مصادرة أصول "غازبروم" في أوروبا.. إجراء اقتصادي بأبعاد سياسية

18 نوفمبر 2022
غاز بروم وتحديات لعملها في السوق الأوروبية (فرانس برس)
+ الخط -

أثار إقدام بلدين أوروبيين، ألمانيا وبولندا، بشكل متزامن على مصادرة أصول عملاق الغاز الروسي "غازبروم"، موجة من الاستياء داخل روسيا وتساؤلات حول مدى أمان الاستثمار وضماناته في الاتحاد الأوروبي الذي تعلي دوله مبدأ سيادة القانون، وما إذا كان سيشكل مرحلة جديدة على الطريق نحو نهاية الشراكة الروسية الأوروبية في مجال الطاقة، وكذلك حول الدوافع السياسية للقرار.

وفي الحالة الألمانية، ينطبق قرار التأميم على شركة "غازبروم جيرمانيا" اسمها الحالي SEFE، وهي شركة توزيع غاز تبلغ حصتها في توفير الغاز داخل ألمانيا 14%، كما أنها تدير 28% من مستودعات الغاز في البلاد.

وفي إبريل/نيسان الماضي، فرضت السلطات الألمانية إدارة خارجية عليها من دون تأميمها آنذاك، مما أدى إلى بدء "غازبروم" منذ مايو/أيار الماضي، بخفض الإمدادات لـ"غازبروم جيرمانيا" وفرض عقوبات عليها، فاضطرت الشركة لشراء الغاز في السوق بأسعار أعلى كثيرا. 

وفي بولندا، قررت وارسو فرض الإدارة الخارجية بلا تأميم على حصة "غازبروم" في القسم البولندي من خط أنابيب الغاز "يامال - أوروبا" المملوك لشركة "يوروبول غاز" والبالغة 48%، لاعتبارات سياسية وبهدف "مواجهة العدوان الروسي والقضاء على رأس المال والنفوذ الروسيين".

ويرى الشريك في شركة "روس إنرجي" للاستشارات، ميخائيل كروتيخين، أن ألمانيا وبولندا تستندان في قراراهما إلى أنه يحق لهما مصادرة أصول "منظمة سياسية عدوانية"، كما أصبحت "غازبروم" في نظرهم اليوم، ولا تنطبق عليها قوانين ضمان الاستثمار. 

ويقول كروتيخين لـ"العربي الجديد": "تعود عملية مصادرة أصول "غازبروم" في ألمانيا وبولندا إلى ظروف يمكن تصنيفها قهرية، لأن عملاق الغاز الروسي أصبح يهدد أمنيهما الطاقي، وبات فعلياً يؤدي دور منظمة سياسية عدوانية ويخفض إمدادات الغاز تارة أو يوقفها تارة أخرى لاعتبارات سياسية".

ويقلل من أهمية المزاعم أن الخلاف الروسي الأوروبي في مجال الطاقة يعود إلى إصرار موسكو على دفع قيمة الغاز الروسي بالروبل، مضيفا: "كانت آلية سداد قيمة الغاز بالروبل وهمية، لأنها فعلياً اقتضت تحويل الدفعات إلى روسيا بالعملة الأجنبية أولاً، فتحويلها إلى الروبل داخل روسيا". 

من جانب آخر، يعتبر الخبير الاقتصادي والصناعي الروسي المستقل، ليونيد خازانوف والذي عمل محللا في عدة مؤسسات صناعية، أن قراري السلطات الألمانية والبولندية لا يصبان في مصلحة البلدين، بل يزيدان من الأعباء المالية المتعلقة بخدمة الأصول المصادرة. 

ويقول خازانوف الذي يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد، في حديث لـ"العربي الجديد": "عملية التأميم أو بالأحرى المصادرة غير المشروعة لأصول "غازبروم" في ألمانيا وبولندا لن تحقق أي فائدة للبلدين، ولكنها قد تتسبب في مشكلات لهما. يجري الحديث عن أصول توزيعية لـ"غازبروم"، وهي من دون إمدادات "الوقود الأزرق" ستكون مجرد أنابيب فارغة".

وحول رؤيته لتداعيات عملية المصادرة على ألمانيا وبولندا، يضيف: "بوضع اليد عليها، أخذت السلطات الألمانية والبولندية على عاتقها المسؤولية عن خدمة شبكات نقل الغاز وصرف الأجور للعاملين. النفقات من ميزانيتي البلدين ستزداد ما لم يتم استئناف ضخ الغاز الطبيعي". 

وبحسب آخر التقارير المتوفرة، فإن أرباح "غازبروم جيرمانيا" بلغت نحو 277 مليون يورو في عام 2020، فيما كانت أصولها آنذاك تقدر بحوالي 8.4 مليارات يورو.

لكن الوضع بات مغايرا تماما بعد اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، إذ باتت الشركة تواجه شبح الإفلاس، مما دفع بالسلطات الألمانية إلى التدخل وتغيير اسمها إلى SEFE (Securing Energy for Europe)، إلى أن تقرر تأميمها هذا الأسبوع. 

أما قيمة حصة "غازبروم" في شركة "يوروبول غاز" البولندية، فقدرت في نهاية عام 2021 بـ580 مليون دولار، ولكن قسم خط أنابيب الغاز التابع لها لم يكن يستخدم في الأشهر الأخيرة بسبب حرب العقوبات بين روسيا والغرب.

المساهمون