دفعت موجات الحر التي يعيشها شماليّ الجزائر منتجي الطماطم إلى إطلاق موسم جني المحاصيل قبل موعده السنوي بأسبوعين، لإنقاذ "الغلة"، وسط تجدد المخاوف من تعثر تسويق المحاصيل التي يُنتظر أن تكون وافرة.
في محافظة "الشلف" 200 كيلومتر غرب العاصمة الجزائرية، تحولت فرحة الفلاح الهواري بوستة، بوفرة محصول الطماطم، إلى كابوس يؤرقه، بعدما تعدى سقف ما كان ينتظره الفلاح، حيث فاق محصوله من الطماطم لهذه السنة 350 طناً، اضطر إلى توجيه نصفها في شاحنات نحو المصانع المنتجة للمواد الغذائية، ووضع النصف الثاني من المحصول في غرف تبريد خاصة إلى حين أن يجد زبوناً لها.
وأكد الفلاح الجزائري لـ "العربي الجديد" أن "إيجار غرف التبريد يكلف 300 ألف دينار (2200 دولار)، وهو مبلغ بالكاد نربحه في الهكتار الواحد".
حال المزارع المنحدر من منطقة "الونشريس" المشهورة بأراضيها الخصبة، كحال العشرات من المزارعين الناشطين في المحافظات الغربية وحتى الشرقية من الجزائر، التي تعيش "أزمة وفرة إنتاج الطماطم" دفعت المزارعين إلى القلق على هذه "النعمة" التي تحولت إلى نقمة باتت تهدد موسمهم بالخسارة، خصوصاً أن مدة صلاحية "الطماطم" لا تطول كثيراً مقارنةً بالأصناف الأخرى مع احتساب تكلفة الإنتاج، التي تستعمل فيها الأسمدة بالإضافة إلى غلاء أسعار البذور، مع إضافة ضغط موجات الحر التي تعيشها الجزائر والتي تهدد المحاصيل.
وحسب الأمين الوطني للاتحاد العام للمزارعين الجزائريين، مختار نجيبي، فإن "الجزائر تواجه أزمة وفرة في إنتاج الطماطم مشابهة لسيناريو 2015 و2017، الذي انتهى بتدخل الحكومة التي اشترت المحاصيل، وللأسف لم نستخلص الدروس"، وقال المتحدث نفسه لـ"العربي الجديد" إن "إنتاج الطماطم بلغ في الهكتار الواحد بين 850 و900 قنطار، مقابل معدل موسمي لا يتعدى 600 قنطار".
وأكد عمر بسباس، المسؤول التجاري في إحدى شركات صلصة الطماطم، أن العرض بات يفوق بكثير الطلب، ويفوق حتى طاقات تخزين الشركة، وأضاف لـ "العربي الجديد" أنّ هناك من الفلاحين "من يمكث 4 أيام في الطابور لكي يبيع محصوله، وهناك من يضطر إلى شراء الأماكن. فعلاً الأمر مؤسف، لكن هذه هي قواعد السوق".
وكان اتحاد الفلاحين قد اقترح على الحكومة، السنة الماضية، التدخل لتصدير فائض المحاصيل من الطماطم، إلا أن رئيس جمعية المصدرين الجزائريين ناصر باي، استبعد أن "يكون التصدير حلاً ممكناً في الوقت الراهن، وذلك لعدم توافر الجزائر على آليات تساعد على ذلك بداية من النقل المُكلف، بالإضافة إلى البيروقراطية التي تجمد طلبات التصدير، ونحن أمام مادة تبلغ مدة صلاحيتها بضعة أيام فقط".
وأضاف ناصر باي أن "عمليات التصدير تحتاج إلى تدبير وتحضير مسبقين، وليس في الدقيقة الأخيرة، الجزائر الآن تراهن على رفع صادراتها خارج النفط إلى 13 مليار دولار، والمنتجات الزراعية والفلاحية موجودة وتحتاج إلى وضع خطة خاصة بها فقط".
من جانبه، قال الخبير الزراعي احميدة تاج الدين لـ "العربي الجديد" إنّ "من بين الحلول التي لا بد من تجسيدها في القطاع، تجفيف الطماطم، حيث كانت هناك تجارب في ولايتي "قالمة" و"شلف"، بهدف امتصاص الفائض، حيث يمكن أن تبقى الطماطم خمس سنوات من دون تلف.