قناة مسروقات الذهب في مصر تفضح حجم الظاهرة

30 مارس 2023
محل ذهب في مصر (محمد عابد/فرانس برس)
+ الخط -

ظواهر اجتماعية خطيرة مترتبة على حالة الغلاء والأزمات الاقتصادية بدأت تتسع في مصر، ومنها عمليات السرقة ولا سيما السطو على ما خف وزنه وزادت قيمته مثل الذهب. ومع انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير أنشأ أعضاء شعبة الذهب بالغرف التجارية، "قناة المسروقات" التي تضم تجار الذهب على مستوى البلاد.

تعرض القناة فيديوهات مصورة لوقائع السرقات التي يتعرض لها التجار، وصور المسروقات، وأماكن السرقة، وطرق التواصل مع المحلات التي سرقت منها، وصور اللصوص. رصدت القناة، منذ بداية عملها منتصف فبراير/ شباط الماضي، مئات الوقائع من السرقات مسجلةً على كاميرات المراقبة الخاصة بمحلات الصاغة، لحث الجماهير على ملاحقة من يعرض المنتجات المسروقة للبيع في الصاغة.

أكد تجار الذهب فاعلية "قناة المسروقات" في ملاحقة اللصوص، ومواجهة القصور الأمني، بملاحقة مرتكبي الجرائم. وقال أحد تجار الصاغة بالإسكندرية ويدعى ماجد في اتصال مع "العربي الجديد" إن "قناة المسروقات" استطاعت من خلال وجودها على وسائل التواصل الاجتماعي دفع أحد اللصوص إلى إعادة ما سرقه للمحل، عقب رؤيته لفيديو يصوره أثناء ارتكابه عملية السرقة بطريقة "المغافلة" للبائع.

وأوضح أن وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الحدث أثبتت أنها أقوى من قدرة الشرطة على ملاحقة اللصوص، مشيرا إلى أن البلاغات التي تقدم للشرطة تحتاج وقتا طويلا لمتابعتها، بينما استطاعت "السوشيال ميديا" إعادة المسروقات خلال أيام من وقوع سرقة مشغولات ذهبية من المحل، حيث عاد اللص إلى المحل وسلم البضائع المسروقة، مقابل عدم تسليمه للشرطة.

تعرض "قناة المسروقات" الذهبية التي تضم 3000 تاجر ذهب، طرقا مبتكرة من جانب اللصوص الذين يعملون بشكل جماعي، أغلبهم من الشباب وخاصة الإناث والسيدات الطاعنات في السن اللواتي يدخلن محلات الذهب لطلب أكثر من منتج، لتقوم إحداهن بالسرقة والهرب.

عرض تجار حالات سرقة يقوم بها شباب، يطلبون شراء خواتم، ويفرون بها، في ظل عدم وجود عمالة كافية، معتمدين على المراقبة الإلكترونية، التي لا تفيد عادة إلا عقب وقوع الجريمة. تضع القناة شروطا لنشر المسروقات من الجمهور منها، مثل إرسال صور المسروقات ومكان السرقة وطريقة التواصل. رصد "العربي الجديد" حالات سرقة واسعة للمشغولات الذهبية النسائية، والسبائك المخزنة في المنازل، بعدة محافظات، وفيلات لمسافرين بالخارج وداخل البلاد، حيث تكتشف السرقة عادة بعد تنفيذها.
جاءت أكبر كمية لمسروقات الأسبوع الماضي، من فيلا بمنطقة المريوطية بأهرامات الجيزة- غرب العاصمة- بلغت 3.5 كيلوغرامات من المشغولات الذهبية. اكتشف التجار عرض لصوص لمنتجات ذهب مغشوش، وانتشار لسرقة خواتم السيدات و"الأنسيال"، من المحلات، لصغر حجمها، وسهولة تهريبها أثناء عرض المنتجات.
يحتفظ تجار الذهب بخطوط اتصال ساخنة مع أجهزة الشرطة المتخصصة في الرقابة على أسواق الذهب، مع ذلك يؤكدون لـ"العربي الجديد" أن الأجهزة الأمنية تعمل عادة على ملاحقة التجار لإلزامهم بضوابط مواعيد العمل الرسمية، ومتابعة الحالة الأمنية لمناطق الصاغة أثناء الليل، بينما يظل العبء الأكبر على تأمين المحلات على عاتق التجار، الملزمين بتركيب كاميرات مراقبة في أركان منافذ البيع. 

يبدي التجار قلقهم من ارتفاع معدلات السرقة، التي زادت في الآونة الأخيرة، وانتقلت إلى مرحلة عنيفة عبر خطف المنتجات من التجار، أثناء فترة العمل. يحصل ذلك في ظل حالة اقتصادية متردية، أدت إلى فقد الجنيه 97% من قيمته خلال عام، وزيادة التضخم والركود بالأنشطة الصناعية والتجارية، وانخفاض العائد على الادخار، تصل في حدها الأقصى نحو 25%، بينما بلغ التضخم الحقيقي 41.9%، في فبراير/ شباط الماضي، وهو ما أدى إلى تآكل رؤوس الأموال، وأصبح الذهب مخزناً للقيمة وأفضل وسيلة ادخار أمام الأسر المصرية.

أدى التراجع المستمر في قيمة الجنيه إلى ارتفاع سعر الذهب، وزادت أزمة إفلاس عدد من البنوك الأميركية والأوروبية والحرب الروسية على أوكرانيا من توجه البنوك المركزية والأفراد لاقتناء كميات هائلة من الذهب، ما رفع قيمته بالبورصات العالمية والأسواق المحلية. وشهدت أسعار الذهب ارتفاعا بلغ نحو 120 دولارا للأونصة، منذ منتصف فبراير الماضي، إذ زادت قيمة الأونصة من 1834 دولارا إلى 1956.9 دولارا، أول أمس. وبلغ سعر الغرام الأكثر إقبالا أمس الاربعاء، 2100 جنيها مصريا، بزيادة تصل إلى 300 جنيه بالغرام، عن فترة بداية تدشين قناة المسروقات، 15 فبراير الماضي، وارتفع سعر الغرام عيار 24 إلى 2400 جنيها، وعيار 18 وصل إلى 1800 جنيها، وعيار 14 بلغ 1400 جنيها للغرام (الدولار = نحو 30.95 جنيها).
يشير أعضاء في شعبة الذهب بالغرف التجارية إلى تأثر سوق الذهب محليا بالتراجع المستمر في قيمة الجنيه أمام الدولار، بالسوق الموازية، المستقر عند 35 جنيها أمام الدولار، منذ أسبوع. كما يتوقع أعضاء الشعبة، استمرار صعود أسعار الذهب خلال المرحلة المقبلة، في ظل ثبات الكميات المعروضة محليا، وندرة الواردات التي تأتي من الخارج، مقابل تصدير كمية من الذهب الخام، تعادل نفس الكميات المستوردة من المشغولات نصف المصنعة أو تامة الصنع، لعدم قدرة البنوك على تدبير الدولار لمشتريات الذهب من السوق الدولية.

المساهمون