نظام الأسد يرفع أسعار المحروقات ويعهد بالتوزيع لشركة خاصة

06 ديسمبر 2022
الأزمات تخنق المواطن السوري (getty)
+ الخط -

لم تجد حكومة بشار الأسد حلولاً، لتوفير المشتقات النفطية بالأسواق، إلا عبر إسناد البيع لشركة خاصة، بعد أن رفعت الأسعار بأكثر من 100%، لتزيد معاناة السوريين المعيشية بواقع ما يصفونه من استغلال "شركاء النظام" بالنفط المستورد وبيعه بالسوق بأسعار مضاعفة.

وكانت وزارة التجارة وحماية المستهلك بحكومة الأسد، قد رفعت أمس، أسعار المشتقات النفطية الموزعة للقطاع الخاص عبر شركة "B.S" الخاصة، خلال شهر ديسمبر/كانون الأول من 2500 ليرة لليتر المازوت والبنزين، إلى 5400 ليرة للمازوت للصناعي و4900 ليرة للبنزين، مشيرة إلى بقاء السعر السابق "2500 ليرة" للمحروقات الموزعة عبر شركة المحروقات الحكومية "سادكوب".

ويقول أيمن ع. من العاصمة السورية دمشق، هل ستستمر الشركة الحكومية ببيع المحروقات، أم ستستأثر الشركة الخاصة بالتوزيع لنرى ابتعاد الحكومة عن قطاع خدمي واقتصادي مرتبط بمعيشة المواطنين، كما فعلت أخيراً وأسندت توزيع الكهرباء لشركات خاصة.

ويضيف أيمن، الذي رجا عدم كشف اسمه كاملاً، أن السوريين اعتادوا "حركات الحكومة"، فقبل كل "كارثة معيشية ورفع أسعار نعيش حالة ندرة وحرمان ليتم تقبلنا السعر الجديد" متوقعاً رفعاً لأسعار الخبز وحتى المحروقات بالسعر الرسمي، بعد تقبّل الشارع والصناعيين أسعار شركة "بي اس" الجديدة.

من جهته، يصف الاقتصادي السوري، أسامة قاضي، قرار وزارة التجارة بـ"الالتفاف وشرعنة عمل تجار الأزمة والمحروقات"، متسائلاً خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" عن مصدر النفط الذي ستبيعه الشركة الخاصة ولمن تتبع الشركة التي أخذت هذا الدور الذي سيعود عليه بـ"المليارات".

ويضيف رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية قاضي، أن شركة "بي إس" للخدمات النفطية، المرخصة بلبنان تتبع لشركة "قاطرجي" السورية والتي تستجر النفط من مناطق سيطرة ما تسمى قوات سورية الديمقراطية "قسد"، وتستورد النفط الخام من خارج سورية وتكرره بمصفاتي، بانياس وحمص، مقابل أجر يدفع لحكومة الأسد، وبيع المازوت والبنزين، للقطاع الخاص بسورية، بسعر حر أعلى من السعر الرسمي. لكن تلك الشركة برأي قاضي، تعمل لصالح "بشار الأسد وبإدارة من زوجته أسماء"، ولها شركاء لدى "قسد" منهم علي شيرو وأبو دلو، وهما أهم المتحكمين بنفط شمال شرق سورية الذي يزيد إنتاجه اليوم عن 90 ألف برميل "بالحد الأدنى".

ويلفت قاضي إلى أن إسناد التحكم ببيع النفط للقطاع الخاص، وبسعر أكثر من ضعف السعر الرسمي، لن يوفر المادة، بل سيكون له مفاعيل تحريضية برفع أسعار السلع والمنتجات بالسوق السورية، لأنه من الطبيعي وحق الصناعي الذي يستجر مستلزمات إنتاجه بسعر عال، أن يرفع سعر المنتج النهائي، ليكون المستهلك السوري هو الضحية بالنهاية.

ولم تزل أسعار المشتقات النفطية مرتفعة بالأسواق السورية اليوم الثلاثاء، إذ تعدى سعر ليتر المازوت 8500 ليرة والبنزين 11 ألفاً، مع استمرار شح المادتين، وعدم توزيع حكومة النظام السوري مستحقات المواطنين من مازوت التدفئة المدعوم.

وتعاني سورية من نقص حاد في المحروقات، بعد تبدل خريطة الإنتاج منذ مطلع الثورة عام 2011، فتحولت سورية من بلد منتج لنحو 380 ألف برميل يوميا، ويساهم فيه النفط بنحو 24% من الناتج المحلي، و25% من عائدات الموازنة العامة، وأكثر من 40% من الصادرات الإجمالية، إلى بلد مستورد لأكثر من 150 ألف برميل يومياً.

وتراجع إنتاج المناطق التي يسيطر عليها النظام إلى نحو 20 ألف برميل، إضافة لاستجراره نحو 20 ألف برميل من مناطق "قسد "التي تسيطر على منابع الطاقة شمال شرقي سورية، ما يوصل العجز اليومي إلى أكثر من 100 ألف برميل.

وتنعكس أزمة ندرة حوامل الطاقة بعد شللها النقل، على أسعار السلع والمنتجات التي تقول مصادر من دمشق إنها ارتفعت بأكثر من 30% خلال الشهر الأخير، لترتفع نسبة الفقر التي قدرها خلال تصريحات سابقة، مدير مكتب الإحصاء السابق، شفيق عربش بنحو 90%.

ويذكر أن متوسط دخل السوريين نحو 100 ألف ليرة، في حين متوسط الإنفاق الشهري للأسرة، وفق مراكز أبحاث بدمشق نحو 3.5 ملايين ليرة سورية، ما خلق فجوة هائلة بين الدخل والإنفاق، زادت من نسبة الفقراء التي فاقمها تهاوي سعر صرف الليرة التي هوت اليوم الثلاثاء إلى 5800 ليرة مقابل الدولار، وهو أدنى سعر للعملة السورية منذ عام 2011، في وقت لم يزد سعر صرف الدولار عن 50 ليرة سورية.

المساهمون