مجلس النواب الليبي يقر أكبر موازنة في تاريخ البلاد

10 يوليو 2024
جلسة لمجلس النواب الليبي في مدينة سرت، 9 مارس 2021 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **اعتماد الموازنة العامة الليبية لعام 2023**: مجلس النواب الليبي اعتمد موازنة بقيمة 179 مليار دينار ليبي، وهي الأكبر في تاريخ البلاد، بعد إضافة 98 مليار دينار لتغطية الإنفاق الموازي.

- **خلافات حول الموازنة الموحدة**: رغم تأكيد حكومة مجلس النواب على أن الموازنة "موحدة"، إلا أن 6 من أعضاء اللجنة المالية العليا رفضوا المقترح، مطالبين بثلاثة اشتراطات دستورية متلازمة.

- **جهود دولية ومحلية للتوافق**: البعثة الأممية وعدة عواصم دفعت لتشكيل لجنة مالية عليا، لكن الخلافات أدت إلى انسحاب ممثلي مجلس النواب وفشل اللجنة في تحقيق التفاهم.

صوّت مجلس النواب الليبي في جلسة رسمية عقدها، اليوم الأربعاء، بمقره في مدينة بنغازي، على اعتماد الموازنة العامة التي قدّمتها الحكومة للعام الجاري بقيمة 179 مليار دينار (36.90 مليار دولار).

ودون ذكر أي تفاصيل أخرى حول أبواب الموازنة، أكد الناطق الرسمي باسم المجلس عبد الله بليحق، في منشور على صفحته الرسمية بفيسبوك، أن التصويت على مقترح الموازنة جرى "بالإجماع" خلال جلسة اليوم التي أشار إلى أنها انعقدت برئاسة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ونائبيه فوزي النويري ومصباح دومة.

وكان مجلس النواب قد وافق نهاية إبريل/نيسان الماضي على مقترح موازنة حكومة مجلس النواب، لكن بقيمة 90 مليار دينار، على أن تتم إحالتها إلى اللجنة المالية بمجلس النواب لمناقشة عدد من الملاحظات مع الحكومة وتضمينها قبل التصويت عليها. وجرت إضافة مخصص جديد بقيمة 98 مليار دينار على الموازنة، لتصل إلى 179 مليار دينار، في مؤشر واضح على أن هذه الإضافة الهدف منها تغطية الإنفاق الموازي من قبل حكومة مجلس النواب للسنوات السابقة، إبان منح الموازنة لحكومة الوحدة الوطنية بطرابلس.

وفي تعليق لها على مقترح الموازنة، أكدت حكومة مجلس النواب، في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على فيسبوك قبل التصويت على مقترحها، بأنها موازنة "موحدة" لكل البلاد، وأنها اجتهدت فيها لمراعاة كل "الملاحظات المطلوبة من جميع الأطراف". وتعد الموازنة التي صوت عليها مجلس النواب اليوم هي أكبر موازنة في تاريخ البلاد. والاثنين الماضي، أعلن 6 من أعضاء اللجنة المالية العليا، ممثلين للمجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية، اطلاعهم على مقترح قانون الميزانية المقدم من حكومة مجلس النواب، مؤكدين أنهم غير مسؤولين عن هذا المقترح الذي يعتزم مجلس النواب مناقشته، بحسب بيان مشترك لهم.

وإثر بيان أعضاء اللجنة المالية، كتب رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، تدوينة على حسابه بمنصة إكس، بيّن فيها أن إقرار قانون للميزانية الموحدة يتطلب "ثلاثة اشتراطات دستورية متلازمة"، موضحاً أن أولها ضرورة وجود "مقترح مشروع للقانون مقدم من السلطة التنفيذية لاختصاصها في ذلك". واشترط المنفي ضرورة تشاور السلطة التنفيذية مع المجلس الأعلى للدولة، قبل إحالة القانون إلى مجلس النواب الذي يجب عليه التصويت لإقرار القانون بعدد 120 نائباً. وطالب بضرورة "التوافق بين ممثلي المؤسسات الوطنية المعنية بتحديد أولويات الإنفاق العام، داعياً إلى مزيد من الحوار بالخصوص".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأمس الثلاثاء وجّه رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، خطاباً لعقيلة صالح، طلب منه فيه ضرورة إحالة مشروع قانون الموازنة إلى مجلس الدولة، لدراسته وموافاته بالرأي حياله، مؤكداً أن مجلس الدولة سيعترض على القانون بـ"رفض أي نتائج تترتب بشأن قانون الموازنة المذكور، والاعتراض عليها، ناهيك عن تعرّضه للطعن بالطرق المقررة قانوناً". ونبه تكالة، في معرض خطابه الذي نشره المكتب الإعلامي لمجلس الدولة، على نصوص الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات، وقال مخاطباً صالح "تدركون أكثر من غيركم إلزامه للسلطات العاملة بالدولة، وفي مقدمتها مجلس النواب، بعدم مناقشة أو إصدار أي قوانين إلا بعد عرضها على المجلس الأعلى للدولة، لإبداء الرأي".

