لارس سفينسون... أبرز قيادات ثورة استهداف التضخم في العالم

03 مايو 2023
لارس سفينسون (Getty)
+ الخط -

يصف مراقبون المسؤول السابق في البنك المركزي السويدي، لارس سفينسون، بأنه أحد أهم من قادوا "ثورة" استهداف التضخم. كان متخصصاً في الفيزياء والرياضيات في بداية عمله المهني، إلّا أنّ مساره تحول إلى الاقتصاد بعد ذلك.

"لارس طرح رؤى عظيمة في قضايا حيوية بشأن السياسة النقدية. إنه مبهر بحق في قدرته على الابتكار وفي استقلالية فكره"... هكذا تحدث رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي السابق والحائز جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2022، بن برنانكي، عن المسؤول السابق في البنك المركزي السويدي، لارس سفينسون، الذي يوصف بأنه أحد أهم من قادوا "ثورة" استهداف التضخم.

النائب السابق لمحافظ البنك المركزي السويدي، لارس سفينسون، والأستاذ حالياً بكلية استوكهولم للاقتصاد، ساهم، بشكل حاسم، في تطوير التوجه القائم على "استهداف التضخم"، الذي يحيل على استراتيجية للسياسة النقدية، متسمة بتحديد هدف للتضخم وتطبيق سياسة نقدية تعطي دوراً أساسياً لواقع الأسعار ودرجة أعلى من الشفافية.

وقد أدخل استهداف التضخم بنيوزيلندا وأفضى إلى نتائج مرضية على مستوى استقرار التضخم والاقتصاد الحقيقي، كي تسير بلدان صناعية وصاعدة على ذات النهج.

يقول مساعد مدير مكتب التقييم المستقبلي بصندوق النقد الدولي، براكاش لونغلي، إن سفينسون كان يحث مسؤولي البنوك المركزية على مواصلة تحسين إطار استهداف التضخم، ولا سيما من طريق مصارحة المواطنين بمسار السياسة المستقبلية لتحقيق هدف تخفيف التضخم.

ويرى أن التحسينات في إدارة السياسة النقدية التي كان سفينسون من أبرز دعاتها على مستوى مسؤولي المصارف المركزية في العالم، تستهدف "الحيلولة دون تحول الأزمة المالية لعام 2007 إلى كساد كبير آخر".

لم يكن متخصصاً في الاقتصاد، هو الحاصل قبل 42 عاماً على الماجستير في الفيزياء والرياضيات من المعهد الملكي للتكنولوجيا في استوكهولم، غير أن دراسته لتاريخ الاقتصاد في بعض الدورات الجامعية، جعلته يتحول إلى هذا التخصص، بعدما حصل على درجة الدكتوراه فيه، حيث برع فيه، قبل أن يتحول في التسعينيات من القرن الماضي إلى التركيز على الاقتصاد النقدي، في سياق أزمة اقتصادية جراء ربط العملة السويدية بالعملة الأوروبية في 1992.

في تلك الفترة كُلف سفينسون، ضمن فريق من الخبراء، وضعَ تصور للإطار النقدي، حيث أوصى في تقرير باستهداف نطاق ضيق للتضخم، وهو ما قرر البنك المركزي السويدي الاسترشاد به، حيث حدد هدف التضخم في 2 في المائة في أفق 1995. لم يتحقق ذلك الهدف في السنوات التالية، حسب مراقبين.

اجتهد في أواخر تسعينيات القرن الماضي في الدفاع عن نجاح إطار استهداف التضخم، غير أنه شدد على المرونة في تطبيقه من قبل المصارف المركزية، بما يساعد على تحقيق مسؤوليها المزدوجة المتمثلة "بالإبقاء على معدل التضخم قريباً من المستهدف والاقتصاد قريباً من التوظيف الكامل" كما يلاحظ براكاش لونغلي.

يقول مساعد مدير مكتب التقييم المستقبلي بصندوق النقد الدولي، براكاش لونغلي، إن سفينسون كان يحث مسؤولي البنوك المركزية على مواصلة تحسين إطار استهداف التضخم

وقد أوصى سفينسون المصارف المركزية بالإفصاح عن مسارات تنبؤات لأسعار الفائدة وتبرير أسباب ذلك، بما يتوافق مع معدل التضخم المستهدف، حيث سارت مصارف على ذلك النهج الاستشرافي في التعامل مع السياسة النقدية.

التحق بالبنك المركزي السويدي قبل خمسة عشر عاماً، حيث عمل نائباً لمحافظه، حيث كان المركزي السويدي يسترشد برؤيته، غير أنه عند خفض سعر الفائدة إلى 0.25 في المائة في 2009، دافع سفينسون عن خفضه إلى الصفر والتفكير في أسعار سالبة، إلا أن البنك ارتأى رفع ذلك السعر في عام 2010، وهو ما عارضه سفينسون، معتبراً أنّ التوقعات حول التضخم أقل من المستهدف. وأكد أن معدل البطالة لا يزال مرتفعاً.

غادر الاقتصادي البالغ من العمر 75 عاماً البنك المركزي بعدما اعتبر أنه لم يستطع الإقناع بالسياسة النقدية التي يدافع عنها، حيث واصل تأكيد أهداف السياسة النقدية من وجهة نظره، بينما تتولى السياسة الاحترازية التصدي للاستقرار المالي.

لم تسلم سياسات استهداف التضخم من النقد، حيث يرى اقتصاديون أنّ محاربة التضخم يمكن أن تفضي إلى التضحية بهدف محاربة البطالة، ويعتبرون أيضاً أنّ مكافحة التضخم يمكن أن تقود إلى معدلات فائدة مرتفعة، تكبح الاستثمار.

المساهمون