مصر وصندوق النقد ... سيناريوهات الساعات المقبلة

14 ديسمبر 2022
زيادات مرتقبة في سعر الدولار داخل سوق الصرافة المصري
+ الخط -

أصبح في حكم المؤكد أن المجلس التنسيقي لصندوق النقد الدولي سيعقد اجتماعا، بعد غد الجمعة، لبحث طلب الحكومة المصرية الحصول على قرض جديد بقيمة 3 مليار ات دولار.

وبات من نافلة القول إن الصندوق تلقى وعودا رسمية سواء من الحكومة أو البنك المركزي أو زارة المالية بتنفيذ عدد من الشروط المجحفة بحق المواطن والاقتصاد مقابل تمرير القرض الذي يرفع ديون مصر للصندوق إلى 20 مليار دولار في حال الموافقة عليه.

الحكومة من جانبها لم تفصح عن تلك الشروط، وعما إذا كانت هي نفسها شروط قرض عام 2016، ومنها تعويم الجنيه ورفع الأسعار وخفض الدعم الحكومي وزيادة الضرائب.

توقعات باجتماع استثنائي للبنك المركزي لرفع الفائدة على الجنيه بنسبة كبيرة قبيل اجتماع الصندوق، والسماح بخفض جديد في قيمة العملة

أم أن هناك شروطا إضافية وجديدة تتعلق بالتحرير الكامل لسعر الصرف، وإلغاء الدعم المقدم لرغيف الخبز، وتحرير أسعار الوقود بالكامل، وبالتالي إزالة الدعم عن البنزين والسولار وربما غاز المنازل، وبيع الخدمات بسعر السوق والتكلفة، مثل الكهرباء والمياه والمواصلات العامة وغيرها.

على كل حال، فإنه في ظل قلة المعلومات المتاحة فإننا نحاول رسم سيناريوهات عدة للساعات المقبلة تحاول التعرف إلى الخطوات المتوقعة المصاحبة لقرض صندوق النقد، وانعكاس ذلك على حياة المواطن والأسعار والعملة المحلية والموازنة العامة والدين الخارجي ومناخ الاستثمار والأنشطة الاقتصادية وغيرها.

موقف
التحديثات الحية

أول السيناريوهات المتوقعة هو حدوث اجتماع استثنائي للبنك المركزي المصري يقرر خلاله رفع سعر الفائدة على الجنيه المصري بنسبة كبيرة قبيل اجتماع الصندوق بعد الغد، والسماح بخفض جديد في قيمة العملة المحلية.

هذا الخفض ربما لن يصل إلى التحرير والتعويم الكامل كما يردد البعض، لكنه مرن وبشكل كبير وفق طلب الصندوق، أي أن الجنيه مرشح لمزيد من التراجع في ظل هذا السيناريو.

هاتان خطوتان، التعويم ورفع الفائدة، يطالب بهما صندوق النقد بزعم مساعدة السلطات المسؤولة على مواجهة التضخم الجامح والحد من تأثيراته الخطرة على الأسواق والأسعار وأصحاب المدخرات.

كما أن زيادة الفائدة تزيد جاذبية الاستثمار في الجنيه المصري وتقلل المضاربة المحمومة على النقد الأجنبي وتساعد في عودة الأموال الساخنة إلى البلاد بعد هروبها وفق تصور خبراء الصندوق.

قد يضخ البنك المركزي سيولة دولارية ضخمة في الأسواق لتلبية احتياجات المستوردين والمتعاملين مع البنوك، لإعطاء انطباع ورسالة طمأنة للأسواق

يصاحب خطوة رفع الفائدة مباشرة طرح البنوك الحكومية والخاصة شهادات ادخار بسعر فائدة قد يبلغ 20% وربما أكثر في محاولة لامتصاص ما تبقى من سيولة في الأسواق والحد من المضاربة على الدولار وزيادة الطلب عليه.

قد لا يحدث هذا السيناريو غدا الخميس ويقرر البنك المركزي عدم عقد اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية، على أن يتخذ هذه القرارات وغيرها في اجتماعه الدوري المقرر يوم 22 ديسمبر/ كانون الأول الجاري. وفي حال حدوث ذلك، فإنه يبعث برسالة للأسواق أنه ليس في حالة ذعر وقلق من أزمة العملة كما يتصور البعض.

وفي كل الأحوال، فإنه قد يصاحب هذا السيناريو ضخ البنك المركزي سيولة دولارية ضخمة في الأسواق لتلبية احتياجات المستوردين والمتعاملين مع البنوك، وذلك لإعطاء انطباع ورسالة طمأنة للأسواق بتوافر النقد الأجنبي.

وهذه الخطوة يمكن أن تؤدي لحدوث تراجع في سعر الدولار داخل السوق الموازية (السوداء)، أو على الأقل عدم حدوث قفزة في حال تم إجراء تعويم ثالث للجنيه خلال العام الجاري.

موقف
التحديثات الحية

بالطبع لن يضخ المركزي 6 مليارات دولار قيمة البضائع التي تنتظر الإفراج الجمركي في الموانئ والمطارات كما يتوقع البعض، فهذا مبلغ لا يتحمله الاحتياطي الأجنبي المتوافر لدى البنك، قد يضخ الأموال التي جمعها أخيرا من مستثمرين خليجيين مقابل بيع أصول مصرية وتزيد قيمتها عن ملياري دولار.

يصاحب سيناريو خفض قيمة الجنيه وزيادة سعر الفائدة حدوث قفزات في أسعار السلع، وخاصة أن السوق المصري يعتمد على الخارج في تلبية ما يزيد عن 60% من احتياجاته، وهو ما يعني موجة جديدة من غلاء الأسعار وزيادة التضخم تصاحبها موجة أخرى من الركود والكساد وإغلاق مزيد من المصانع مع زيادة كلفة الإنتاج.

الحكومة مطالبة بالتحرك سريعا لمواجهة تبعات القرارات المرتقبة على المواطن والأسعار جراء قرض صندوق النقد الدولي

على مستوى السيناريوهات المتوقعة من الحكومة، فإنه قد يصاحب موافقة صندوق النقد على القرض الجديد إجراء زيادات جديدة في أسعار السلع والخدمات، السلع الغذائية والتموينية، مترو الأنفاق والمواصلات العامة، المشتقات البترولية، زيادة الرسوم الحكومية، توسيع دائرة الضرائب وإدخال فئات وممولين جدد، إضافة إلى الاسراع في خطط بيع أصول الدولة وخصخصة البنوك والشركات.

في كل الأحوال، فإن الحكومة مطالبة بالتحرك سريعا لمواجهة تبعات القرارات المرتقبة على المواطن والأسعار جراء قرض صندوق النقد، لأن الحصول على رضا الصندوق وتنفيذ شروطه المجحفة على حساب المواطن يحمل مخاطر اجتماعية وسياسية وربما اقتصادية ومالية، ليس فقط على المديين المتوسط والبعيد، ولكن على المدى القريب جدا.

المساهمون