مصر: الحكومة تبيع تأشيرة الحج المجانية بـ5000 دولار

22 نوفمبر 2023
تستهدف الحكومة جمع 140 مليون دولار من الراغبين في السفر لأداء الحج (Getty)
+ الخط -

قررت الحكومة المصرية طرح 28 ألف تأشيرة لأداء الحج، مقابل 5 آلاف دولار لكل تأشيرة خلال موسم الحج المقبل 1445 هجرية (يونيو/حزيران 2024).

طلبت الحكومة من غرفة شركات السياحة تحصيل قيمة التأشيرات، وتسليم المبالغ المتحصلة منها إلى مجلس الوزراء، على أن تتولى الشركات التي ستبيع التأشيرات للمواطنين، تحصيل قيمة السفر والإسكان ومناسك الحج، وفقا لضوابط الحج المقررة من قبل وزارة السياحة. 

تستهدف الحكومة جمع 140 مليون دولار من الراغبين في السفر لأداء الحج، عدا بقية الرسوم التي يدفعها الحجاج للجهات المنظمة للرحلات، التابعة لوزارات الداخلية والسياحة والتضامن الاجتماعي، التي تتراوح ما بين 200 ألف جنيه (6460 دولاراً تقريباً) و450 ألف جنيه. 

يتوقع الخبراء أن يثير قرار الحكومة أزمة مع السلطات السعودية التي تمنح تأشيرة الحج مجاناً لكلّ الدول الإسلامية، والراغبين في أداء الفريضة المقدسة، من خارج الدول الإسلامية، على أن تتولى الحكومات وضع الضوابط الخاصة بكلّ منها، وفقاً لحالة الطلب على السفر ونظام الحجز للإقامة داخل الأراضي السعودية والمشاعر بمنى وعرفات. 

أخطرت الحكومة غرفة شركات السياحة، بعدم مساءلة الشخص الراغب في شراء تأشيرة الحج، عن مصدر العملة، ومنحها لمن سبق له أداء الفريضة، وعدم التقيد بعدد مرات السفر، على خلاف الراغبين في الحج عبر الجهات الرسمية، التي تشترط عدم أداء المسافر للحج من قبل. 

تسبب قرار الحكومة المفاجئ في اضطراب حجز رحلات الحج بين شركات السياحة، التي تواجه ارتفاعاً غير مسبوق في تكلفة الرحلات، بسبب تدهور قيمة الجنيه مقابل الريال السعودي والدولار، مع ارتفاع تكاليف تذاكر الطيران وإقامة الحجاج بمكة والمدينة.

تعقد غرفة شركات السياحة اجتماعاً طارئاً خلال أيام، لوضع آلية توزيع التأشيرات الدولارية، وسط حالة غضب عارمة انتابت الشركات، بعدما طلبت الحكومة أن توزع التأشيرات على الشركات القادرة على جلب العملاء، دون حد أقصى لكل شركة.

خصص مجلس الوزراء 51 ألف تأشيرة حج لأعضاء غرفة السياحة، على أن يباع 28 ألفاً منها بالدولار، في ظاهرة لم تشهدها البلاد من قبل.

تتولى وزارة السياحة توزيع 33 ألف تأشيرة على نحو 2300 شركة سياحية، لتنظيم رحلات بمستوى 5 نجوم واقتصادي وبري. 

أسعار فلكية 

وبدأت وزارة السياحة تتلقى طلبات شركات السياحة الراغبة في تنظيم الحج، بأرقام فلكية.

بلغ سعر الرحلة مستوى 5 نجوم 450 ألف جنيه، للمقيمين على مسافة 250 متراً من الحرمين الشريفين، ينخفض إلى 390 ألف جنيه لمسافة 1250 متراً، وتباع الرحلة لنحو 4000 مسافر. 

خصصت الوزارة أغلبية التأشيرات للحج الاقتصادي، الذي يتراوح سعره ما بين 260 ألف جنيه و226 ألفاً. 

ويبلغ سعر رحلة الحج البري ما بين 225 ألف جنيه و191 ألفاً، عدا تكلفة وسائل الانتقال، مع إمكانية زيادة الأسعار، بعد العودة إلى اللجنة العليا لتنظيم الحج والعمرة.

سمحت الوزارة للشركات بحجز أماكن على مسافة 2000 متر، من الحرمين، بعدما كانت محصورة في نطاق 1500 متر، للمستويات الاقتصادية، بينما في الحج البري تتولى الشركات حجز المساكن خارج منطقة الحرمين، مع توفير وسيلة نقل جماعي لتمكين الحجاج من أداء الصلوات بالحرمين. 

