لبنان: تقنين قاس للمياه وسط مخاوف من انقطاعها

25 اغسطس 2023
أزمات كهرباء ومياه تلاحق اللبنانيين (فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان في بيانٍ أنها ستضطر إلى اعتماد نظام تقنين قاسٍ يخشى أن يبلغ مرحلة الانقطاع التام للمياه في المناطق التي تتغذى من محطات الضخّ الرئيسية العاملة على المولّدات، وذلك نتيجة عدم توفّر التمويل الكافي بالعملة الصعبة أي بالدولار الأميركي النقدي لتسديد ثمن مادة المازوت.

يأتي ذلك، تعقيباً على البيان الصادر عن مؤسسة كهرباء لبنان بتاريخ 14 أغسطس/آب الجاري، بشأن تسديد فواتير استهلاك الكهرباء نقداً أو بواسطة حساب جديد "فريش" بطلب من البنك المركزي، وليس بموجب حوالات مصرفية، كما جرت العادة، وذلك تحت طائلة قطع التيار عن المتخلفين. 

وأوضحت مؤسسة المياه أنه تطبيقاً لقرار مؤسسة الكهرباء وبموجب تشدد المنشآت النفطية في تسديد ثمن مادة المازوت نقداً أو بواسطة حساب جديد "فريش"، وعدم قبول فواتير بإحالات بالعملة الوطنية كالسابق، لم تعد قادرة على تأمين مادة المازوت لتشغيل محطات ضخ المياه العاملة على المولدات، وذلك لسبب معلوم وهو عدم امتلاك المؤسسة عملة صعبة.
في السياق، قال المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، جان جبران، لـ"العربي الجديد"، إننا نطلق صرخة اليوم ليتحرّك المسؤولون بهدف إيجاد حلّ لهذه المشكلة وتأمين العملة الصعبة، وإلا ستنقطع غالبية المناطق الأسبوع المقبل من المياه، وتصل النسبة إلى 80 في المائة، مشيراً، إلى أن الجباية بالدولار مسألة باتت مطروحة لحلّ الأزمة.

وأشار جبران إلى أن هناك تقنينا قاسيا للتيار الكهربائي التابع لمؤسسة كهرباء لبنان خصوصاً في الأيام الماضية ربطاً بالأزمة الأخيرة، ما يعني اعتمادا أكثر على المولدات الخاصة، والآن، "أصبحنا أمام مشكلة أخرى تتمثل في الخلاف الحاصل بين البنك المركزي والمنشآت النفطية، التي باتت تتشدد في طلب تسديد ثمن المازوت نقداً أو بواسطة حساب فريش، وترفض الفواتير بإحالات العملة الوطنية كالسابق، إذ كنا نشتري المازوت بالليرة اللبنانية وعبر إحالة إلى البنك المركزي"، من هنا لم تعد المؤسسة قادرة على تأمين مادة المازوت لتشغيل محطات ضخ المياه العاملة على المولدات، لأن لا عملة صعبة تتوافر لديها.
ولفت جبران إلى أنه في حال لم يتدخل المسؤولون لإيجاد حلّ للأزمة، فإن مادة المازوت ستنفد هذا الأسبوع، و"سنتحوّل من التقنين القاسي إلى الانقطاع التام للمياه، حيث إن غالبية محطاتنا بنسبة تفوق 70% تعمل على مادة المازوت"، مشيراً، إلى "أننا تلقينا وعوداً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الطاقة والمياه وليد فياض بحلّ المشكلة ونحن ننتظر ترجمتها".
وذكرت المؤسسة أيضاً، أنها تبلغت من الجهات المانحة تعذر تأمين تمويل إضافي لصيانة محطات الضخ والآبار وضمان استمرارية عملها، وبموجب ذلك، سيتعذر إجراء التصليحات اللازمة على مضخات الضخ، لأن ذلك يحتاج غالباً إلى تأمين مواد وقطع غيار من الخارج بالعملة الصعبة التي يستحيل تأمينها عبر المتعهدين العاملين لدى المؤسسة حالياً بالعملة الوطنية.

وغرق لبنان قبل أيام في العتمة الشاملة، بعد توقف شركة "برايم ساوث" المشغلة لمعملي دير عمار والزهراني، عن تشغيل المعملين لأنها لم تحصل على مستحقاتها من مؤسسة كهرباء لبنان، الأمر الذي تسبب بانقطاع شامل للتيار الكهربائي، طاول حتى المرافق الأساسية، منها مطار بيروت الدولي، وذلك، قبل تدخل السلطة بحل جديد "ترقيعي" للأزمة، في القطاع الذي يعد من أكبر مصادر الهدر والعجز، والفساد، بعد تعهّد ميقاتي للشركة بدفع جزء من مستحقاتها، بقيمة 7 ملايين دولار مقابل التشغيل الفوري، علماً، أن ساعات الكهرباء لا تتخطى الثلاث إلى أربع في اليوم الواحد فقط.
وتأتي مشكلة المياه أيضاً لتفاقم معاناة المواطنين، وتزيد من فواتيرهم لتأمين أبسط الخدمات التي يفترض بالدولة أن تؤمنها مجاناً، إذ باتوا يتجهون أكثر نحو أصحاب الصهاريج لتعويض التقنين الحاد أو الانقطاع التام للمياه، خصوصاً مع زيادة الطلب في فصل الصيف.
تجدر الإشارة، إلى أنه بحسب التقرير الأولي للتدقيق الجنائي المقدمة من شركة "ألفاريز أند مارسال"، فإن من أبرز استعمالات احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية بين العامين 2010 و2021، استخدم على ديون كهرباء لبنان بقيمة 18 مليار دولار، وتحويلات كهرباء لبنان بـ543 مليون دولار، ووزارة الطاقة بـ6 مليارات دولار.

المساهمون