كم تجني عصابات إدخال البشر إلى أميركا؟

21 يوليو 2022
الجوع لا يعترف بالحواجز الأميركية (Getty)
+ الخط -

وسط الظروف المعيشية الخانقة وتفشي المجاعات التي تضغط على حياة الشباب في العالم الفقير في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية خصوصاً، تتزايد موجات الهجرة غير النظامية التي تديرها عصابات الجريمة المنظمة من تجارة صغيرة مقارنة بتجارة المخدرات وغسل الأموال، إلى تجارة ضخمة تدرّ مليارات الدولارات على هذه العصابات. ويتوقع خبراء أن تقود جائحة كورونا والاضطراب الجيوسياسي الذي يشهده العالم حالياً إلى حدوث مزيد من الهجرة غير النظامية في العالم، وتبعاً لذلك سيتزايد ثراء عصابات غسل الأموال والمتاجرة في البشر. وتقدر دراسة صدرت حديثاً لمنظمة الإجراءات المالية الخاصة بمكافحة غسل الأموال أن المبالغ التي تحصل عليها عصابات تهريب المهاجرين تقدر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً. لكن هذه الأرقام قد تكون متواضعة جداً بسبب عجز سلطات الهجرة في أوروبا وأميركا عن الحصول على معلومات دقيقة عن عمل هذه العصابات، والأموال الطائلة التي تتدفق عليها جراء تلك العمليات غير المشروعة.

وتقدّر دراسة للأمم المتحدة أن المهاجرين غير النظاميين من الهندوراس والسلفادور إلى الولايات المتحدة دفعوا نحو 1.7 مليار دولار عام 2021 في سبيل الوصول إلى أميركا. لكن دراسة منظمة العمل المالي الدولي "فاتف"، المعنية بالإجراءات المالية لمكافحة الجرائم المالية غير المشروعة تقدّر أن الهجرة غير النظامية إلى الولايات المتحدة اتسعت في الفترة الأخيرة لتشمل دولاً من بينها البرازيل وهايتي وفنزويلا والأرجنتين وكوبا والإكوادور مقارنة بما كانت عليه في السابق، إذ إنها كانت قاصرة على دول أميركا الوسطى، وأغلبها من المكسيك.
وتطلب العصابات من المهاجر عبر المكسيك مبالغ تراوح بين 4 آلاف دولار و13.5 ألف دولار. لكن هذه المبالغ المطلوبة قد ترتفع أكثر خلال السنوات المقبلة مع الزيادة المتوقعة في عدد المهاجرين من أميركا الجنوبية ودول أميركا الوسطى.

في هذا الصدد قال الرئيس السابق لشعبة مكافحة المخدرات بالولايات المتحدة، مايك فيجيل: "أصبحت المتاجرة في تهريب البشر تجارة ضخمة لكارتيل الجريمة المنظمة". وأضاف فيجيل في تعليقات نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال"، قبل أيام: "كارتيل المخدرات في المكسيك استولى على تجارة الهجرة غير الشرعية ودمجها مع تجارة المخدرات".
من جانبه، قال أندرو سيلي، الخبير في معهد دراسات الهجرة في واشنطن: "حتى عمليات تهريب المهاجرين التي لم تندمج في كارتيل المخدرات بالمكسيك فإنها تدفع له إتاوات".
من جانبها تتوقع منظمة العمل المالي الخاصة بمكافحة غسل الأموال "فاتف"، وهي منظمة مقرها في باريس، في دراسة حديثة، أن يدفع ارتفاع سعر الدولار مقابل العملات المنهارة في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية وغلاء المواد الغذائية الشباب في الدول الفقيرة إلى البحث عن الدولارات ومستقبل أفضل عبر الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة بأي ثمن، وحتى وإن كان ذلك المخاطرة بحياتهم كما يحدث حالياً على حدود المكسيك مع الولايات المتحدة وغرق القوارب في البحر الأبيض المتوسط لدى عبور المهاجرين الأفارقة سواحل شمال أفريقيا إلى أوروبا.
ويشير مسح أجرته الأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، شمل 5 آلاف عائلة و60 ألف شخص بثلاثة دول في أميركا الجنوبية، إلى أن 43% من الذين شملهم المسح يرغبون في الهجرة إلى الولايات المتحدة، وأن 6% منهم وضعوا خططاً فعلية للهجرة. ومعظم هؤلاء الراغبين في الهجرة سيصبحون زبائن محتملين لمنظمات الهجرة غير الشرعية في المكسيك.
وفي أفريقيا التي تعاني من المجاعة وانعدام فرص العمل، يندفع سنوياً نحو 60 ألف مهاجر عبر القوارب ووسائل نقل تدبرها عصابات الهجرة غير الشرعية لقاء مبالغ كبيرة تقدرها بيانات الأمم المتحدة بين ألفي إلى 10 آلاف دولار للمهاجر الواحد. وحتى بعدما يصل المهاجر إلى أوروبا، تفرض هذه العصابات كلفاً على نقل المهاجر إلى الدولة التي يريد الوصول إليها. ومثالاً على ذلك، إن أسعار عبور القنال الإنكليزي من فرنسا إلى بريطانيا تقدرها دراسة الأمم المتحدة بمبالغ تراوح بين 3.38 آلاف دولار و8 آلاف دولار. بينما تتاجر منظمات الهجرة في أفريقيا كذلك في ترتيب "الزيجات غير الكاذبة" مقابل دفعيات ضخمة.
وتشير معلومات أميركية إلى أن عصابات الهجرة غير النظامية تحصل على أموال ضخمة في آسيا من ترتيب هجرة مواطني أفغانستان إلى أوروبا عبر بيلاروسيا. وتحت مظلة السياحة ترتب منظمات إدخال المهاجرين إلى أوروبا وتتقاضى من المهاجر الواحد مبالغ تراوح بين 1800 إلى 12 ألف دولار.
وحسب بيانات الجامعة الأميركية في واشنطن "أميركان يونيفرستي"، هنالك نحو 3.5 ملايين مهاجر أفغاني في الدول المجاورة لأفغانستان، مثل باكستان وإيران وتركيا يبحثون عن سبل الهجرة إلى أوروبا أو الولايات المتحدة. وتعاني أفغانستان من مجاعة شرسة تفترس معظم مواطنيها البالغ تعدادهم 38 مليون نسمة، وأوضاع مالية واقتصادية بائسة.

وتتهم مصادر أميركية حكومة بيلاروسيا التي تدعمها روسيا بتنظيم عمليات هجرة غير شرعية بغرض التكسب المالي وتفكيك النسيج الاجتماعي في أوروبا وإشاعة الاضطراب السياسي عبر التمهيد لصعود التيارات الشعبوية، وبالتالي تغليب النفوذ الروسي على القرار الأوروبي. لكن بيلاروسيا تنفي ذلك، وتقول إن ممارستها شرعية.

المساهمون