نقص الهيليوم يقلق العالم... تهديدات للصحة وصناعات رئيسية

11 اغسطس 2023
غاز الهيليوم ضروري لصناعة أشباه الموصلات (Getty)
+ الخط -

قائمة طويلة من الصناعات الرئيسية في جميع أنحاء العالم تتساءل الآن من أين ستأتي إمداداتها المستقبلية من غاز الهيليوم، بينما يشهد المعروض منه نقصاً بسبب استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا.

ويستخدم الهيليوم في المجال الطبي في الفحص بالرنين المغناطيسي وله استخدامات صناعية في معالجة أشباه الموصلات والألياف البصرية واللحام واستكشاف الفضاء.

وذكرت نشرة "أويل برايس" الأميركية في تقرير لها، أن العالم يشهد نقصاً في الهيليوم منذ عام 2016، لكن الأمر تفاقم في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في نهاية فبراير/ شباط 2022، حيث قطعت الحرب الإمدادات من روسيا، وهي مُصدر رئيسي للعالم.

وفي مقال بحثي نشرته كلية الآداب والعلوم في جامعة تورنتو في كندا على موقعها الإلكتروني، أشار المقال إلى أن النقص العالمي الحالي في الإمدادات وصل إلى نقطة الأزمة تقريباً، مع ارتفاع الأسعار بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

ولفت المقال، الذي اطلعت عليه "العربي الجديد"، إلى تفاقم الوضع بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث كان من المقرر أن توفر منشأة جديدة في شرق روسيا لمعالجة الغاز 35% من الطلب العالمي على الهيليوم.

وقبيل اندلاع الحرب كانت الولايات المتحدة الأميركية نفسها تعتمد على روسيا لتخفيف شُح المعروض، لا سيما وسط تراجع الاحتياطي لديها. لذا تعمل الولايات المتحدة على تعزيز احتياطيها من خلال اكتشافات كبيرة في مونتانا (شمال)، على الحدود مع كندا، لديها القدرة على إعادة رسم خريطة الهيليوم لصالح أميركا الشمالية، بحسب أويل برايس.

ووفق بحث نشره شيروود لولار، الأستاذ في قسم علوم الأرض في كلية الآداب والعلوم بجامعة تكساس، فإن "هناك نقصاً حاداً في الإمداد بالهيليوم في جميع أنحاء العالم، بينما ترتبط أساليب الإنتاج الحالية بانبعاثات كربونية كبيرة تساهم في تغير المناخ". ولفت لولار في بحثه الذي استندت إليه كلية الآداب والعلوم في جامعة تورنتو في مقالها، إلى أهمية الوصول إلى مصادر بديلة للهيليوم خالية من الكربون.

ويؤثر نقص الهيليوم على صناعة الرقائق الإلكترونية (أشباه الموصلات) التي تشهد بالأساس صراعاً بين عمالقة الاقتصاد في العالم لا سيما الولايات المتحدة والصين. وتدخل أشباه الموصلات في كل شيء حاليا، ابتداء من الهواتف الذكية والأجهزة الكهربائية والمنزلية إلى أسواق الأسهم والسيارات وحتى الصواريخ والطائرات.

وربما يهدد نقص الهيليوم الذي بلغ حجم سوقه في السنوات الثلاث الماضية نحو 6 مليارات دولار، حياة عشرات ملايين البشر، إذ يعد ضروريا لعمل ماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي اللازمة للتشخيص السريري للكثير من المرضى. وفي عام 2021، تم إجراء ما يقرب من 38 مليون فحص بالرنين المغناطيسي في الولايات المتحدة وحدها، وفقاً لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

والتصوير بالرنين المغناطيسي يوفر أفضل دقة لتشخيص الحالات المرضية، لا سيما تلك التي تهدد حياة الانسان مثل السكتات الدماغية. ويمكن أن يُظهر التصوير بالرنين المغناطيسي تفاصيل في أنسجة الجسم مثل العضلات والأوتار والأربطة والعظام التي لا تُرى أيضاً عن طريق الأشعة السينية والتصوير المقطعي.

ونقلت شبكة " إن بي سي" الأميركية أخيراً عن أستاذ الأشعة في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز بالتيمور ماهاديفابا ماهيش قوله إن " الهليوم أصبح مصدر قلق كبير، خاصة في ظل الوضع الجيوسياسي الحالي"، في إشارة إلى نقص الإمدادات بسبب الحرب الروسية.

وسبق أن شهدت الأسواق العالمية عدة أزمات في الهيليوم في العقدين الأخيرين. فخلال الأزمة الخليجية نبهت مجلة أتلانتيك الأميركية إلى أن الأزمة تسببت في إحداث هزة عنيفة في الأسواق العالمية بسبب نقص إمدادات غاز الهيليوم الذي تُصدر دولة قطر نحو ربع احتياجات العالم منه.

وكانت قطر قد علقت إنتاجها من الهيليوم لفترة وجيزة في أوائل يونيو/ حزيران 2017 قبل أن تستأنفه في الثاني من يوليو/ تموز من ذلك العام. كما شهد العالم نقصاً في الإمدادات لأسباب مختلفة في الأعوام من 2006 إلى 2007 ومن 2011 إلى 2013.

المساهمون