لايل برينارد... سباق مع باول على رئاسة البنك الفيدرالي

20 نوفمبر 2021
لائل برينارد (فرانس برس)
+ الخط -

لم يكد الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، ينهي مقابلته الافتراضية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، في وقت متأخر من مساء يوم الإثنين الماضي بتوقيت العاصمة الأميركية واشنطن، بعد يومٍ حافل بالنشاطات، شهد توقيعه على فاتورة بقيمة تتجاوز تريليون دولار لتجديد البنية التحتية، حتى طلب منه مساعدوه الخلود إلى النوم استعداداً للمهمة الشاقة المطلوب إنجازها قبل نهاية الأسبوع، والتي تتعلق باختيار رئيس لبنك الاحتياط الفيدرالي لفترة السنوات الأربع القادمة، اعتباراً من شهر فبراير/ شباط القادم.
ورغم تشابه الرؤى إلى حد كبير بين الرئيس الحالي جيروم باول، ومنافسته لايل برينارد، عضو مجلس محافظي البنك، حول قضية الساعة الخاصة بمعدل التضخم المرتفع الذي يضرب البلاد حالياً، وتوجهات معدل الفائدة خلال الشهور القادمة، لا يبدو بايدن مستكيناً للاختيار الأسهل بالمد لفترة جديدة للرئيس الحالي، الذي أثبت كفاءة عالية في حماية الأسواق من أزمة مالية كبيرة، بعد اجتياح وباء كورونا الولايات المتحدة، على الأقل حتى الآن.
وبخلاف الميل الدائم لدى قادة الحزب الديمقراطي لاختيار الكفاءات من الأقليات والنساء لتولي مناصب مهمة في الإدارة الأميركية، يضغط الأعضاء التقدميون في الحزب حالياً لاختيار برينارد للمنصب، أملاً في تشديد القيود على المؤسسات المالية، وإعطاء المزيد من الأهمية للتعامل مع تهديد التغير المناخي، وهو الدور الذي عجز البنك بقيادته الحالية عن القيام به خلال الشهور العشرة الأخيرة، بينما كان لبرينارد خطة واضحة لتوجيه أكبر للبنوك نحو إدارة المخاطر المتعلقة بالمناخ، كجزء من جهدٍ أشمل لرصد المخاطر المحتملة على النظام المالي برمته.
وخلال عضويتها لمجلس محافظي البنك، امتنعت برينارد عن التصويت في 23 مناسبة، تعبيراً عن رفضها الإجراءات الرامية لتخفيف القيود التي تم فرضها على البنوك الأميركية في أعقاب الأزمة المالية العالمية.

وتبلغ برينارد من العمر 59 عاماً، والتحقت بالبنك الفيدرالي بترشيح من الرئيس الأسبق باراك أوباما، وعملت في وزارة الخزانة في عهده، بالإضافة إلى سابق عملها مستشارة اقتصادية للرئيس الأسبق بيل كلينتون. ورغم توافقها في أغلب المواقف مع آراء رئيس البنك الحالي، أبدت برينارد ميلاً لتأخير عملية إنقاص مشتريات البنك من السندات من السوق الثانوية بسبب توقعها تراجع الضغوط التضخمية، التي سببتها القرارات الهادفة لمساعدة الاقتصاد الأميركي على استعادة نشاط ما قبل الجائحة، في وقتٍ قريب.
ويشيد أغلب من تابعوا عمل برينارد بقدراتها الفائقة على التفكير خارج صندوق سياسات الاقتصاد الكلي المعتادة، وهو ما ظهر جلياً في مقاومتها لتوجه رئيسة البنك السابقة جانيت يلين في عام 2015 لرفع معدلات الفائدة على أموال البنك بعيداً عن نطاقه الصفري، بسبب ما توقعته برينارد من آثار سلبية على نمو الاقتصاد الأميركي والعالمي، وعلى انخفاض معدل التضخم عن مستواه المستهدف من البنك، والمقدر باثنين في المائة. وأثبتت السنوات التالية صحة وجهة نظر برينارد، قبل أن يأتي ترامب ويضغط باتجاه تخفيض معدل الفائدة من جديد، ثم ليسحقه تماماً وباء كورونا.
وينسب لبرينارد الفضل في اقتراح سياسات التيسير الكمي، بما فيها شراء السندات من السوق الأميركية الثانوية لتحفيز الاقتصاد الأميركي، قبل أن تظهر غيمة الوباء في سماء أسواق العالم. وحالياً، تظهر برينارد قلقاً تجاه تسرع البنك في عملية الإنقاص أكثر مما تظهره من احتمالات التأخر، خوفاً من الدخول في حالة ركود تضخمي، تضر الاقتصاد، وتقل معها الأدوات المتاحة لتدخل البنك.
وعلى مدار السنوات الأخيرة، كانت برينارد العضو الأكثر تحمساً ضمن محافظي البنك لفكرة إصدار الدولار الرقمي، والأكثر تحذيراً من خطورة التأخر في وضع الضوابط الضرورية للتعامل في العملات الرقمية غير التابعة للبنوك المركزية.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وفي شهر سبتمبر / أيلول الماضي، وبعد إعلان بنك الشعب الصيني إصدار عملته الرقمية، نُقل عن برينارد قولها: "من الصعب جداً بالنسبة لي أن أتخيل أن الولايات المتحدة، ومع الأخذ في الاعتبار سيطرة الدولار على أغلب المدفوعات الدولية، لن تأتي إلى طاولة المفاوضات وفي جعبتها عملة رقمية صادرة عن البنك الفيدرالي".
وبينما تفضل أموال واشنطن، مجسدة في جماعات الضغط وكثير من قطاعات الأعمال، كما أغلب وسائل الإعلام، المد لفترة أخرى لجيروم باول، فمن الواضح أن برينارد تنافس بقوة في ما يطلق عليه التعبير الإنكليزي الشهير "سباق خيل متقاربا"، بعد أن أمضت أكثر من سبع سنوات بجوار باول، ثلاث منها كانت قبل ترؤسه البنك المركزي الأكثر تأثيراً في العالم. وتقول شايلا بلير، الرئيس السابق لشركة FDIC التي تُؤَمِّن على ودائع العملاء في البنوك الأميركية، والمساعد السابق لوزير الخزانة الأميركي إن برينارد تتفوق على باول في التعامل مع تحديات ما بعد رفع معدلات الفائدة على أموال البنك، لتجنب أي اضطرابات محتملة في الأسواق.
ولدت برينارد لأب دبلوماسي أميركي في مدينة هامبورغ بألمانيا الغربية، التي قضت فيها وفي بولندا أغلب سنوات طفولتها، إلا أنها حصلت على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفارد الأميركية العريقة، ودَرَّسَت لست سنوات في جامعة MIT الشهيرة، قبل أن تلتحق بفريق المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض في عهد الرئيس كلينتون، وتنتقل بعده للعمل في معهد بروكينغز. وتشغل برينارد موقعها في مجلس محافظي البنك الفيدرالي منذ عام 2014، أي أنها عاصرت الرؤساء أوباما وترامب وبايدن، كما شغلت منصب كبير مبعوثي وزارة الخزانة الأميركية، ومثلتها في العديد من المحافل الدولية.

المساهمون