نيكولاي تانغن... رئيس صندوق سيادي "أخلاقي" نجح في تعظيم الإيرادات

06 ديسمبر 2024
نيكولاي تانغن خلال مؤتمر صحافي في أوسلو، 31 يناير 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تولى نيكولاي تانغن إدارة الصندوق السيادي النرويجي في 2020، ونجح في زيادة أصوله من 1.1 تريليون دولار إلى 1.8 تريليون دولار، مما يعزز قدرة النرويج على تمويل نفقاتها المستقبلية.
- يسعى الصندوق إلى تنويع استثماراته بعيداً عن النفط والغاز، مستثمراً في الأسهم والسندات والأصول العقارية، مع التزامه بضوابط أخلاقية صارمة ترفض الاستثمار في شركات تنتهك حقوق الإنسان أو تضر بالبيئة.
- قرر الصندوق سحب استثماراته من شركة "بيزك" الإسرائيلية لدعمها المستوطنات في الضفة الغربية، استجابةً لضغوط المجتمع المدني النرويجي.

في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عبّر رئيس الصندوق السيادي النرويجي، نيكولاي تانغن، عن تطلّعه إلى المضي في تولّي أمر تلك المؤسسة العملاقة التي تهتم بتعظيم ثروة بلده وتصنف على أنها أكبر صندوق سيادي في العالم.

لقد أضحى تانغن مديراً عاماً للصندوق في عام 2020، حيث أكد حينها أنه يريد أن يكون الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي، بغية تحقيق هدف واحد يتمثل في بناء ثروة كبيرة للدولة.

كان اختياره لتولي أمر الصندوق السيادي قد قوبل بتحفّظ العديدين في بلده، فقد رأوا أن هذا الثري، الذي يتعامل مع شخصيات كبيرة، لا يشاطر النرويجيين هاجس إشاعة المساواة. دفعته رغبته في رئاسة الصندوق إلى تحويل صندوق التحوط الذي كان يرأسه إلى مؤسسة خيرية تابعة له، وعمد إلى تصفية استثمارات بقيمة 470 مليون يورو التي حولها إلى مجرد حساب بنكي.

لقد نجح في مهمته في الصندوق السيادي النرويجي، فوفق أحدث الأرقام فقد تجاوزت أصوله 1.8 تريليون مليار دولار، بزيادة تبلغ نحو 700 مليار دولار عند تعيينه في 2020، حيث كان حجم الأصول وقتها يدور حول 1.1 تريليون دولار.
ارتفاع قيمة الصندوق مع تانغن يخدم الهدف الذي أحدث من أجله من قبل البنك المركزي النرويجي، حيث أريد تعظيم الإيرادات في النرويج كي يتيح للدولة تمويل النفقات المستقبلية، خاصة في حال تراجعت الإيرادات من صادرات الطاقة.

تضخ الدولة في الصندوق السيادي حصيلة إيرادات الغاز والنفط اللذين تنتجهما النرويج، غير أنه سعى منذ سنوات إلى تنويع إيراداتها، حيث استثمر في الأسهم والسندات والأصول العقارية، ويملك حصصاً في أكثر من 8800 شركة، التي لا يحوز في كل واحدة منها أكثر من 10% بهدف تفادي المخاطر.

تانغن وضوابط أخلاقية للصندوق

الصندوق الذي وسع استثماراته إلى الطاقات المتجددة، واصل مع تانغن رفع شعار "الاستثمار المسؤول"، حيث يسترشد بضوابط أخلاقية يستطيع بالنظر لوزنه الكبير في الاقتصاد العالمي فرضها على الشركات التي يحوز فيها حصصاً.
وتحرص الدولة على احترام تلك الضوابط، إذ أحدثت مجلساً للمعايير الأخلاقية يعينه وزير المالية، حيث تسند لذلك المجلس مهمة فحص تفاصيل أنشطة الشركات التي يستثمر فيها الصندوق.

ويتمثل الهدف من وراء ذلك المجلس في تفادي أخذ الصندوق حصصاً في شركات تنشط في إنتاج الأسلحة النووية والألغام المضادة للأفراد والتبغ، والأنشطة التي تخرق حقوق الإنسان أو تضر بالبيئة.

وكان العديدون يراقبون ما إذا كان سينضم إلى النداء الذي أطلقته منظمات حكومية بهدف مقاطعة إسرائيل. صحيح أنه عمد في عام 2023 إلى بيع 421 مليون يورو من السندات الإسرائيلية، إلا أن هناك من اعتبر أن ذلك حكَمته اعتبارات مالية لها علاقة بالهزات التي عرفتها السوق بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

سحب استثمارات من إسرائيل

غير أن الصندوق الذي تمثل حصصه في شركات عالمية حوالي 1.5% من الأسهم العالمية، اتخذ قراراً بفك ارتباطه مع شركة إسرائيلية، ممثلة في شركة الاتصالات "بيزك"، حيث أخذ عليها تقديم خدمات للمستوطنات الإسرائيلية المحتلة في الضفة الغربية. جاء ذلك القرار نزولاً عند ما انتهى إليه مجلس المعايير الأخلاقية الذي ذهب إلى أن الشركة الإسرائيلية، التي يملك صندوق الثروة النرويجي 0.76% من أسهمها ضالعة في تسهيل المحافظة على المستوطنات وتوسيعها، ما يمثل مساهمة في انتهاك القانون الدولي.

وقد سبق للصندوق أن قام في فترات سابقة بسحب رساميله من مجموعات إسرائيلية، فقد اعتبر أن أخذ مساهمات في شركات منخرطة في تطوير المستوطنات في الأراضي المحتلة، يمثل "خطراً غير مقبول"، بما أنه سيفضي إلى المساهمة في خرق سافر لحقوق الأشخاص في وضعية حرب أو نزاع.

لا تكفي المعايير الأخلاقية لدفع البنك المركزي إلى اتخاذ مثل القرار الذي بادر إليه تجاه شركة الاتصالات "بيزك". فقد كان هناك ضغط مارسه الذين راعهم ما يقترفه الإسرائيليون في غزة، إذ كان محتجون احتشدوا أمام البنك المركزي النرويجي، مطالبين ببيع أصول الصندوق في الشركات التي تساهم في الإبادة الجماعية والاحتلال.

يؤكد تانغن البالغ من العمر 58 عاماً، الحاصل على العديد من الشهادات الجامعية، خاصة في تاريخ الفنون، أنه يحب العمل مع زملائه في الصندوق، مشدداً على أنه العمل الأكثر معنى الذي قام به في حياته.

المساهمون