شهد معدل التضخم في الولايات المتحدة ارتفاعًا طفيفًا في سبتمبر/ أيلول، مقتربًا من هدف مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، وفقًا لتقرير صادر عن وزارة التجارة الأميركية اليوم الخميس، وقبل أقل من أسبوع على انتخابات الرئاسة الأميركية، فيما تراجعت طلبات إعانة البطالة التي تلقتها الحكومة الأسبوع الماضي.
وأظهر مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، الذي يُعتبر المقياس الأساسي للتضخم بالنسبة للبنك المركزي، ارتفاعًا بنسبة 0.2% على أساس شهري بعد التعديل الموسمي، مع تسجيل معدل تضخم سنوي بلغ 2.1%، وكلا الرقمين يتماشى مع توقعات "داو جونز".
ويستهدف البنك الفيدرالي الوصول إلى معدل تضخم سنوي بنسبة 2%، وهو مستوى لم يتحقق منذ فبراير/ شباط 2021. ويستخدم البنك مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي لقياس التضخم، بينما يتابع أيضًا مجموعة متنوعة من المؤشرات الأخرى لمراقبة الضغوط التضخمية على الاقتصاد.
التضخم الأساسي يرتفع باستثناء الغذاء والطاقة
ورغم أن رقم التضخم الرئيسي يشير إلى اقتراب البنك المركزي من تحقيق هدفه، إلا أن التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد الغذائية والطاقة لتجنب التقلبات، وصل إلى 2.7%. وارتفع هذا المقياس الأساسي بنسبة 0.3% على أساس شهري، مع تجاوز المعدل السنوي التوقعات بنسبة 0.1%.
وتعكس هذه الأرقام تحديًا يواجه مجلس الاحتياط الفيدرالي، إذ إن التضخم الأساسي لا يزال مرتفعًا عن النسبة المستهدفة، ما يرفع من احتمالات اتخاذ مزيد من السياسات المتشددة لكبح جماح التضخم. ويتابع مسؤولو البنك الفيدرالي التضخم الأساسي باهتمام لأنه يعتبر مؤشرًا أكثر استقرارًا ويعكس بوضوح الضغوط التضخمية في الاقتصاد الأميركي.
ويستمر البنك الفيدرالي في مراجعة سياساته النقدية قبل أقل من أسبوع من إعلان قراره الجديد بخصوص أسعار الفائدة، حيث تشير البيانات إلى تحسن ملحوظ، لكن لا يزال هناك قلق من احتمال استمرار الضغوط التضخمية، رغم تمسكه بسياسة متشددة، تعتمد على سلسلة من الزيادات في أسعار الفائدة، على مدى العامين الماضيين. ومع ذلك، فإن الاتجاه الأخير نحو استقرار معدل ارتفاع الأسعار يُعتبر إشارة إيجابية، قد تدفع البنك المركزي للتريث في اتخاذ المزيد من الزيادات الحادة.
الآثار على الاقتصاد والمستهلك
وعلى الرغم من هذا التقارب التدريجي مع المستوى المستهدف للتضخم، لا تزال تكلفة السلع والخدمات تمثل عبئًا على المستهلكين، خاصة في قطاعات الغذاء والإسكان والرعاية الصحية، إذ يظل المستهلك الأميركي متأثرًا بتكاليف المعيشة المرتفعة، حتى مع تباطؤ الزيادات في الأسعار. وتتجه الأنظار إلى ما ستعلنه اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) في اجتماعاتها المقبلة، وما إذا كانت ستستمر في اتباع سياسات متشددة أو تتجه نحو استقرار أسعار الفائدة.
ومن المتوقع أن تبقى الأنظار على بيانات الاقتصاد الأميركي المقبلة، خاصة أن السوق المالية تستجيب بقوة لأي تلميحات من البنك الفيدرالي. ويواجه البنك المركزي ضغوطًا لتحقيق توازن بين كبح التضخم ودعم النمو الاقتصادي، وسط بيئة اقتصادية تتميز بتحديات متزايدة. وفي ظل اقتراب التضخم من المستوى المستهدف، يبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه الوتيرة قادرة على تحقيق استدامة التضخم عند مستويات منخفضة، أم أن الضغوط التضخمية قد تعود للارتفاع، ما يتطلب اتخاذ إجراءات جديدة من جانب صانعي السياسات الاقتصادية.
وعلى نحو متصل، انخفض عدد الطلبات الجديدة المقدمة للحصول على إعانة البطالة في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، مع انحسار تداعيات إعصارين ضربا البلاد في الآونة الأخيرة. وقالت وزارة العمل الأميركية، اليوم الخميس، إن الطلبات انخفضت 12 ألفاً إلى 216 ألف طلب معدل في ضوء العوامل الموسمية في الأسبوع المنتهي في 26 أكتوبر/ تشرين الأول.
وكان خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم توقعوا 230 ألف طلب في الأسبوع الماضي. وزاد عدد الطلبات في وقت مبكر من هذا الشهر مع تعطيل الإعصار هيلين النشاط الاقتصادي في الجنوب الشرقي، وظل مرتفعاً حتى منتصف الشهر بعد أن ضرب الإعصار ميلتون فلوريدا. كما زادت الطلبات بسبب إضراب عمال مصانع شركة بوينغ، الأمر الذي أجبر شركة صناعة الطائرات على منح إجازات إجبارية للموظفين.