ماذا لو عاد ترامب؟

04 أكتوبر 2023
دونالد ترامب يمثل أمام محكمة نيويورك (رويترز)
+ الخط -

تلاحق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عشرات الدعاوى القضائية، فقد مثل ترامب أمام محكمة في نيويورك يوم الاثنين مع بدء محاكمته بتهمة فساد وارتكاب جرائم الاحتيال وتضخيم أصوله وقيمة أصوله العقارية على مدى 10 سنوات بما يتراوح بين 812 مليونا و2.2 مليار دولار للحصول على قروض لبناء منتجع للغولف في ميامي، وفنادق في واشنطن وشيكاغو.

ويواجه ترامب تهمة الكذب بشأن ثروته الصافية لإثراء نفسه وخداع النظام، وهي قضية يتهم فيها هو وشركته واثنان من أبنائه بخداع البنوك وشركات التأمين وغيرها من خلال الكذب بشأن تقدير ثروته وأصوله لسنوات في البيانات المالية.

محاكمة كتلك يمكنها أن تقضي على إمبراطورية ترامب المالية والعقارية، أو على أقل احتمال فإن هناك إمكانية لأن يفقد بعض ممتلكاته التي تعد بمثابة معالم تحمل اسمه، خاصة وأن الادعاء يطالب بتغريم ترامب 250 مليون دولار، ومنعه من ممارسة الصفقات مرة أخرى.

محاكمة كتلك يمكنها أن تقضي على إمبراطورية ترامب المالية والعقارية، وهناك إمكانية لأن يفقد بعض ممتلكاته

بالطبع، لم يسكت ترامب على تلك التهمة الخطيرة، بل رد بسرعة حيث وصف محاكمته بشأن قضية الاحتيال المالي بأنها مهزلة، ووصف المدعي العام الذي رفع القضية بالفاسد.

إضافة إلى تلك الدعوى يواجه ترامب دعاوى أخرى منها 40 تهمة جنائية في قضية الوثائق السرية، وهي من أخطر التهم في الولايات المتحدة، وفي حال إدانته يواجه عقوبة بالسجن لمدة تصل إلى 20 عاما، وحددت القاضية الفيدرالية إيلين كانون موعدا للمحاكمة في 20 مايو/أيار 2024.

وهناك دعوى تتعلق بالتدخل في الانتخابات والتآمر للاحتيال على حكومة الولايات المتحدة وعرقلة إجراء رسمي. وقضية الرشاوى والتي بموجبها أصبح ترامب أول رئيس أميركي سابق في التاريخ يواجه اتهامات جنائية حيث وجهت إليه اتهامات في مارس/آذار الماضي بقضايا حكومية ناجمة عن مدفوعات مالية سرية خلال الحملة الرئاسية لعام 2016 لدفن مزاعم عن علاقات جنسية.

إضافة إلى دعوى تتعلق بنتائج انتخابات جورجيا حيث تم اتهام ترامب و18 آخرين بمن فيهم عمدة نيويورك السابق رودي جولياني ورئيس موظفي البيت الأبيض السابق مارك ميدوز بانتهاك قانون مكافحة الابتزاز في ولاية جورجيا من خلال التخطيط لإلغاء خسارته في انتخابات عام 2020 بشكل غير قانوني.

لا ينكر أحد أن جزءا من تلك الدعاوى مقام ضد ترامب في إطار المناكفة السياسية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي ليس إلا، ومحاولات عرقلة ترشحه مرة أخرى، ومنعه من خوض انتخابات الرئاسة المقبلة المقررة في نهاية 2024 حيث ينافس الرئيس الحالي جو بايدن، وأن ترامب نفسه ينظر إلى تلك الدعاوى على أنها أكبر محاولة للمضايقة السياسية في العالم.

ترامب ينظر إلى تلك الدعاوى على أنها أكبر محاولة للمضايقة السياسية في العالم، ومحاولة عرقلة ترشحه مرة أخرى

وكما يردد ترامب من وقت لأخر فإن "الهدف من القضايا التي حركوها ضدي، هو القضاء عليّ ومنعي من خوض الانتخابات.. انتظروا حتى انطلاق حملتي الانتخابية، وبدؤوا بتحريك الملفات ضدي".

لكن اللافت هو رفض المحكمة العليا الأميركية، يوم الاثنين، النظر في دعوى تطالب بمنع ترامب، من المشاركة في الانتخابات الرئاسية.

هذا يعني أن ترامب قد ينافس بقوة على المنصب الرئاسي، وأن الدعاوى المرفوعة، رغم خطورة بعضها، لن تهز صورته أمام ناخبيه والرأي العام.

وأنه ربما يفوز في تلك الانتخابات لضعف أداء بايدن الاقتصادي والسياسي، وانجازات اقتصادية حققها ترامب في الثلاث سنوات الأولى في فترته الرئاسية الأولى خاصة على مستوى الحد من البطالة، وخفض طلبات الإعانة، وتوفير فرص عمل، وكبح البطالة والتضخم، وزيادة معدل النمو، وجذب استثمارات ضخمة، وتوجيه ضربات قاسية للاقتصاد الصيني، وسياسة الدولار القوي.

لكن جائحة كورونا محت معظم تلك النجاحات مع دخول الاقتصاد الأميركي في حال إغلاق طويلة نسبيا، صاحبه خسائر فادحة للاقتصاد وعلى مستوى الإيرادات العامة، وتراجع في فرص العمل، وغلاء الأسعار، خاصة الوقود، وتفشي ظاهرة الإفلاس والتعثر والركود، وإغلاق المصانع وتسريح العمالة.

لا أحد ينكر أن صورته اهتزت أمام عدد من ناخبيه، خاصة مع ربطها بالفساد والبلطجة الانتخابية والتمرد والدعاوى القضائية المتلاحقة والكثيفة

لكن الصورة ليست وردية بالنسبة لترامب، فلا أحد ينكر أن صورته اهتزت أمام عدد من ناخبيه، خاصة مع ربطها بالفساد والبلطجة الانتخابية والتمرد والدعاوى القضائية المتلاحقة والكثيفة.

والدليل أن أحدث استطلاع أجرته جامعة مونماوث كشف عن أن الأميركيين غير راضين عن ترشح بايدن وترامب، وأن 76% يعتبرون أن بايدن أكبر من أن يشارك في الانتخابات المرتقبة.

وأن منافسه ترامب ليس أفضل منه حظا، وأن عدد الداعمين له منخفض أيضا، وأن 37% فقط من الناخبين أعربوا عن حماسهم وتأييدهم لاحتمال فوز ترامب، بينما أبدى 32% حماسهم للتصويت لصالح بايدن.

الأيام المقبلة كاشفة، فربما يزيح الأميركيون ترامب وبايدن معا من المشهد السياسي، ويفوز شخص ثالث.

لكن، ماذا سيكون عليه الحال لو عاد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، ما تأثيرات ذلك على المشهدين الاقتصادي والجيوسياسي الأميركي والعالمي.

وما هي التأثيرات على الحرب الاقتصادية والتجارية التي خاضتها الولايات المتحدة مع الصين وروسيا، وعلى علاقة أميركا بدول الخليج، والتقارب الصيني الخليجي، والتقارب الخليجي الإيراني، ومستقبل تحالف "أوبك +"، والمفاوضات مع إيران، والحرب في أوكرانيا وغيرها من القضايا الشائكة؟

أسئلة مفتوحة قد لا تجد إجابة محددة في الفترة الحالية، وهو ما سنتناوله في مقال لاحق.

المساهمون