استمع إلى الملخص
- السورية للاتصالات تعزو الأزمة إلى السرقات المتكررة لكابلات الهاتف، مشيرة إلى خسائر بملايين الليرات وخروج مراكز اتصالات عن الخدمة، مع تأكيدات على ضرر كبير لحق بالبنية التحتية.
- رغم الأزمة، هناك خطط لتحسين الخدمة في 2023 بما في ذلك تنفيذ اشتراكات جديدة للهاتف والإنترنت، لكن تقارير تشير إلى استمرار السرقات بمشاركة موظفين فنيين، مما يعقد الأزمة ويزيد تكاليف استخدام البدائل على المواطنين.
تتقطع أوصال العديد من البلدات والأحياء في معظم المحافظات السورية الخاضعة لسلطة نظام الرئيس بشار الأسد منذ أشهر طويلة بسبب انقطاع خدمات الهواتف الأرضية وشبكات الانترنت التابعة لها، بعد تعرض كابلات الهاتف الأرضي في البلاد لسطو ممنهج، الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات عمن يمكن أن يكون مستفيداً من هذا الوضع.
وتتصدر العشرات من الشكاوى اليومية واجهة بعض المواقع الإعلامية المقربة من السلطة، لتظهر للمتابع حجم الكارثة في قطّاع الاتصالات وسوء انعكاسه على حياة المواطنين، والتكاليف المترتبة عن هذا الوضع، من أهالي بلدة السبينة وعسالي بريف دمشق وأحياء القزاز والتضامن وباب شرقي في دمشق، ومثلها العديد من البلدات والأحياء، التي انقطعت عنها الاتصالات الأرضية وشبكات الإنترنت التابعة لها، لتعتمد في كل اتصالاتها على الهاتف النقال وشبكات الخلوي. أيضاً شهدت العشرات من بلدات ريف حمص وحماة وطرطوس والسويداء وحلب انقطاعات مستمرة منذ اشهر طويلة، دون أي أمل في الإصلاح.
وحمّلت السورية للاتصالات التابعة للنظام السوري، في أكثر من تصريح، السرقات التي تتعرض لها كابلات الهواتف، المسؤولية عن الوضع المتردي للاتصالات، وقال المدير العام للشركة السورية للاتصالات لصحيفة الوطن المقربة من النظام؛ إن الخسائر الناجمة عن السرقات خلال الأشهر الخمسة الأخيرة من العام 2022 بلغت 23 ألف متر من الكابلات الهاتفية بتكلفة تزيد عن 7 مليارات ليرة، بينما زادت أطوال كابلات الهاتف الأرضي المسروقة بعام 2023 عن 57,079 متراً، بكلفة تقديرية نحو 13.7 مليار ليرة سورية.
ووصف حسين عويتي، مدير الاتصالات في ريف دمشق، هذه السرقات بأنّها تفوق الخيال، مؤكداً خروج مراكز بالكامل عن الخدمة نتيجة مئات السرقات التي قدّر خسائرها بمليارات الليرات، وفقاً لما نقلته صحيفة الوطن في 12 مايو/أيار الماضي. وفي حين تضاربت الأرقام بين باقي المحافظات السورية لتصل في محافظة حمص قبل أشهر من الآن إلى عشرات الكيلومترات من كابلات الهاتف الأرضي المسروقة، ومثلها في مناطق مصياف ومشتى حلو بطرطوس، وما يزيد عنها في بلدات السويداء، مما يؤكد أن جزءا كبيرا من الريف السوري والعديد من الأحياء الكبيرة في المدن، خارج عن التغطية بشبكات الاتصال الأرضي.
وتحدث مدير اتصالات السويداء جنوبي سورية حازم الشوفي، أمام المواطنين عن عجز الشركة عن تأمين هذه الكابلات أو عن حماية الخطوط العاملة حالياً، مضيفاً أن عددا من المقاسم قد يتوقف عن العمل بالكامل اذا استمر هذا الوضع غير الآمن للخطوط الأرضية.
