تايمز"، على "تطوير قطاعات غير النفط وأن تصبح مركزاً لمجموعة واسعة من الأعمال التجارية وكذلك الثقافة". وفي هذا الصدد، أشارت الصحيفة الأميركية إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان "يبني على نموذج اتبعته دول خليجية أخرى، مثل الإمارات وقطر، منذ سنوات جزئياً لزيادة نفوذها الدولي".

وقال الخبير في الاقتصاد السياسي المصري تيموثي كالداس، لـ"نيويورك تايمز"، إن "ما يمتلكه الخليج ولا يمتلكه أي شخص آخر في العالم هو الكثير من فائض رأس المال، وهو ما يجلب القوة".

وفي مارس/ آذار الماضي، وافقت السعودية على تقديم 5 مليارات دولار ليستخدمها البنك المركزي التركي لدعم الاقتصاد التركي قبل شهرين من الانتخابات التركية. وجعل ذلك تركيا، بحسب "نيويورك تايمز"، أقرب إلى مجال نفوذ السعودية بعد سنوات من التوترات، بينما تقلصت المساعدات السعودية لدول أخرى في الإقليم، من بينها لبنان، وذلك مع تغير أولويات المملكة.

وينصب تركيز الأمير محمد على مبدأ "السعودية أولاً". في العام الماضي، أعلن الصندوق السيادي السعودي أنه سيستثمر 24 مليار دولار في مصر والعراق والأردن والبحرين وعُمان والسودان. لكن توجيه هذا الدعم المالي من خلال الاستثمارات يتيح للمسؤولين السعوديين إعطاء الأولوية لأرباحهم، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

كذلك نقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن مسؤولين سعوديين ومصريين دخلوا في مباحثات حول الاستثمارات المحتملة، وسياسات المملكة الجديدة المتوافقة مع طلبات صندوق النقد، مثل خفض الدعم وتقليص الدور الاقتصادي للمؤسسة العسكرية.

لكن مع مرور الأشهر دون إحراز تقدم كبير، تسود شكوك في قدرة مصر على تبسيط اقتصادها. وفي هذا الإطار، قال الخبير السياسي السعودي هشام الغنام إنه "في بعض الأحيان تحتاج إلى معرفة إلى أين تذهب الأموال، وهل ستعود بالنفع على الناس؟".

والشهر الماضي، قال الجدعان إن مصر قد تواجه بعض الصعوبات، لكن لديها ما يلزم لتكون دولة عظيمة. بينما أكد وزير المالية المصري حرص القاهرة على "دعم كل ما هو مطلوب لزيادة الاستثمارات السعودية".

المساهمون