للمرة الثانية يصحو الأردنيون على قضية نصب كبرى بطلتها منصات إلكترونية مارست عمليات احتيال على المواطنين بعيداً عن أعين السلطات المختصة، وتمكنت من الاستيلاء على مبالغ كبيرة تقدَّر بأكثر من 70 مليون دولار.
وأوهمت تلك المنصات والقائمون عليها المواطنين بأنها تقوم بأعمال التجارة الإلكترونية وتحقق أرباحاً طائلة، واقنعت عدداً كبيراً من الأشخاص بادخار أموالهم لديها مقابل عوائد مالية تبلغ حوالى 40% تُدفع يومياً.
وأعادت القضية التي ينشغل بها الرأي العام وتلاحقها الجهات المختصة حالياً إلى الأذهان قضية البورصات الوهمية التي انكشف أمرها عام 2008 واستطاع محتالون نهب أموال ضخمة من الأردنيين بمئات ملايين الدولارات، ما شكل ضربة للوضع الاقتصادي، ولا سيما أنه لم تُستعَد الأموال المنهوبة إلا بالحدود الدنيا.
وقد أوقف رئيس الادعاء العام أربعة متهمين في عملية احتيال لمنصتين إلكترونيتين لمدة 15 يوماً في مركز إصلاح وتأهيل الجويدة، بينهم امراة.
ووجهت لأولئك الأشخاص تهم، من بينها الاحتيال وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث قدّم حوالى ألف مواطن حتى الآن شكاوى إلى الجهات القضائية على المنصات الإلكترونية التي تبين أنها تمارس أعمال نصب واحتيال والتعامل مع جهات خارجية.
وقال مسؤول حكومي رفيع المستوى في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن المحتالين استمالوا المتعاملين معهم لتحويل مبالغ مالية على المنصات الإلكترونية مقابل إيهامهم بعائد مالي مضمون.
وأضاف المسؤول: "لم يُكشف أمر هؤلاء المحتالين إلا بعد تقديم مواطنين شكاوى إلى الجهات المعنية بعد اختفاء تلك المنصات عن الشبكة العنكبوتية، بعد الاستيلاء على مبالغ كبيرة من الأشخاص، وخاصة في المحافظات الشمالية من الأردن مثل إربد وجرش".
وتابع قائلاً إنه جرى الحجز على شركات تعود لأشخاص متورطين بالمنصات الإلكترونية، التي مارست النصب والاحتيال، وهي قيد المتابعة وتنظر المحاكم المختصة في القضية، مشيراً إلى أن هناك ممارسات تنطوي على غسل أموال، حيث ضُبطَت شركة تسهيلات مالية تقدّم القروض إلى المواطنين بإجمالي مبالغ حوالى 50 مليون دولار، وذلك بشكل مخالف للقانون.
وأكد أن القانون يحظر تقديم الشركات تسهيلات مالية على غرار ما تقوم به البنوك، لافتاً إلى وجود عمليات تدقيق على مثل هذه الشركات وإحالتها على القضاء فوراً.
وقال مواطن طلب عدم ذكر اسمه من سكان مدينة السلط على بعد 20 كيلومتراً من العاصمة عمّان إن هناك شركات فتحت فرعاً لها داخل المدينة منذ سنوات، وادعت متاجرتها بالمواد الغذائية والتعامل بالبورصات العالمية، واستطاعت إقناع عدد كبير من المواطنين بالادخار فيها مقابل عوائد وأرباح مضمونة.
ولاستدراج المواطنين، التزمت الشركة بدايةً دفع الأرباح في مواعيدها وعدم تأخيرها، وزاد الإقبال عليها، ولكن تفاجأ المواطن الأردني وغيره من المتعاملين مع الشركة بأن مكتبها لم يعد قائماً فجأة، ولا يمكن التواصل مع الأشخاص القائمين عليها.
وتابع: "تبين أن تلك الشركة محتالة، واستولت على مبالغ كبيرة من المواطنين، الذين لجأوا إلى القضاء لتحصيل حقوقهم، ولكن دون جدوى حتى الآن".
وبالتدقيق في سجلات الشركة، اتضح أن رأس مالها المسجل يبلغ حوالى إلف دينار (1400 دولار)، واستطاعت الإيقاع بضحاياها بطرق احترافية من النصب والاحتيال.
وتوقع المسؤول الأردني أن تكون لقضية المنصات الإلكترونية وعمليات النصب والاحتيال تداعيات خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ولا سيما مع ارتفاع عدد مقدمي الشكاوى وربما الكشف عن هوية الأشخاص المتورطين في تلك الممارسات.