تباع رحلات الحج التابعة لوزارة الداخلية منذ شهر يوليو/تموز الماضي، بسعر 191 ألف جنيه تشمل 56 ألف جنيه رسوم التسجيل والفحص الطبي والتأمين الصحي، و25 ألف جنيه للإقامة، و15 ألفاً للنقل داخل الأراضي السعودية، و25 ألف جنيه للوجبات، و65 ألف تذكرة طيران و10 آلاف جنيه لباقي الخدمات. 

تواصل الجمعيات الأهلية الخاضعة لضوابط وزارة التضامن الاجتماعي، قبول طلبات أداء الفريضة لأعضائها المسجلين قبل نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حتى نهاية الشهر الجاري. 

تشترط وزارتا الداخلية والتضامن والسياحة، على المسافرين عدم أدائهم للفريضة من قبل، عدا الحالات الحرجة التي تتطلب مرافقاً، لا يقل عمره عن 18 عاماً. 

لم تحدد الجمعيات أسعار الرحلات، حيث تلجأ عادة إلى شركة سياحة أو جهة سعودية لتنظيم الرحلة بأسعار اقتصادية. 

تهاوي الجنيه

يخشى خبراء أن تدفع قرارات الحكومة بتحصيل 5 آلاف دولار عن تأشيرات الحج إلى مزيد من تدهور الجنيه، الذي بلغ 51.5 جنيها في السوق السوداء. 

وتبدي شركات السياحة مخاوفها من أن يدفع تدهور الجنيه إلى ارتفاع تكاليف الرحلات، الأمر الذي أدى إلى تراجع الطلب على رحلات الحج. 

قال عضو غرفة شركات السياحة محمد فاروق لـ"العربي الجديد" إن شركات السياحة، تعاني من عدم قدرتها على تدبير الدولار أو الريال، لدفع تكاليف إقامة الحجاج والمعتمرين داخل الأراضي السعودية.

ولفت إلى رفض البنوك تقديم أية مبالغ للمسافرين تعينهم على توفير متطلباتهم اليومية أثناء السفر، بما يزيد من عدد المواطنين في الرحلات. 

يُبين فاروق أن تراجع النشاط السياحي، الذي يواكب تأثر قطاع السياحة والسفر، بالعدوان الإسرائيلي على غزة، يضع الشركات أمام أزمات متكررة، تظهر آثارها السلبية، في تحمل أعباء تكاليف التشغيل والعمالة، في ظل قيود مشددة على ممارسة أنشطتها، ورسوم تفرضها الحكومة دون أية مردود على الشركات من أدائها. 

تبحث الحكومة بنهم عن الدولار والعملات الصعبة، في ظل ضغوط مؤسسات دولية بدعوة مصر إلى خفض جديد في قيمة الجنيه، وتصاعد حجم الدين الخارجي، إلى 164.7 مليار دولار، مع حاجة الدولة إلى نحو 29 مليار دولار لسداد فوائد ومستحقات الدين خلال عام 2024. 

تبيع الحكومة شهادة إعفاء المصريين بالخارج من أداء الخدمة العسكرية، مقابل 5 آلاف دولار، بالتوازي مع مبادرات أخرى لبيع أراضي الدولة والمساكن العامة واستيراد السيارات من الخارج، مقابل ودائع بالدولار، في محاولة للحد من أزمة شح الدولار، المستفحلة منذ عامين. 

ويتوقع محللون في بنوك "المصري الخليجي" و"مورغان ستانلي" و"دويتشه بنك" و"سوسيتيه جنرال" تخفيض قيمة الجنيه بعد أيام من فرز أصوات الناخبين في انتخابات الرئاسة المقررة في ديسمبر/كانون الأول المقبل. 

تخشى الحكومة عامل الوقت، فبدأت وفقاً لخبراء البحث عن الدولار داخل الأسواق المحلية، بعيداً عن القنوات الرسمية.

يتم التعامل على الدولار في سوق العقود الآجلة بالخارج بنحو 46 جنيهاً، والمحلية بنحو 55 جنيهاً، وفي سوق الذهب صعد إلى 49.7 جنيهاً، فيما السعر الرسمي 30.95 جنيهاً، بينما قفز الريال السعودي إلى 13.5 جنيهاً، بزيادة 5.25 جنيهات عن السعر بالبنوك التي تعرضه بسعر ثابت منذ مارس/آذار الماضي عند مستوى 8.25 جنيهات. 

المساهمون