قال المحلل المالي إدريس الشريف، لـ"العربي الجديد"، إن حكومة الوحدة الوطنية الليبية تُنفق حالياً من الموازنة المقترحة لعام 2021 استناداً إلى آلية مخالفة للقانون المالي، وذلك تعقيباً على إخفاق البرلمان في إقرار الموازنة العامة بعد جلسة خامسة من المداولات.
الشريف أوضح أن ملاحظات مجلس النواب شملت مقترحاً بإلغاء باب الطوارئ الذي يُعرف بـ"احتياطي الموازنة العامة"، مع رأي بتخفيض نفقات الباب الثالث للمشروعات التنموية، مشيراً إلى أن برامج إعادة الإعمار بحاجة إلى خطط وبرامج وأهداف.
وقال المستشار الأول في "مجلس التخطيط العام"، صلاح أبو غرارة، إن هناك غياباً للرؤية بشأن مشروع الموازنة العامة.
من جانبه، قال الخبير القانوني، الكوني عبودة، إنه أمام ضخامة أرقام الموازنة وظهور بعض من "بارقة أمل" في عودة الاستقرار، سيحاول "تجار الأزمات" استغلال الفرصة للحصول على عقود أو تراخيص بشأن مشروعات استثمارية أو خطابات نيات بذلك، وهم يعلمون أن الإدارة الليبية -إن جاز وصفها بذلك - تعاني من غياب الشفافية والمؤسساتية.
وأوضح أن "اتفاقيات الاستثمار التي وقعتها ليبيا فيها من البنود المفخخة التي تخدم المستثمر الأجنبي بوضوح، خاصة أنها تفتح الباب لمن جاء في البداية بصفة مقاول ليكتسب صفة مستثمر، في ظل فقه التحكيم الدولي الذي يبالغ في حماية الاستثمارات، وينظر إلى الدولة على أنها تملك من القوة والقدرة ما يجعلها تفرض إرادتها، وهذا مخالف للحقيقة"، على حد قوله.
ولفت إلى أن تأخير إقرار الموازنة يؤثر سلباً في معالجة مشكلات يعانيها قطاع واسع من المواطنين، في ظل أزمة متعددة الأبعاد تتمثل في تدابير مواجهة كورونا ونقص السيولة النقدية لدى المصارف، وانقطاع التيار الكهربائي ونقص المياه في المناطق النائية ونقص المحروقات في جنوب البلاد.
إخفاق بعد جلسة خامسة
وتأتي هذه التصريحات بعدما أخفق مجلس النواب الليبي، اليوم الثلاثاء، في تمرير مشروع الموازنة العامة لحكومة الوحدة الوطنية، خلال جلسة خامسة، بعد فشل المداولات بين الأعضاء بشأن تخفيض قيمتها إلى الحد الأدنى وعدم توافر النصاب القانوني، وانتهى الأمر إلى تأجيل الجلسة لما بعد عيد الأضحى.
المتحدث باسم مجلس النواب، عبدالله بليحق، أكد في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" تعليق المداولات بشأن مشروع قانون الموازنة العامة إلى ما بعد عيد الأضحى لعدم توافر النصاب القانوني. كما أكد ذلك ببيان أصدره لاحقاً.
وأوضح أنه تم الاستماع إلى التقرير النهائي للجنة التخطيط والمالية والموازنة العامة في المجلس حول مشروع قانون الموازنة ومقترح اللجنة بتعديله لأعضاء المجلس.
وقال إن بعض أعضاء المجلس احتجوا بعدم توافر النصاب القانوني للتصويت على المشروع، ليُحال الأمر إلى اللجنة التشريعية والدستورية في المجلس.
وتأخر إقرار المشروع في مجلس النواب بسبب خلافات حول بنود الموازنة مع الحكومة التي تتمسك برقمها المقترح 93 مليار دينار، في مقابل سعي عدد من النواب إلى تمرير مشروط بعد مرور 7 أشهر من السنة المالية، وقرابة الأربعة أشهر على تسلم السلطة التنفيذية مهامها.
ولم يتمكن الأعضاء مرة أخرى من حسم خلافاتهم المستمرة منذ بضعة أسابيع، وقرروا، بشكل مفاجئ، تعليق الأمر من دون الوصول إلى أي قرار، باستثناء الموافقة جزئياً على أحد بنود مشروع الموازنة.
وذكرت مصادر من مجلس النواب لـ"العربي الجديد" أن أعضاء المجلس طالبوا بتخفيض أو إلغاء الباب الثالث المتعلق بالتنمية بقيمة 20 مليار دينار، مع نشر تفاصيل بشأن المشروعات المزمع تنفيذها، والتأكيد على تقرير اللجنة المالية للمجلس بتخفيض قيمة الموازنة إلى 75.7 مليار دينار.
(الدولار=4.48 دينارات).