وافق مجلس النواب المصري، السبت، على مجموع مواد مشروع قانون المالية العامة الموحد المقدم من الحكومة، والذي يهدف إلى دمج موازنة الدولة مع موازنات 59 هيئة اقتصادية بصورة تدريجية، في خطوة تستهدف تحسين مؤشرات المالية العامة للدولة، ورفع إيرادات الموازنة العامة من 2.1 تريليون جنيه متوقعة في العام المالي الحالي إلى نحو 4.8 تريليونات جنيه.
وفي مقابل موافقة الأغلبية على مشروع القانون، أعلن عدد من النواب رفضهم لمواده، لما تحتويه من تشوهات تفرغ القانون من مضمونه، مؤكدين أن إعداده جاء استجابة فقط من الحكومة لمطالب صندوق النقد الدولي بشأن وحدة الموازنة العامة.
وقال النائب ضياء الدين داوود: "الحكومة الحالية تسلمت المسؤولية في عام 2018، وسعر الدولار مقابل الجنيه المصري 17.83 جنيهاً، وبالأمس القريب وصل السعر الرسمي إلى قرابة 50 جنيهاً للدولار. هذه الحكومة باقية وراسخة أمام البرلمان، ورغماً عن إرادته، بأوامر من صندوق النقد الدولي".
وأضاف داوود: "كل النتائج الاقتصادية التي ترتب عليها معاناة المصريين كانت بسبب هذه الحكومة، إلا أنها لا تزال باقية ومستمرة في أداء مهامها ليس بإرادة البرلمان، وإنما بإرادة وكيل الدائنين، المندوب السامي صندوق النقد. الحكومة لم تنفذ ما تعهدت به بشأن موازنة البرامج والأداء، ولم يعد هناك مجال للتسامح مع السياسات التي تتبعها وتنتهجها للاستمرار، لأنها تنذر بمواجهة البلاد أزمة أخطر في المستقبل القريب".
وتابع: "مصر مقبلة على موازنة جديدة للدولة، وولاية جديدة لرئيس الجمهورية، وصندوق النقد ضاغط على مصر إلى درجة تسلبها إرادتها في التغيير الحقيقي. ولا يجب أن نبقى كثيراً تحت تأثير مخدر الصفقات الدولارية مثل رأس الحكمة، لأن هذه الأموال ستوجه لتنفيذ مرحلة ثانية من العاصمة الإدارية الجديدة، وبذلك تستمر نفس السياسات الاقتصادية من دون تغيير".
ونص القانون على أن يضع مجلس الوزراء سنوياً، بناء على عرض وزير المالية، حداً أقصى لقيمة دين الحكومة العامة، الذي يتضمن دين أجهزة الموازنة العامة للدولة ودين الهيئات العامة الاقتصادية، بعد استبعاد العلاقات المتبادلة بينهما. وتحديد هذه القيمة بنسبة من الناتج المحلي المتوقع خلال السنة المالية، وتضمين هذا الحد بقانون ربط الموازنة العامة للدولة.
كما نص على عدم تجاوز الحد الأقصى السنوي لدين الحكومة العام إلا في حالات الضرورة والحتميات القومية، بعد العرض على رئيس الجمهورية، واعتماد مجلس الوزراء، وذلك بناء على عرض وزير المالية، وموافقة مجلس النواب على تعديل قانون ربط الموازنة العامة.
من جهته، قال وزير المالية، محمد معيط، إن "مشروع القانون سيسمح بتحديد سقف لدين أجهزة الموازنة والهيئات الاقتصادية، بحيث لا يمكن تجاوزه إلا بموافقة رئيس الجمهورية ومجلسي الوزراء والنواب، وهو ما يتسق مع جهود الدولة بشأن وضع معدلات الدين في مسار نزولي مستدام، وبدء تخفيض نسبة الدين للناتج المحلي لأقل من 80% خلال الثلاث سنوات المقبلة".
وأشار معيط إلى "تبني الحكومة إطاراً أقل وتيرة في تنفيذ المشروعات الاستثمارية العامة، ووضع سقف لإجمالي الاستثمارات العامة، يشمل كل المشروعات الاستثمارية لأجهزة الموازنة والشركات المملوكة للدولة والهيئات الاقتصادية، مع تولي لجنة برئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات مراجعة ومراقبة تنفيذ ذلك".
وأقر البنك المركزي المصري خفضاً جديداً للجنيه أفقده 60% من قيمته، منذ ظهر الأربعاء الماضي، بالتزامن مع إعلان الحكومة توقيع قرض جديد مع صندوق النقد الدولي بقيمة 9.2 مليارات دولار، مع وعود بتدفق مزيد من قروض البنك الدولي، وحصيلة بيع أصول عامة، في محاولة لإخراج البلاد من أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها منذ عقود.
وتسبب التعويم الجديد في رفع نسبة التدهور في قيمة الجنيه إلى 80% منذ التعويم الأول عام 2016، والذي جاء في إطار اتفاق مع صندوق النقد لإصلاح اقتصادي هيكلي، طبقته الحكومة المصرية مع ارتفاع الدولار من 8.8 جنيهات إلى 15.7 جنيهاً، ثم لأكثر من 20 جنيهاً في بداية عام 2017، وصولاً إلى 49.70 جنيهاً للدولار في البنوك حالياً.