هنا تختلط المفاهيم الحديثة بالتقليدية. تقاليد السكان وعاداتهم تجدها في كل مكان من مجموعة الجزر الفرنسية الخلابة غوادلوب Guadeloupe.
فلا عجب أن تشتم رائحة المخبوزات الشهية، بجانب أكشاك تبيع الفاكهة الاستوائية على ضفاف الشواطئ. ولا عجب أن تسمع صوت الموسيقى يعلو من على رصيف الزوارق. إنها غوادلوب، تلك المنطقة الجُزُرية الكاريبية التي تجمع التناقضات الخلابة في إطار ساحر.
الجزيرة التابعة للدولة الفرنسية هي واحدة من جزر الأنتيل الصغرى في شرق الكاريبي. تتكون من 5 جزر - أكبر جزيرتين "غراند تير" و"باس تير" تجتمعان معًا في المنتصف لصنع شكل فراشة.
نالت الجزيرة شهرة واسعة بعد تصوير المسلسل التلفزيوني Death in Paradise حلقاته على شواطئها، وبدأت بجذب السياح كونها مكاناً رائعاً للاستجمام، واكتشاف عالم من النشاطات الخطيرة.
أكبر مكان للشعب المرجانية
في منطقة Sainte-Anne الشاطئية، يمكن للزائر أن يغوص في واحدة من أكبر المناطق التي تضم شعاباً مرجانية ملونة ونادرة. بحسب موقع Lonely Planet، فإنّ هذه المنطقة المشهورة بشواطئها الرملية، ومياها الفيروزية، وأشجار نخيلها، تجمع أيضاً أكبر محمية طبيعية للشعاب المرجانية، ولذا فإنّ محبي الغوص سيتمتعون بمناظر أكثر من رائعة تحت سطح البحر.
بالقرب من هذه المنطقة، تقع المنتجعات السياحية، والتي تتميز بهندستها الفريدة، حيث تتوزع الغرف المبنية من الأخشاب على طول الشاطئ.
هذا المنتجع السياحي يضم أيضاً سوقاً تقليدياً، يمتد على طول الواجهة البحرية، وقد أقيم السوق بناء على طلب الجمعيات الأهلية التي شددت على ضرورة استغلال المناطق السياحية للترويج لتقاليد وعادات السكان، حيث يتسنى للزائر التعرف على الوجه الحقيقي للجزيرة من خلال الأعمال اليدوية والمأكولات التقليدية، وينصح بتذوق شراب الروم محلي الصنع المصنوع من الأناناس والجوافة.
الجنة الاستوائية
تصف آنا ماري كارول، وهي مدونة سياحية فرنسية، زيارتها إلى ما يعرف بـBasse Terre في غوادلوب، بأنها أشبه بزيارة "جنة" استوائية على الأرض، وتقول:" لا يمكن للمرء أن يشاهد مختلف عناصر الطبيعة في مكان واحد فقط".
هذه المنطقة، أو كما تعرف بالجانب الجبلي للجزيرة، تتميز بغاباتها الكثيفة بفضل الأمطار الاستوائية. يقصدها الزائر بهدف ممارسة رياضة المشي بين الغابات والقرى التقليدية التي سكنها القدامى في الجزيرة. فلا عجب أن تصادف خلال زيارتك الكهوف والبيوت الحجرية القديمة.
وإضافة إلى غاباتها الخضراء، تقول كارول "يجذبك صوت المياه المتدفقة من أعالي الجبال، إذ ينتابك شعور قوي بضرورة خوض تجربة السباحة في المياه العذبة، وما يشجعك على ذلك صوت العصافير ووجود الكثير من الحيوانات البرية الأليفة".
وتضيف: "إنه فعلاً المكان المناسب للتعرف على هذه الجزيرة الساحرة، وممارسة أكثر من نشاط في يوم واحد".