وفي هذا الوقت كان نعمان باسيل مدير اتصالات دمشق، قد أعلن عن الانتهاء من تنفيذ خطة 2023 والتي تتضمن تنفيذ 24,500 اشتراك هاتف ثابت و14,000 اشتراك إنترنت و3,900 اشتراك فايبر (FTTB)، مؤكداً على إيصال هذه الخدمات إلى المواطن بأفضل جودة وفق جميع الإمكانيات المتوفرة، وبالرغم من عدم كفاية حوامل الطاقة المتاحة. ويؤمن كل مركز اتصالات في دمشق جميع هذه الخدمات أو بعضها حسب الإمكانيات المتوفرة، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سورية.
ويقول المهندس سامح العمر لـ"العربي الجديد" إن كابلات الهاتف الأرضي تتعرض إلى عمليات سطو وسرقة منظمة ومدروسة، وغالباً ما يشارك في هذه الأعمال موظفون من الأقسام الفنية التابعة لمديريات الهاتف في المحافظات، وقد ثبت هذا الأمر في أكثر من تحقيق مع لصوص الكابلات. و"في اعتقادي إن معظم هذه المسروقات تصب لدى مستثمر واحد، يُعيد تأهيلها وبيعها لنفس الشركة السورية للاتصالات، بأسعار مخفضة تُرضي اللص والمستثمر والشركة في آن واحد، خاصة بعدما صرحت الشركة منذ سنوات عن نقص في تجهيزاتها من الكابلات وعدم قدرتها على الاستيراد بسبب الحظر على سورية"، وفقاً لقوله.
ويتابع العمر: هنا لا بد من الإشارة إلى أن الشركة شجعت هذا العمل نتيجة حاجتها لإصلاح بعض المقاسم الهامة وتحديداً المقاسم الخاصة بالجيش وقوى الأمن، وقد جاء هذا التشجيع بعدما أفقدت الحرب السورية أعدادا كبيرة من المقاسم وشبكات الهاتف والكابلات، نتيجة الدمار الكبير في بعض المحافظات. أما المستهجن في عمل الشركة؛ وفقاً للعمر، فقيامها بتزويد مشتركين جدد في بعض المدن بخطوط جديدة على حساب مناطق كبيرة في الأرياف الخارجة عن التغطية منذ أشهر، وبعضها منذ سنوات كما في ريف دمشق الشرقي.
وتحدث مواطنون في ريف دمشق لـ"العربي الجديد" عن أماكن يتم فيها حرق كابلات الهاتف والكهرباء وإعادة تدويرها، وركزوا في أحاديثهم على الروائح المنبعثة من صهر هذه الكابلات. وقال أحدهم لـ"العربي الجديد" إن سكان منطقة دف الشوك ويلدا وببيلا، المحاذية لطريق المطار، يعانون من الروائح المنبعثة من محال حرق الخردة وخاصة كابلات الهاتف، مضيفاً أن هذه المحال لا تبعد عن حاجز الأمن العسكري الموجود في المنطقة أكثر من 100 متر، بل وتعمل بمباركة من عناصر الحاجز. مواطن آخر تحدث لـ"العربي الجديد" عن عشرات المحال في مناطق حوش بلاس والحجيرة وطريق السويداء المختصة في إعادة تدوير هذه الكابلات وتصنيعها.
أحد الفنيين بشركة الاتصالات، طلب عدم الكشف عن اسمه، قال لـ"العربي الجديد" إنه من الواضح لدى الشركة السورية للاتصالات الإهمال المتعمد للخطوط الأرضية، وهذ لمصلحة شركات الاتصالات الخلوية، فجميع سكان المناطق الخارجة عن خدمة الاتصالات الأرضية يضطرون لاستخدام الهاتف المحمول وتزويده بباقات الإنترنت مقابل تكاليف تصل إلى 250 ألف ليرة للباقة الواحدة شهرياً، وهذا فارق شاسع عن تكاليف الإنترنت المنزلي، والذي لا يزيد عن 25 ألف ليرة في الشهر. وبالمقابل فإن هناك اهتماما واضحا من الشركة بالمدن الرئيسية على حساب الأرياف، لما تحققه لها هذه المدن من وفر في تمديد شبكات الاتصالات ومن زيادة في الأرباح.