وذكّر تكالة بطبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد "ومقتضيات إجراء توافقات في جميع المسائل التي تتصل بإدارة الشأن العام، ولا سيما تلك التي تنعكس على الأوضاع المعيشية للمواطن، وتؤثر في قوته اليومي، وفي إطار تمسّكنا بقواعد إدارة مهام السلطات العامة بالدولة، وحرصنا التام على نبذ الخلافات بين المجلسين، ومنع تفاقمها". وشدد تكالة على "عدم البت في أي مقترحات أو مشروعات قوانين تعرض في الجلسة المزمع عقدها، واتخاذ إجراءات عرض تلك المشروعات على المجلس الأعلى للدولة للرأي"، مؤكداً أثر إقرار الموازنة بشكل أحادي على العملية السياسية.

ومنذ سنوات، دخلت قضية الإنفاق الحكومي حيز الخلافات، خصوصاً بعد تكليف مجلس النواب حكومة موازية في شرق البلاد، وسط اتهامات وجهتها لحكومة الوحدة الوطنية بطرابلس. ووسط ازدياد حدة الانقسام الحكومي، دفعت البعثة الأممية، بدعم عدد من العواصم الفاعلة في الملف الليبي، خصوصاً واشنطن والعواصم الأوروبية، إلى تشكيل لجنة مالية عليا من ممثلي كل الأطياف الليبية، كمجلسي النواب والدولة وحكومتي البلاد والبنك المركزي وديوان المحاسبة ومؤسسة النفط، على أن تكون برئاسة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي. 

وإثر عدة اجتماعات للجنة المالية، بعد تشكلها في يوليو/ تموز من العام الماضي، بهدف الاتفاق على الوصول إلى صيغة للتفاهم لترشيد الإنفاق، وكيفية تقاسم موارد النفط، طرأت خلافات بين أعضاء اللجنة وسط انسحاب ممثلي مجلس النواب من عضويتها، ما أدخلها في حيّز الفشل. ووسط تزايد الخلافات بين مجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية، ذهب مجلس النواب نهاية إبريل/ نيسان الماضي لقبول مقترح قانون للميزانية، قدمته حكومة مجلس النواب بقيمة 90 مليار دينار ليبي، بمعزل عن حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً، وأحاله إلى اللجنة المالية بمجلس النواب لإدخال تعديلات عليه لإقراره في الجلسة المقرر عقدها اليوم الثلاثاء.

ومطلع الشهر الجاري، انعقد اجتماع في العاصمة طرابلس ضمّ المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة بطرابلس، لمناقشة إجراء تعديلات على اللجنة المالية العليا لضمان أداء مهامها، وتنظيم الإنفاق الحكومي. ويبدو أن للمجتمع الدولي رؤية أخرى تتعلق بضرورة اتفاق كل الأطراف الليبية على اعتماد موازنة موحدة للبلاد، إذ عقدت مجموعة العمل الاقتصادية المنبثقة من لجنة المتابعة الدولية لمخرجات مؤتمر برلين التي تضم في عضويتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى جانب الأمم المتحدة، اجتماعاً نهاية الشهر الماضي في طرابلس، جرت خلاله مناقشة سبل مساعدة الأطراف الليبية على التوافق حول ميزانية موحدة للدولة.

تجدر الإشارة إلى أن ملف إقرار ميزانية موحدة للبلاد كان محل اجتماع لعقيلة صالح بمحافظ البنك المركزي، الصديق الكبير، السبت الماضي، بحسب بيان للبنك المركزي، ويعد الاجتماع الأول بينهما بعد سنوات من توتر العلاقة بين الجانبين.

(الدولار = 4.85 دنانير ليبية)

المساهمون