لبنان: إجراءات حكومية جديدة لمواجهة منصّات تسعير الدولار ولجم التفلّت

28 يونيو 2021
اقترب سعر صرف الدولار في السوق السوداء من 18 ألف ليرة (العربي الجديد)
+ الخط -

تراوح سعر صرف الدولار في لبنان اليوم الاثنين، بالسوق السوداء بين 17500 ليرة و17800 ليرة من حيث البيع والشراء، مع استمرار أزمة المحروقات، في الوقت الذي نأت فيه حكومة تصريف الأعمال بنفسها عن مسؤولية الانهيار الحاصل في الاقتصاد اللبناني.

وقررت الحكومة، اليوم في اجتماعها برئاسة حسان دياب، أن يتولى القضاء ملاحقة المتلاعبين بالدولار والعمل لإقفال جميع منصّات تسعيره، وتفعيل الإجراءات الهادفة إلى قمع التلاعب بأسعار السلع التي يتم استيرادها على منصة صيرفة البنك المركزي.

وحضر الاجتماع وزراء المال غازي وزني، والداخلية محمد فهمي، والعدل ماري كلود نجم، والاتصالات طلال حواط، إلى جانب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والنائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات، والأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، ومستشار رئيس الحكومة خضر طالب.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

تساؤلات دياب

واستهلّ دياب الاجتماع بكلمةٍ تضمّنت كالعادة نأيا بالنفس عن مسؤولية الانهيار، وحديثا عن "إنجازات غير ملموسة"، والتهجّم على تحركات الشارع الاحتجاجية والتشكيك بها، وانتقاد الاعتداءات التي يقوم بها أشخاص غاضبون، إضافة إلى استخدام منطق المؤامرة والفتنة لوصف ما يحدث.

وحرص دياب على التوقف خلال كلمته عند ثلاث ملاحظات، الأولى أن "هناك فرقا كبيرا بين صرخة الوجع والاعتراض، وبين الفوضى والشغب والاعتداء على أملاك الناس وقطع الطرقات والاعتداء على الجيش والقوى الأمنية".

الملاحظة الثانية، يسأل دياب، "ما السرّ أنه كلما لاحت فرصة استفادة من موسم سياحي ومن حجم الأموال التي تدخل إلى البلد نتيجة هذا الموسم ونتائجه الإيجابية، تحصل فوضى في الشارع؟ حجم الحجوزات السياحية هذه السنة أكبر من توقعاتنا، والتقديرات كانت تتحدث عن دخول بين 4 و5 مليارات دولار إلى البلد في هذا الموسم، وعن نشاط اقتصادي كبير يساعد البلد على الصمود في هذه الأزمة؟".

أما الملاحظة الثالثة، بحسب دياب، فهي أن "البلد كلّه، الدولة ومؤسساتها، مصرف لبنان و64 مصرفاً، وشركات ومحلات، و6 ملايين نسمة، تتحكّم بهم منصّة أو منصّات تحدّد سعر الدولار وترفعه وتخفضه، ولا أحد يعرف المعايير لارتفاع أو انخفاض سعر الدولار في السوق السوداء"، ويسأل: "كيف نقبل على أنفسنا أن منصّة مجهولة، لا نعرف من يديرها، ولا نعرف من وراءها، وما هي أهدافه، أن تتحكّم بمصير دولة وشعب؟! إنه لشيء غريب".

وخلص دياب إلى القول: "منذ سنة ونصف السنة ونحن أسرى منصات تحدّد مصير ومستقبل وطن وشعب، لذلك، اليوم أردت أن أعقد هذا الاجتماع لكي نضع حدّاً لهذا الفلتان الذي يحصل بتسعير الدولار من منصّات سوداء لديها أهداف مشبوهة وتدفع البلد نحو الانفجار".

من جانبه، تابع الرئيس اللبناني ميشال عون، صباح الاثنين، تطور أزمة المحروقات في البلاد والمعاناة التي تواجه المواطنين، لا سيما أمام محطات الوقود، فأجرى اتصالات شملت وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، والإدارات المعنية في الوزارة، وطلب اتخاذ إجراءات سريعة وصارمة من أجل المساهمة في التخفيف من حدة الأزمة المفتعلة، ووقف استغلال المواطنين.

كذلك، اتصل الرئيس عون بوزير الداخلية محمد فهمي وعدد من القادة الأمنيين، وطلب إليهم مساعدة الأجهزة الإدارية المعنية في منع تخزين المحروقات ووضعها بتصرف المواطنين، والتشدد في تطبيق القوانين مع المخالفين، الى حين تراجع الأزمة خلال الـ48 ساعة المقبلة، وفق ما أفاد بيان الرئاسة اللبنانية.

وكان لبنان شهد في الأيام الماضية سلسلة تحركات احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، تخللها قطع للطرقات بالإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات واعتداءات على مراكز رسمية ومؤسسات عامة ومصارف، وسجلت أحداث أمنية، خصوصاً في صيدا جنوباً وطرابلس شمال لبنان، أسفرت عن توقيف محتجين، وسقوط جرحى مدنيين وعسكريين وأمنيين.

قرارات صوتية
وتراوح سعر صرف الدولار يوم الاثنين في السوق السوداء بين 17500 ليرة و17800 ليرة من حيث البيع والشراء، في حين تستمرّ أزمة المحروقات ومشاهد الطوابير أمام محطات الوقود التي فتح قسم منها، ويستمر بعضها الآخر في الإقفال، إما لنفاد المخزون، أو في إطار التقنين، والتخزين، أو على خلفية الإشكالات التي تحصل بسبب البنزين وتتطور إلى إطلاق نار وسقوط جرحى.

وهذه ليست المرّة الأولى التي تعقد فيها اجتماعات على الصعيد المذكور، ومنها على مستوى رئاسة الجمهورية، بيد أن القرارات التي تخرج عقب انتهاء كل اجتماع تبقى صوتية وحبراً على ورق دون أن تترجم ميدانياً، في حين ما يزال تجار السوق السوداء وتطبيقات الصرف يتحكمون بالتسعيرة، التي بلغت في الأيام القليلة الماضية مستويات قياسية تخطت 18 ألف ليرة لبنانية.

ويحظى كبار الصرّافين ومن يعمل لصالحهم من "المتجولين"، الذين يتحكّمون بالسوق وسعر الصرف صعوداً ونزولاً، بتغطية سياسية وحزبية، ويمارسون أعمالهم غير الشرعية على عين الدولة والأجهزة الأمنية والقضائية وفي وضح النهار، ويمكن لجولة سريعة على بعض المناطق، وخصوصاً في البقاع وصيدا وصور جنوباً، وبعض ضواحي بيروت، وغيرها من المدن، أن توثق وقوف صرافين على الطرقات لشراء الدولارات بأسعار مرتفعة وبيدهم الليرات اللبنانية، وعلى مقربة من الحواجز الأمنية.

كذلك، ما يزال المسؤولون في لبنان، وكلّ بحسب وزارته، يعجزون عن ضبط تفلّت الأسعار، ووضع حدّ لجشع التجار الذين يستغلون الأزمة لتحقيق أرباح طائلة، كما وتختلف الأسعار بين محل تجاري وآخر، في فوضى شاملة وغير مسبوقة لم تشهدها البلاد في تاريخها.

المساهمون