تُعتبر مدينة غزة الصناعية، عاصمة الصناعة في القطاع المحاصر، إذ توفر ما يزيد عن 4700 فرصة عمل يومية بشكل مباشر وغير مباشر، في مجالات صناعية واسعة ومتعددة على مساحة إجمالية بلغت نحو 500 دونم (الدونم ألف متر مربع)، إلى الشرق من المدينة التي يُحاصِرها الاحتلال الإسرائيلي منذ 17 عامًا.
وتأسست المدينة الصناعية أو كما يُطلق عليها فلسطينيا "المنطقة الصناعية" عام 1998 بصفتها أولى، وكبرى المدن الصناعية على مستوى فلسطين، وقد تم تجهيزها ببنية تحتية مُتكاملة، ومُتطورة لتلبية الاحتياجات الصناعية بمختلف أنواعها، لتُصبح الداعم الأساسي للاقتصاد الفلسطيني، وتكون نافذة فلسطين، لتصدير المنتجات من قطاع غزة إلى دول الجوار.
وتُعتبر مدينة غزة الصناعية، والتي تبعد مسافة 4 كيلو مترات عن مركز المدينة، باكورة تشييد مجموعة من المُدن الصناعية في فلسطين، بغرض تعزيز، وتمكين الاقتصاد الفلسطيني، علاوة على استقطاب الاستثمار المحلي الداخلي، والاستثمار الأجنبي الخارجي.
ووفق هيئة تشجيع الاستثمار والمدن الصناعية، المُشرِفة على إنشاء المدينة، فإن المنطقة الصِناعية تتربع على موقع متميز بالقرب من معبر المنطار "سابقاً" على مساحة تقدر بنحو 92.309 أمتار مربعة من المباني المعدنية الجاهزة، ونحو 11.444 متراً مربعاً من المساحات المفتوحة للبناء، وقم تم منح عقد امتياز تطوير وتشغيل وإدارة مدينة غزة الصناعية لشركة فلسطين لإنشاء وإدارة المناطق الصناعية PIEDCO، والتي تواظِب على تطوير مرافقها، وتلبية احتياجات المستثمرين أصحاب الصناعات لضمان تحريك عجلة الاقتصاد في القطاع بشكل متواصل.
وتعتبر مدينة غزة الصناعية من أشمل المدن الصناعية في فلسطين بسبب تنوع طبيعة الصناعات فيها، إذ تضم مصانع الخياطة والنسيج، والصناعات الغذائية، وصناعة المشروبات والعصائر، والصناعات البلاستيكية، والصناعات الخشبية، والصناعات الدوائية، وصناعة المنظفات، إلى جانب الشركات الخاصة بالطباعة والإعلانات.
ويلفت مدير دائرة الترويج في المدينة الصناعية، في المنطقة الصناعية، باجس الدلو، إلى أن هناك 64 شركة ومصنعاً، داخل مدينة غزة الصناعية، والتي افتتحت أبوابها في أواخر التسعينيات، وتقوم بتوفير نحو 1200 فرصة عمل يومياً بشكل مباشر، إلى جانب توفير ما يقارب من 3500 فرصة عمل يومياً بشكل غير مباشر.
ويبين الدلو أن نسبة الإشغال في المباني المنشأة داخِل المدينة 100%، أما حجم الاستثمار الخاص بالأصول الحكومية داخل المدينة الصناعية فقد بلغ حتى الآن نحو 70 مليون دولار، فيما وصلت استثمارات المُستأجرين إلى 73.5 مليون دولار، أما استثمارات شركة باديكو فوصلت إلى 28 مليون دولار، بمجموع استثمارات كُلي في مدينة غزة الصناعية وصل إلى 171.5 مليون دولار.
وتلتزم الشركات والمصانع داخل المدينة الصناعية وفق حديث الدلو لـ "العربي الجديد" بمجموعة من الشروط والمعايير الخاصة بضمان أُسُس وقواعد السلامة المهنية والوقائية، عبر اتباع إجراءات السلامة، والصحة المهنية، والعُمالية، وكافة إجراءات الدِفاع المدني، والاجراءات الخاصة بالوِقاية العمالية.
ويلفت كذلك إلى أنّ الشركات والمصانع داخل المدينة، تحظى بعدة خدمات لتسهيل عملها، ومنها توفير الكهرباء على مدار الساعة من خلال ألواح الطاقة الشمسية التي تنتج حوالي 7 ميغاواط من الكهرباء بسعر 0.6 شيكل/كيلوواط، إلى جانب خدمات الهاتف، والإنترنت، والحراسة على مدار الساعة، كذلك توفير النظافة، والصيانة، والخدمات الاستشارية، وخدمة النافذة الاستثمارية الموحدة، والإعفاءات الضريبية، علاوة على وجود فريق الأمن والسلامة الخلص بمتابعة الإجراءات داخل المصانع.
من ناحيته، يوضح المدير العام لشركة مصانع "سرايو"، وليد الوادية، الواقعة ضمن المنطقة الصناعية، أن المصنع يشمل ستة خطوط إنتاج خاصة بتصنيع الشيبس، بمختلف أنواعه، وخطوط إنتاج الويفر، وحلوى الشتوي، والبسكويت، مع مراعاة شروط السلامة المهنية، والعُمالية، إلى جانب المُحافظة على الجودة النهائية للمُنتجات، لضمان رضى المستهلك داخل قطاع غزة، أو في الضفة الغربية، والتي يتم فيها تسويق كميات وفيرة من كافة خطوط الإنتاج.
ويلفت الوادية إلى عدة عوامل أدت إلى تحسين خطوط الإنتاج، وزيادة الطلب على مُنتجات المصنع، والذي يضُم نحو 200 عامل، وفي مقدمتها العائد المادي من عمال الداخل المحتل، وموسم عودة المغتربين، إلى جانب بدء موسم المدارس.
وتضم المنطقة الصناعية العديد من الورش، والمصانع الخاصة بإنتاج الملبوسات والأقمشة. ويقول صاحب إحدى الشركات الخاصة بالتجارة العامة والمقاولات، هاني عليوة، إن ورشة التصنيع الخاصة بالشركة تعمل على إنتاج الموبيليا والأثاث وتسويقه عبر المتاجر والإنترنت، مع مراعاة الحالة العامة للمواطنين، لافتا إلى تأثير الأوضاع الاقتصادية المتردية على العمل، إلى جانب المنافسة الكبيرة بين المنتج المحلي، والمنتج المستورد.
ويتيح العمل داخل المدينة الصناعية، العديد من المميزات وفق حديث عليوة لـ "العربي الجديد" إذ يضمن وجود الكهرباء، ومجال العمل على مدار الوقت، إلى جانب إلزام الشركات بمتابعة التراخيص، ووسائل الحماية والأمان، إذ يتضمن مصنعه نحو 35 طفاية حريق.