ليبيا تعود إلى الظلمة: تخريب متعمد للكهرباء

27 يناير 2022
بنية متهالكة لشبكة الكهرباء (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت العاصمة الليبية طرابلس ومناطق ليبية عديدة، انقطاعا في التيار الكهربائي، استمر أكثر في المناطق النائية إلى عشر ساعات يوميا، فيما أعلنت وزارة المالية بحكومة الوحدة الوطنية بأن الإنفاق من باب الطوارئ للعام 2021 بلغ 2.50 مليار دينار (نحو 550 مليون دولار) على مشاريع الشركة العامة للكهرباء.
وقال مدير الإعلام بالشركة العامة للكهرباء، لطفي عزمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن طرح الأحمال للفترتين الصباحية والمسائية نتيجة لانخفاض الطاقة المنتجة من محطات الإنتاج وزيادة الطلب على الطاقة والاستهلاك المفرط وعدم الترشيد في استهلاك الطاقة من قبل المستهلكين. وأضاف أن هناك عجزا في إنتاج الشركة العامة للكهرباء.

تخريب متعمد
وكانت الشركة العامة للكهرباء أعلنت عن سرقة 4200 متر أسلاك ضغط عال بمناطق مختلفة، فيما لا تزال ظاهرة سرقة الأسلاك الكهربائية ترهق كاهلها، وتتسبب في ضعف أداء شبكة التوزيع، فضلا عن عمليات التخريب المتعمدة لبعض المحطات لمجموعات خارجة عن القانون في مناطق الجبل الغربي وضواحي العاصمة طرابلس، حسب مصادر لـ"العربي الجديد".

وتنفق ليبيا سنويا 800 مليون دينار (178 مليون دولار)، لدعم الكهرباء في البلاد، بحسب تقديرات حكومية، في حين لا يسدد المواطنون فواتير الكهرباء منذ عام 2011. وكانت معدلات الجباية لرسوم الكهرباء تناهز 300 مليون دينار خلال عام 2010 (219 مليون دولار بسعر الدينار في هذا التوقيت).

لجوء المواطنين للمولدات
ويلجأ بعض سكان ليبيا، في ظل الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، إلى المولدات الكهربائية التي تعمل على البنزين، وترتفع كلفة المولد الواحد إلى ما يقارب 500 دولار، بسبب الطلب المتزايد عليها، خصوصا خلال فترة الشتاء والصيف.
وتبلغ تسعيرة الكيلووات للاستهلاك المنزلي قرشين وبالنسبة للاستهلاك التجاري 6.2 قروش للكيلو (الدينار = 100 قرش). ويبلغ سعر صرف الدولار الأميركي 4.48 دنانير رسمياً.
وقال المواطن عز الدين الحامدي من منطقة الجبل الغربي لـ"العربي الجديد" إن الكهرباء تنقطع عن المنطقة أكثر من عشر ساعات يوميا منها 7 ساعات في النهار والباقي في الليل مما يزيد المعاناة على المواطنين، وفي ظل نقص الكيروسين يلجأ أغلب السكان في تلك المناطق للحطب لغرض التدفئة ودرجة الحرارة تصل إلى صفر ليلا.

وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة قال خلال شهر مارس/آذار من العام الماضي إن أزمة الكهرباء سوف تحل بشكل نهائي خلال عشرة أشهر.

معاناة القطاع
ويعاني قطاع الكهرباء في ليبيا من أزمات عديدة أدت إلى تهالك جزء كبير من الشبكة وتكرار انقطاع الكهرباء. وكان ديوان المحاسبة الليبي (حكومي)، ذو الدور الرقابي، قد انتقد في وقت سابق الإدارة السيئة للشركة العامة للكهرباء ومشاريعها غير المنجزة وكذلك استثماراتها.

وتواجه شركة الكهرباء ضعف وتهالك البنى التحتية منذ عشرة أعوام، بينما هناك حاجة في معظم المحطات إلى عمليات صيانة واسعة النطاق، إلا أن الإدارات المتعاقبة في الشركة لم تستطع إنجاز هذه المهمة.
وتعرضت عشرات خطوط التوتر العالي لنقل التيار الكهربائي للتدمير خلال الهجوم الذي شنّه اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس بين إبريل/ نيسان 2019 ويونيو/ حزيران 2020.
وأدت مغادرة شركات أجنبية البلاد إلى تأخر تشييد منشآت جديدة. وبالتوازي، تزدهر التجارة في أسلاك النحاس المسروقة التي تباع في السوق السوداء، حسب مصادر لـ"العربي الجديد". ويؤكد الباحث الاقتصادي، وئام المصراتي، أن مشكلة الكهرباء من الصعب حلها على المدى القصير.

يعاني قطاع الكهرباء في ليبيا من أزمات عديدة أدت إلى تهالك جزء كبير من الشبكة وتكرار الانقطاع

وقال المصراتي لـ"العربي الجديد" إن المشكلة في سوء الإدارة وصرف الأموال عبر تعاقدات هنا وهناك، مشيراً إلى أن الكهرباء تحتاج إلى خطة مدروسة لرفع الطاقة الإنتاجية للشبكة مع اتخاذ خطوات أخرى للمشاريع الاستثمارية المتوقفة ومعالجة ملفات الفساد.

الاستيراد لتخفيف العجز
وفي إطار محاولات الحكومات المتعاقبة لتغطية العجز في الكهرباء، اتجهت للاستيراد من الدول المجاورة.

وكانت مصادر أكدت لـ"العربي الجديد" في تصريحات سابقة، قيام وزارة الكهرباء المصرية، بإعداد تصور كامل لرفع قدرة خط الربط الكهربائي القائم بين مصر وليبيا، والذي تقدر طاقته الحالية بـ240 ميغاوات، ليصل إلى 500 ميغاوات كمرحلة أولى، وذلك ضمن الخطط المصرية للحصول على حصة كبيرة من عملية إعادة إعمار ليبيا، لإنعاش الاقتصاد المصري. كما أعلنت الجزائر في وقت سابق استعدادها لتصدير الطاقة الكهربائية إلى ليبيا، والربط الكهربائي بين البلدين عبر تونس.
وأُعلن، في يونيو/حزيران الماضي، عن بدء تموين ليبيا بـ265 ميغاوات من الكهرباء، عبر ربط شبكتي كهرباء الدولتين، كما أرسلت، في أكتوبر/تشرين الأول 2020، فرق مهندسين إلى طرابلس لصيانة محطات الكهرباء بطلب من الحكومة الليبية، آنذاك.

المساهمون