مغامرات خطيرة
صحيح أنّ السياح عادة ما يبحثون عن الراحة والاستجمام في المناطق التي يقصدونها، لكن فرصة ممارسة المغامرات الخطيرة هي أيضاً عنوان آخر وسبب لزيارة غوادلوب. ففي قلب المنتزه الوطني يقع بركان لاسوفرير، وهو واحد من أكثر البراكين شهرة في جزر الكاريبي، وهو أيضاً أعلى قمة في جزر الأنتيل، اندلع آخر مرة في عام 1976.
يستغرق المشي إلى القمة على ارتفاع 1467 مترًا حوالي ساعتين في كل اتجاه، على الرغم من أنه غالبًا ما يكون مخفيًا في السحب لذا قد لا ترى الكثير. تقول كارول إنّ تجربتها هناك "كانت غير عادية".
وتشير إلى أن الجزء الأول من الرحلة استغرق 30 دقيقة سيراً عبر الغابات، ثم يتجه الزائر صعودًا لمدة 90 دقيقة، وبعدها سيكون على ارتفاع هائل مقابل ما يسمى المسبح الأصفر الحراري، بالقرب من البركان، يتخلل الرحلة الكثير من النشاطات الترفيهية، كالصعود بالحبال، وتسلق الأشجار.
تسوق لا محدود
سبب آخر يجعل الرحلة إلى غوادلوب مميزة، هو زيارة الأسواق. تجمع الجزيرة أصنافاً عديدة ونماذج مختلفة للأسواق، فهناك الأسواق التقليدية، والأسواق العائمة، والأسواق المعلقة، والتي بنيت على شكل برج. لذا، فإنّ فكرة الذهاب إلى السوق لا تتعلق فقط بشراء المنتجات، بل أيضاً التعرف على أنماط مختلفة من طرق البيع.
وتعد مدينة بوينت بيتر أكبر مدينة في أرخبيل جزر غوادلوب، والتي تقدم فرصاً للتسوق بلا حدود، نظراً لما تحويه من مراكز تجارية مثل مركز سانت جون بيرس الذي يضم محلات تبيع العطور الفرنسية الأصلية والمجوهرات ومستحضرات التجميل والأزياء، وهناك أسواق ملونة مفتوحة في الهواء الطلق تعرض الفاكهة الاستوائية والزهور والتوابل، وحتى قوارب الصيد.
وعادة ما تجذب الأسواق محبي الأطعمة التقليدية نظراً لوجود العديد من المطاعم الشعبية، وينصح بتناول طبق اللحم مع شرائح الأناناس، وهو الطبق الأشهر في الجزيرة.
الوجه الآخر
غوادلوب هي عبارة عن مجموعة من جزر الهند الغربية تشكل مقاطعة (منطقة إدارية) فرنسية وراء البحار ضمن الممتلكات الفرنسية منذ عام 1946.
وتغطي مساحة 1780كيلومتراً، وتعتبر الزراعة مصدر الدخل الرئيسي للجزيرة، وتشتهر بزراعة الموز والكاكاو والبن وقصب السكر. كما يساهم أيضاً ميناء الجزيرة الرئيسي، بوينت بتير، في لعب دور هام في نقل البضائع من الجزيرة وإليها.
وتحاول السلطات هناك تنمية القطاع الصناعي، ولا يزال هذا القطاع في بداياته، ويشتهر بصناعة السكر وبعض المنتجات الغذائية.
أما بالنسبة إلى تكاليف الرحلة السياحية، فهي تتراوح ما بين ألف و3 آلاف دولار من دون احتساب تذكرة السفر، حيث تبدأ أسعار الفنادق، وخاصة المنتجعات السياحية، من 150 دولاراً، وخارج موسم السياحة تبدأ من 100 دولار في الليلة الواحدة.
أما الفنادق المصنفة 4 نجوم، فإنّ أسعارها تبدأ من 50 دولاراً، وعادة ما يسدد السائح أكثر من 50% من ميزانيته على الإقامة، خاصة أن تناول الوجبات والتسوق، وحتى النقليات، ليست ذات تكاليف مرتفعة، إذ لا يحتاج الزائر لأكثر من 30 دولاراً لتناول الطعام والانتقال من مكان إلى آخر.