أدى القصف الجوي التركي الأسبوع الماضي، على منشآت ومرافق حيوية في مناطق الشمال الشرقي من سورية إلى شبه انعدام لوجود الغاز المنزلي وتخريب محطات نفطية وأخرى كهربائية وخروجها عن الخدمة وهو ما ولّد أزمات جديدة في منطقة يعاني سكانها من عراقيل معيشية.
وجاء القصف التركي على المناطق الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، (قسد)، ردا على مقتل جنود أتراك شمالي العراق، حيث تتعامل أنقرة مع "قسد" على أنها نسخة سورية من حزب العمال الكردستاني المصنف لدى العديد من الدول في خانة التنظيمات الإرهابية.
وقالت مصادر محلية في محافظتي الرقة والحسكة السبت، إن الغاز المنزلي لم يعد متوفراً في الأسواق منذ تدمير تركيا لمنشأة غاز السويدية في ريف الحسكة أخيرا.
وبيّنت مصادر في القامشلي أقصى الشمال الشرقي من سورية أن "بعض التجار يبيع أسطوانة الغاز المنزلي في السوق السوداء بنحو 400 ألف ليرة سورية (30 دولارا)"، مضيفة: هذا المبلغ يفوق قدرتنا بكثير.
وتابع: من السخريات المرّة أنه جرت مزايدة منذ أيام على أسطوانة غاز في أحد احياء مدينة القامشلي.
وقال مدير معمل الغاز في السويدية عقيد عبد المجيد، في تصريحات صحافية، إن "معمل الغاز في السويدية تعرض منتصف الشهر الجاري لست ضربات من قبل الطيران الحربي التركي والمسيرات مما أدى إلى شلل كامل بالمعمل".
وأشار إلى أن "القصف أدى لتضرر غالبية المعدات الميكانيكية والكهربائية والأجهزة بالإضافة إلى ضرب الخزانات الكروية الخاصة بالغاز المنزلي، وخزانات المذيبات".
وأوضح أن إنتاج الغاز والكهرباء "توقف كلياً"، لافتا إلى أن "عملية الإصلاح والتعمير صعبة جداً، وتتطلب إمكانيات كبيرة"، مقدرا التكلفة الأولية لإصلاح معمل الغاز وحده بنحو مليار دولار.
وفي السياق، قالت هين سويد الرئيسة المشتركة لمكتب الطاقة والاتصالات، التابع للإدارة الذاتية في شمال وشرق سورية، خلال مؤتمر صحافي أول من أمس الخميس، حضره مراسل "العربي الجديد"، إن القصف التركي على مناطق شمال وشرق سورية أدى إلى تخريب محطة السويدية لإنتاج الغاز المنزلي وللطاقة الكهربائية هناك، إضافة لتدمير ست منشآت لتوزيع الكهرباء في المنطقة ومحطات نفطية كمحطة العودة الرئيسية ومحطات الغاز التابعة لها.
وأكدت مصادر في الإدارة الذاتية لـ "العربي الجديد" أنها تدرس العديد من الحلول لتأمين احتياجات السوق من الغاز المنزلي من بينها الاستيراد.
وتشكو أمينة محمد وهي ربة منزل في القامشلي من معاناتها في إعداد الطعام بعد فقدان الغاز، مشيرة في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "الكثير من العائلات اضطرت إلى استخدام وسائل بديلة مثل الحطب".
إلى ذلك قال عيسى عليان وهو موظف بإحدى الدوائر التابعة للإدارة الذاتية لـ "العربي الجديد": استطعت تأمين أسطوانة غاز بمبلغ 400 ألف أي ما يعادل راتبي لشهرين ولا أعرف كيف سأؤمن الأسطوانة التالية فهذه بالكاد تكفينا لمدة عشرين يوما.
وأوضح أن أسطوانة الغاز المنزلي كانت تباع قبل تدمير محطة السويدية بأقل من دولار واحد للمنازل وبنحو سبعة للمطاعم والمحال التجارية، مشيرا إلى أن أوزان الأسطوانات كانت متفاوتة وتتراوح بين 19 و24 كيلو غرام.
وفي السياق ذاته، تشهد معظم مناطق شمال شرقي سورية منذ أيام نقصا في المحروقات، ما تسبب بازدحام أمام محطات الوقود.
وقالت عبير خالد، الرئيسة المشاركة للإدارة العامة للمحروقات في الإدارة الذاتية الخميس، إن أغلب مصادر الطاقة والمشتقات النفطية في المنطقة تعرضت للتدمير جراء القصف التركي.
وأشارت في تصريحات إعلامية إلى أن جميع محطات النفط ذات النوعية الجيدة والسهلة في عملية التكرير المحلية، تعرضت للدمار بشكل كامل وبقيت المحطات ذات النوعية الثقيلة والتي تعتبر رديئة وتحتاج إلى مصافٍ متطورة للتكرير.