مصر والرهان الخاسر على "نخوة" الإماراتيين

25 سبتمبر 2020
المشروعات الإماراتية الإسرائيلية تهدّد قناة السويس كأكبر ممر ملاحي في العالم (فرانس برس)
+ الخط -

يوما بعد يوم، تتكشف الحقائق والمعلومات حول المشروعات الإماراتية الإسرائيلية المشتركة التي تهدد قناة السويس كأكبر ممر ملاحي في العالم، فعقب الإعلان عن تطبيع العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب كشفت دولة الاحتلال عن عشرات المشروعات التي ستتم إقامتها بالتعاون مع الإمارات، وتهدد بشكل مباشر الموانئ المصرية ومنها موانئ العين السخنة وقناة السويس وبورسعيد ودمياط وغيرها من الموانئ التي ستنقل جانباً كبيراً من تجارة ونفط الخليج وصادرات دول جنوب شرقي آسيا إلى أوروبا وأسواق العالم. 

من بين هذه المشروعات إقامة قناة تربط بين ميناء إيلات على البحر الأحمر ومدينة عسقلان على البحر المتوسط، ويبلغ طولها 254 كيلومترا، وهي قناة موازية لقناة السويس وتهددها بشكل مباشر، خاصة وأن دولة الاحتلال تتحدث عن تسهيلات في نقل النفط الخليجي من خلالها. 

وهناك مشروع خط أنابيب النفط، الذي يربط بين إيلات ومحطة ناقلات النفط بعسقلان، والذي سيعظم دور إسرائيل كلاعب رئيسي في تجارة الطاقة في المنطقة، ويزيد من استثمارات النفط والغاز، ويوفر بديلا أرخص من قناة السويس وخيارا للاتصال بشبكة خط أنابيب العرب التي تنقل النفط والغاز ليس فقط إلى المنطقة، ولكن إلى الموانئ البحرية التي تزود العالم باحتياجاته من السلع والمواد الخام كما تقول الصحف العبرية التي بدأت بالفعل الترويج على نطاق واسع لمزايا الخط الإسرائيلي مقارنة بقناة السويس من حيث قدرة المحطات في عسقلان وإيلات على استيعاب الناقلات العملاقة التي تهيمن على شحن النفط حالياً.

لم تكتفِ تل أبيب وأبوظبي بذلك، بل بدأ الطرفان على وجه السرعة إجراء مفاوضات لإقامة خط أنابيب لنقل النفط والمشتقات البترولية من بنزين وسولار وغاز.

خط يمتد من السعودية إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر، ومن إيلات حتى عسقلان على البحر المتوسط، حيث تملك إسرائيل خط أنابيب نفطيا منذ خمسينيات القرن الماضي كانت تستخدمه في تهريب النفط الإيراني لأوروبا أيام حكم الشاه، وذلك كما كشف موقع غلوبس المختص بالاقتصاد الإسرائيلي والذي أكد أن الخط سينقل النفط الخليجي الخام نحو الأسواق في أوروبا وعبر دولة الاحتلال.

كما أن تصدير النفط إلى أوروبا عبر خط أنابيب بري يربط إسرائيل ودول الخليج، سيساعد على تجاوز الطرق الملاحية الخطيرة والمكلفة لمضيق هرمز وقناة السويس حسب وصف الإعلام العبري.

أضف إلى ذلك المشروعات الضخمة التي اتفقت عليها أبوظبي وتل أبيب لتطوير الموانئ الإسرائيلية؛ فمنتصف الشهر الجاري، وقعت شركة موانئ دبي الإماراتية عدة اتفاقات مع شركة دوفرتاور الإسرائيلية، لشراء وتطوير ميناء حيفا، المطل على البحر المتوسط، وهو واحد من ميناءين رئيسيين في الأراضي المحتلة، وتسعى تل أبيب إلى تحويل ميناء حيفا كمنافس قوي للموانئ المصرية الواقعة على سواحل البحر المتوسط.

كما تم الاتفاق بين الطرفين على تطوير موانئ إسرائيلية أخرى بحيث تكون منافساً قوياً للموانئ المصرية. 

لم تتوقف مشروعات التطبيع عند هذا الحد فقد كشف وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، يوم الأربعاء، أن تل أبيب اقترحت انضمام الإمارات إلى منتدى غاز شرق المتوسط الذي يضم مصر وإسرائيل واليونان وإيطاليا والأردن وقبرص (اليونانية). 

كما شجع قرار التطبيع الإماراتي ــ الإسرائيلي شركة شيفرون الأميركية، ثالث أكبر شركة للتنقيب عن الغاز والنفط في العالم، على الاستثمار في مجال التنقيب عن الغاز والنفط في إسرائيل وضخ مليارات الدولارات في قطاع الطاقة الإسرائيلي، وهو الأمر الذي كانت الشركة النفطية العملاقة تتفاداه في السابق خشية أن تتعرض استثماراتها في الخليج للخطر.

ومع خطورة مثل هذه المشروعات الإماراتية الإسرائيلية انتظرنا منذ أكثر من شهر تعليقا من مسؤول مصري، خاصة وأن هذه المشروعات تمثل تهديدا خطيرا ليس فقط على قناة السويس، بل على الموانئ والملاحة المصرية، إلى أن خرج علينا الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس يوم الأحد الماضي ليتحدث في أحد البرامج التلفزيونية عن مخاطر هذه المشروعات على مصر، وعن الترتيبات الإقليمية السريعة التي تمس مصر وأمنها القومي حسب تعبيره.

لكن ماذا عن تصور مصر للتعامل مع هذه المخاطر القادمة من قبل أبوظبي وتل أبيب، أجاب ربيع قائلا إن "مصر تراهن وتعتمد على العروبة في عدم الإضرار بمصالحها الاقتصادية خاصة المتعلقة بقناة السويس!".

هل بهذا المنطق يتم التعامل مع مثل هذه المخاطر المحدقة بأمن مصر القومي واقتصادها الوطني، وهل الرهان على "نخوة" العرب والإماراتيين سيحول المشروعات الإسرائيلية الإماراتية من تهديد حقيقي لمصر إلى داعم لمصر واقتصادها.

أشك.