نفط إيران .. واللعب بالنار

07 نوفمبر 2016
مصر تلجأ للنفط الإيراني بديلأ للمشتقات السعودية
+ الخط -





بما أنه اتفاق تجاري تم بين القاهرة والرياض، وأخل أحد الأطراف ببنوده بالفعل، فهل يمكن أن تتحرك الحكومة المصرية مثلاً لمقاضاة شركة أرامكو السعودية أمام المحاكم الدولية وذلك بسبب توقفها عن توريد الشحنات النفطية المتفق عليها للشهر الثاني؟

وبما أنه اتفاق اقتصادي لا سياسي، فهل يمكن لوزارة البترول المصرية أن تطالب شركة أرامكو بسداد تعويض مالي ضخم بسبب الخسائر المادية الفادحة التي يمكن أن تلحق بالاقتصاد المصري والخزانة العامة للدولة، خاصة وأن قرار الشركة المفاجئ بوقف الشحنات البترولية دفع الحكومة للتعاقد بشكل سريع على استيراد شحنات نفط وغاز من الخارج وبسعر أعلى تكلفة من الوقود السعودي.

كما سحبت الحكومة 500 مليون دولار من الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي للتعاقد على استيراد بنزين وسولار وغاز والحيلولة دون حدوث أزمة واختناقات في السوق المحلي؟

والاتفاق الذي أقصده هو ذاك الذي تم ابرامه في شهر إبريل الماضي خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز القاهرة، وينص على منح المملكة مصر قرضاً ضخماً بقيمة 23 مليار دولار لتمويل وارداتها من المشتقات البترولية المختلفة.

ولم تعلن الدولتين في ذلك الوقت وحتى الآن أي تفاصيل تتعلق بالاتفاق المبرم رغم ضخامة حجم القرض الممنوح، فلم نعرف مثلا تفاصيل القرض وشروطه، أو أسلوب السداد، وسعر الفائدة المستحق على القرض ومدته وفترة السماح، ولم نعرف هل هناك جزاءات توقع على أحد الطرفين المتعاقدين في حال إخلاله ببنود الاتفاق، وإلى أي المحاكم سيُلجأ في حال وجود خلاف أو نزاع مستقبلي.

كل ما عرفناه في وقت لاحق، ومن خلال مصادر غير رسمية، أن الاتفاق ينص على توريد شركة أرامكو 700 ألف طن من المشتقات البترولية لمصر ولمدة 5 سنوات، وهذه الكمية تغطي نحو 50% من احتياجات مصر الشهرية، وأن الآلية ستكون من خلال قيام صندوق الاستثمارات التابع لوزارة المالية السعودية بمنح شركة أرامكو القيمة النقدية للمشتقات النفطية التي يتم توريدها لهيئة البترول المصرية، على أن يتم قيد هذه الأموال على مصر في شكل ديون مستحقة السداد.

في أي اتفاق تجاري يتم بين بلدين تُودع البنود المتعلقة به لدى الجهات المسؤولة ووزارات المالية والتعاون الدولي والتخطيط والبترول وغيرها، حتى تتابع مثل هذه الجهات تنفيذ البنود المتفق عليها.

كما يتم عرض الاتفاق على البرلمان الممثل للشعب لمناقشة بنوده وأوجه الانفاق، بل ويجري إطلاع الرأي العام عليه، لأنهم من يتحملون تكلفة مثل هذه الاتفاقيات وسداد الديون مستقبلاً.

ليست هذه هي الملاحظة الوحيدة على الاتفاق النفطي السعودي المصري، فهناك ملاحظة أخرى هي الأخطر وتتعلق بتعاطي القاهرة مع قرار أرامكو، والتي هي أقرب لكيد النساء والمراهقة السياسية.

فما إن أعلن وزير البترول المصري عن أن الشركة السعودية أبلغت مصر بالتوقف عن إمدادها بالمواد البترولية لحين إشعار آخر، حتى سارعت مصادر رسمية بإعلان أن الوزير المصري في طريقه لإيران للاتفاق على استيراد نفط، وقبلها بأيام زار الوزير بغداد للاتفاق على استيراد نفط عراقي برعاية إيرانية أيضاً.

هل نشر مثل هذه الأخبار ونفيها في وقت لاحق الهدف منه إيصال رسالة إلى السعودية بأن البديل الإيراني جاهز لتقديم المساعدات النفطية بل والمالية لمصر سواء بشكل مباشر أو عن طريق العراق التي تسيطر طهران على دائرة صنع القرار بها؟


المساهمون