مقرات الفصائل تقلص مشتريات المساكن في بغداد

24 نوفمبر 2021
مواطنون في منطقة جسر الأحرار وسط بغداد (فرانس برس)
+ الخط -

يتجنب عراقيون شراء العقارات في المناطق التي تحوي مقرات للفصائل المسلحة وحتى سياسيين وسط العاصمة بغداد، تجنباً للتوترات الأمنية، ما تسبب في تراجع أسعار المساكن في هذه المناطق بنسبة تقترب من الثلث في غضون ثلاثة أشهر، بينما تركز الإقبال على مناطق أخرى حتى وإن كانت ضعيفة من ناحية الخدمات.

وينشط أكثر من 40 فصيلاً مسلحاً في بغداد وتتخذ مقرات ومكاتب ومنازل لقادتها، حيث تعتبر أحياء الجادرية والكرادة وشارع فلسطين وزيونة والقاهرة والبنوك والصالحية من أبرز الأحياء الراقية التي تقع بها المقرات.

يقول علي البياتي، مدير إحدى شركات الوساطة العقارية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "مفهوم الأحياء الراقية تغير في العاصمة مقارنة مع السنوات السابقة، إذ أصبح المفهوم المقصود به الآن ليس الخدمات كالماء والكهرباء وشبكات الصرف الصحي، بل في سكان هذه المناطق ومستواهم الثقافي وهدوء الحي وأمنه، والأهم عدم وجود مكتب ولا مقر لفصيل مسلح أو منزل سياسي أو مسؤول".

ويضيف البياتي أن "أحياء كثيرة في بغداد تراجعت قيمة عقاراتها وباتت العائلات تفضل حياً مستقراً بجيران هادئين على أي جوانب خدمية أخرى"، مشيراً إلى أن أسعار العقارات في المناطق التي تنشط بها الفصائل المسلحة تراجعت بأكثر من 30% خلال الأشهر الأخيرة فقط، فهي كثيرة المشاكل والصخب الأمني وفيها صار المعروض للبيع أكثر من المطلوب.

يتابع البياتي أن "معيار غلاء العقار السكني الآن هو عدم وجود فصائل مسلحة ولا سياسي ولا مسؤول ولا قائد أمني يسكن فيه أو يوجد قربه، لأن ذلك يعني قطع طرق بشكل مفاجئ وانتشاراً مسلحاً وسلب راحة الناس واستقرارهم، إضافة إلى عدم إمكانية التعرف على عدد الغرباء الداخلين للحي".

بدوره، يقول سعد هاشم، وسيط عقاري في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنه في "مطلع العام، كان متوسط سعر المنزل بمساحة 150 متراً في حي الكرادة 300 مليون دينار (حوالي 200 ألف دولار)، لكن صاحبه اليوم يعرضه بمبلغ لا يتجاوز 180 مليون دينار".

ويضيف هاشم أن "صواريخ الكاتيوشا والمسيرات على المنطقة الخضراء، والإغلاق اليومي لمسلحي الفصائل وحالة التشنج العالي التي يحدثونها، أفقدت كثيراً من الأحياء روحها وهدوءها"، مشيراً إلى أن "هناك 16 منزلاً معروضة للبيع من أصل 22 منزلاً في شارع واحد في حي الجادرية أرقى أحياء العاصمة ويقع قرب جامعة بغداد، بسبب وجود مقر كبير لأحد الفصائل المسلحة".

ويقول طه عباس 50 عاماً، وهو من سكان منطقة شارع فلسطين شرقي بغداد، إنه ولد في هذه المنطقة ويعرف أغلب سكانها لكنه الآن يشعر بالغرابة لأن أهلها الأصليين غادر أغلبهم بسبب أنشطة مسلحة وحالات خطف وانعدام راحة بالمنطقة.

ويضيف عباس أن "منطقة شارع فلسطين كانت من أفضل مناطق العاصمة، كانت المنازل تباع بمبالغ خيالية ومرتفعة وسكانها بين أستاذ جامعي وطبيب ومدرس وموظف حكومي، لكن منذ دخول الفصائل المسلحة للمنطقة، ووجودها ضمن مقرات وتجمعات لها، تحول الحي إلى فوضى وانعدم الأمن وبطبيعة الحال العائلات تريد أمناً في الشارع ولا تجده بوجود هؤلاء".

ويتابع عباس : "كان السكن في حي المهندسين ضمن منطقة شارع فلسطين حلم أي عائلة، لكن الآن أهل المنطقة صاروا يبيعون منازلهم ويرحلون".

في السياق، يرى كاظم الشمري العضو السابق في البرلمان أن "هناك جانباً متعمداً من بعض الجهات في الضغط على العوائل لبيع منازلها بأسعار بخسة"، معتبراً أن "تلك الجهات معروفة للحكومة التي بإمكانها فتح الملف، وهناك مواطنون مستعدون لأن يقدموا شكاوى بأنهم تعرضوا للضغط والابتزاز لترك عقاراتهم".

يقول الشمري إن "هناك مستثمرين وأصحاب عقارات اشتكوا من تعرضهم لعمليات ابتزاز ولضغوط كبيره والتضييق عليهم في ممارسة أعمالهم، وهذا سبب رئيسي في انخفاض أسعار العقارات في العديد من المناطق".

المساهمون