أطفأ تفشي فيروس كورونا في تونس أضواء الفنادق والمنتجعات السياحية وتحولت المباني التي كانت عامرة بالسياح إلى ما يشبه مدن الأشباح، فيما رحّل المهنيون كل آمالهم بإنقاذ القطاع إلى أجل غير محدد.
وبدخول فصل الخريف وتفاقم الموجة الثانية من فيروس كورونا أوصدت الأنزال التونسية أبوابها، وانكب المستثمرون في صناعة السياحة على إحصاء خسائرهم وسط توقعات باستمرار الغلق إلى النصف الثاني من العام القادم.
وتعيش سياحة تونس منذ بدء الجائحة الصحية وإغلاق الحدود في مارس/ آذار الماضي أسوأ أزمة يمر بها القطاع في تاريخه، فيما يبدد استمرار الأزمة الصحية وتفاقم أعداد المصابين في البلاد كل آمال المهنيين بعودة قريبة للنشاط.
ورجّح عضو المكتب التنفيذي لجامعة الأنزال جلال الدين الهنشيري، أن تستمر أزمة القطاع إلى النصف الثاني من عام 2021، مؤكدا أن 90 في المائة من الأنزال والفنادق أوصدت أبوابها غير أنها تتجنّب الغلق النهائي لأسباب قانونية وأخرى لوجستية.
وأكد الهنشيري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن 10 في المائة فقط من الفنادق التونسية تواصل عملها بنسبة ملاءة لا تتجاوز 50 في المائة من طاقتها، مشيرا إلى أن 90 في المائة المتبقية ستحتاج إلى 8 أشهر إضافية على الأقل من أجل استئناف العمل.
وقال إن قطاع السياحة يحتاج إلى خطة إسناد حكومية عاجلة، وإن المهنيين سيضطرون إلى خفض رواتب عمالهم بسبب الصعوبات المالية التي يواجهونها وتواصل الجائحة الصحية إلى أشهر أخرى، مؤكدا أن بعض الأسواق التي لا تزال تسيّر رحلات سياح غير منتظمة نحو تونس ألغت الحجوزات أو أجلتها إلى الربع الثاني من العام القادم.
وأضاف أن أكبر متعهد رحلات في السوق البولونية أجّل الرحلات التي كانت مبرمجة نحو مدن الجنوب إلى شهر إبريل/ نيسان القادم، ما ينهي تقريبا موسم السياحة الصحراوية في البلاد بحسب قوله.
وقال الهنشيري إن "السوق البولونية منحت أنزال الجنوب في فترة الصيف جرعة أكسيجين، عبر وفود السياح الذين تم جلبهم عبر رحلات غير منتظمة نهاية شهر أوت الماضي".
وحسب بيانات رسمية، خلال الفترة المتراوحة بين أول يوليو/ تموز و20 سبتمبر/ أيلول لم تستقبل الأنزال والفنادق التونسية سوى 177 ألفا من الأجانب غير المقيمين مقابل 2.6 مليون خلال ذات الفترة من عام 2019.
وتراجعت إيرادات السياحة التونسية بشكل حاد منذ بداية العام الجاري وحتى العاشر من سبتمبر/أيلول، بسبب جائحة فيروس كورونا التي تسببت في توقف حركة السفر عالمياً وركود الأنشطة السياحية.
وكشفت بيانات صادرة عن وزارة السياحة، اطلعت عليها "العربي الجديد"، أن عدد السياح الوافدين على تونس منذ فتح الحدود إلى غاية 20 سبتمبر/ أيلول الماضي، تراجع بنسبة 93.3 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. هذا الهبوط أدى إلى انخفاض الإيرادات السياحية بنسبة 60% على أساس سنوي، مسجلة 1.56 مليار دينار (550 مليون دولار).
وأشارت إلى أن عدد الوافدين من الوجهات الأوروبية منذ بداية العام لم يتجاوز 335 ألف شخص، بتراجع بلغت نسبته نحو 85% مقارنة بالأشهر العشرة الأولى من العام الماضي 2019.