لماذا ينتحر شباب مصر؟

03 يناير 2020
النظام يضيع مستقبل الأجيال الشابة (Getty)
+ الخط -

تعددت التفسيرات حول أسباب زيادة معدل الانتحار بين الشباب في مصر، فهناك من يُرجع الانتحار إلى عوامل نفسية بحتة مثل إصابة الشباب بأمراض الاكتئاب العقلي والنفسي، ضعف النفس، المرض، غياب الثقافة، الإدمان، وهي عوامل تصيب الشاب بحالة من اليأس تجعله يفقد الأمل في الغد.

وهناك من يتحدث عن انتشار أمراض أخرى بين الشباب مثل الفصام، الهلاوس، والتي قد تدفع الشاب إلى الانتحار تحت وطأة ضغوط الحياة والأحوال المعيشية الصعبة. وهناك من يُرجع تنامي حالات الانتحار إلى عوامل اجتماعية مثل تأخر الزواج والانفصال الأسرى والعشوائيات والعزلة.

هذه التفسيرات لا تعالج الأسباب الحقيقية لانتحار الشباب في مصر، فهناك تجاهل لأبرز سببين وهما الظروف السياسية والاقتصادية التي يمر بها المجتمع، فالفضاء السياسي وحرية الرأي والتعبير باتت مغلقة أمام الشباب، وشبح الاعتقال حاضراً في حال تبني وجهة نظر مخالفة للسلطة الحاكمة، خاصة في قضايا الحريات وأزمة الاقتصاد، وأصبح تغييب آلاف الشباب في السجون حاضراً في المشهد، والأحلام البراقة التي حلم بها الشباب في 2011 ما لبثت أن انهارت على يد الثورة المضادة والاستبداد.

العامل الاقتصادي يلعب الدور الأكبر في انتحار الشباب، فلا توجد فرص عمل، في ظل قرار بوقف التعيينات في الجهاز الإداري للدولة. حتى الرهان على القطاع الخاص بات مخيباً لآمال الشباب، فهذا القطاع بات يعاني بشدة في ظل منافسة قوية من جهات سيادية، وزيادة كلفة الإنتاج من كهرباء ووقود ومياه وتأمينات.

وعندما يسمع شاب أن الحكومة تحصل على قروض مدتها 40 سنة فإنه يصاب بالاكتئاب، فهو وأولاده وربما أحفاده مطالبون بسداد تلك الديون من جيوبهم وعلى حساب مخصصات الصحة والتعليم والخدمات.

والوعود الحكومية بإصلاح يحسّن الأحوال المعيشية للمواطن تذهب أدراج الرياح. والكلام عن حدوث طفرة في معدل النمو ومؤشرات الاقتصاد يكذبها واقع مرير يشهد تنامياً للبطالة والفقر وانهيار الطبقة الوسطى وقفزات في الأسعار.

وعندما يرى شاب أن حكومته تهتم بإقامة السجون الجديدة أكثر من تشييد المصانع فإنه يصاب بالإحباط. حتى حلم الهجرة والبحث عن فرصة عمل في الخليج أو العراق أو الأردن أو ليبيا والسودان ذهب أدراج الرياح.

وعندما يرى شاب انتشاراً لحالات الفساد فإنه يفقد الأمل في الغد، ويتكرر المشهد عندما يرى قصورا واستراحات رئاسية جديدة يتم إقامتها بمليارات الجنيهات وتمول من موازنة الدولة، ويفقد الشاب الأمل في الحصول على مسكن آدمي ورعاية صحية مقبولة.
المساهمون