عندما انتقلت صوفي كيم إلى كوريا الجنوبية بعد 15 عاما في الولايات المتحدة، لم تتمكن من العثور على أي مكان لشراء القنبيط الأجعد لعصيرها الأخضر. وبعد عناء البحث، وجدت مزارعا، ثم صممت تطبيقا لمساعدة الآخرين في البحث عن منتجات عالية الجودة.
وأصبحت "ماركت كورلي"، التي توفّر خدمة توصيل البقالة في اليوم التالي، وأسستها كيم البالغة 38 عاما، واحدة من أهم شركات اليونيكورن (الشركات الصاعدة التي يتخطى رأسمالها مليار دولار) في كوريا الجنوبية، فيما بلغت قيمتها ثلاثة مليارات دولار، ومن المقرر طرحها لعرض عام أولي بحلول شباط/فبراير.
جاءت كيم بهذه الفكرة بعدما سئمت التنقل عبثا من متجر إلى آخر في سيول للعثور على البقالة عالية الجودة التي تريدها.
لكنها كانت تعلم أن المنتجات موجودة، وبدأت القيام برحلات إلى مناطق زراعية في كوريا الجنوبية للعثور عليها. وعلى سبيل المثال، ذهبت إلى سوق اللحوم الشهير في ماجانغ-دونغ لشراء كمية كبيرة من اللحم البقري التي تقاسمتها بعد ذلك مع زملائها في العمل.
وقالت: "فيما كنت أحاول معرفة سبب صعوبة الحصول على طعام طازج وعالي الجودة في كوريا، تعرفت إلى بعض المزارعين والصيادين، وكانوا يواجهون المشكلة نفسها بعدم القدرة على العثور على زبائن".
وأضافت أن المزارعين الكوريين "فخورون بكونهم يستطيعون إنتاج مثل هذه المنتجات الجيدة، لكن من الصعب عليهم الوصول إلى المستهلك".
في البداية، قالت كيم إنها فكرت في إنشاء سوق للمزارعين، قبل التخلي عن الفكرة باعتبارها غير عملية، والأهم من ذلك، أنها لا تساعد المنتجين الذين ليس لديهم الوقت للسفر إلى سيول.
اختراق للصناعة
وأدركت كيم أنه "إذا تمكّنا من جعل ذلك مناسبا لكل من المستهلكين والمنتجين، فمن المرجّح أن يكون اختراقا للصناعة بأكملها".
ويمكن لزبائن "كورلي"، الذين كانوا في البداية نساء عاملات في مناطق حضرية وأصبحوا الآن مجموعة متنوعة من أفراد المجتمع، طلب لحم بقر نادر أو خبز مصنوع يدويا أو اختيار واحد من أكثر من عشرة أنواع من التفاح المحلي، الذي يصعب العثور عليه بحلول الساعة 11 مساء، مع ضمان أن تصل الطلبية بحلول الساعة السابعة صباح اليوم التالي.
أطلقت كيم "ماركت كورلي" مع 30 منتجا، من بينها القنبيط الأجعد الذي وفّره المزارع هوانغ هان-سو، الذي يزرع الخضر العضوية منذ 30 عاما في مزرعته في مقاطعة غونجي.
وقال هوانغ إن القنبيط الأجعد كان يحظى بشعبية فقط لدى مرضى السرطان، لاعتقادهم أنه يتمتع بمنافع صحية. لم يكن يبيع كميات كبيرة منه، حتى غنه فكر في التخلي عنه وزرع نوع آخر، لكن مناشدات أحد زبائنه المصابين بمرض عضال في بوسان أقنعته بالاستمرار.
وأوضح هوانغ أن الزراعة صعبة في كوريا الجنوبية بسبب هوامش الربح الضئيلة والاعتماد على العمال الأجانب، الذين يصعب العثور عليهم وسط تضاؤل الاهتمام بهذا المجال من الشباب.
لكن العمل مع "ماركت كورلي" ساعده في الحفاظ على محاصيله، وقال: "في الأيام الأولى، كنا نبيع نحو 20 إلى 30 كيسا يوميا، (لكن الآن) يبلغ متوسط مبيعاتنا اليومية حوالى 800 كيس" من القنبيط الأجعد.
تكاليف اجتماعية
وأشار هوانغ إلى أن خدمات التوصيل في اليوم التالي "مفيدة جدا، لأنها نظام ينتقل مباشرة من المزرعة إلى المستهلكين"، فيما تولّت "كورلي" أيضا كل عمليات الترويج والتسويق.
وتابع: "يمكنني التركيز على الزراعة"، واعترف أن قراءة تقييم منتجاته على تطبيق "كورلي" جعلته يشعر بارتباط أكبر مع الأشخاص الذين يتناولون ما يزرعه.
لكن تطبيقات خدمة التوصيل في اليوم التالي في كوريا الجنوبية، بما فيها "كورلي" ومنافسها "كوبانغ فريش"، تعرّضت لانتقادات بسبب الضغط الذي تمارسه على السائقين، فيما أفادت وسائل إعلام محلية عن وفيات عرضية بسبب الإرهاق الشديد مع قيام العمال بإجراء عشرات عمليات التسليم كل ليلة.
كذلك، أدى انتشار هذه الخدمات إلى إبعاد عمال وظائف مؤقتة عن قطاعات حيوية أخرى، من بينها سيارات الأجرة في المدينة حيث النقص حاد لدرجة أن حكومة سيول رفعت أخيرا الأسعار الأساسية، في محاولة لإغراء مزيد من السائقين لتقديم خدمات في وقت متقدّم من الليل.
وقالت وزيرة الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، لي يونغ، إنه من المهم أن تأخذ شركات اليونيكورن في كوريا الجنوبية مثل "ماركت كورلي" في الحسبان التكاليف الاجتماعية لنماذج عملها.
وأضافت: "يمكن لهذه الشركات المساهمة في المجتمع... ماركت كورلي هي مثال جيد جدا، لأنها أوجدت فكرة مبتكرة للغاية وواجهت العديد من العقبات حتى حقّقت النجاح الحالي".
(فرانس برس)