عدلت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، اليوم الاثنين، النظرة المستقبلية للسعودية إلى سلبية، وعزت ذلك إلى ضعف الأوضاع المالية والميزان الخارجي للمملكة.
وقالت الوكالة إن المملكة، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم، تضررت أوضاعها المالية، بفعل جائحة فيروس كورونا وتراجع أسعار الخام، قد تشهد زيادة عجز الميزانية إلى 12.8% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 4.5% في 2019.
وأشارت إلى أن هذا العجز يعكس تراجعا 33% في عائدات النفط، وانخفاضا 5% في العائدات غير النفطية، وزيادة بنسبة 1% في الإنفاق مقارنة بالعام الماضي. وتابعت فيتش أن من المتوقع أن ينخفض صافي الأصول الأجنبية إلى 60% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2022 من نحو 72% في 2019-2020، بسبب إصدار ديون والسحب من الاحتياطيات.
وقالت وزارة المالية السعودية في بيان إنه بالرغم من النظرة المستقبلية السلبية، فإن تصنيفات المملكة "تبدي متانة ملحوظة مع ثلاثة تأكيدات متتالية للتصنيف من وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الرئيسية منذ بدء الأزمة في مارس/ آذار 2020". وأضافت أنها ستظل ملتزمة بقوة بتعزيز الأوضاع في الأجل المتوسط والاستدامة المالية.
وزادت السعودية، في يوليو/تموز الماضي، ضريبة القيمة المضافة إلى ثلاثة أمثالها، لتصبح 15%، لدعم خزائن الدولة وتعويض تراجع عائدات النفط، وهي خطوة قال الاقتصاديون إنها قد تكبح التعافي الاقتصادي.
وتتوقع فيتش انكماش اقتصاد السعودية بما يزيد قليلاً عن 4% هذا العام، نتيجة لتخفيضات إنتاج النفط وتراجع النشاط بسبب أزمة فيروس كورونا.
لكن الوكالة قالت إن زيادة الضريبة، مع انتهاء الإنفاق المرتبط بالجائحة وتعافي الاقتصاد غير النفطي، ستسهم في خفض العجز خلال العامين المقبلين. وتوقعت انخفاض العجز المالي تدريجيا إلى نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، و5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022، بناء على توقع بتعافي أسعار خام برنت إلى 50 دولارا للبرميل في المتوسط بحلول 2022، ونمو إنتاج النفط الخام السعودي إلى 9.7 ملايين برميل يوميا بحلول 2022، مع تناقص التخفيضات التي يقضي بها اتفاق أوبك+.
وفي بيان أولي للميزانية في البرلمان في سبتمبر/أيلول الماضي، توقعت الرياض تراجع عجز ميزانيتها إلى 0.4% في 2023، مع التخطيط لتخفيضات أكبر في الإنفاق خلال السنوات القليلة المقبلة.
وقالت فيتش "نتوقع أن يؤدي الاقتصاد الكلي والوقائع الاجتماعية إلى الانحراف عن تلك الأهداف". وأضافت "ستواجه الحكومة أيضا على الأرجح ضغوطا للحفاظ على الإنفاق لدعم التعافي ورخاء المواطنين السعوديين، وهو ما قد يعادل المكاسب الناجمة عن زيادة ضريبة القيمة المضافة".
كان تقرير دولي صادر عن مؤسسة مورغان ستانلي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قد حذر من أن التصنيفات الأخيرة التي صدرت من وكالات التصنيف العالمية ستؤثر سلباً على المراكز المالية لدول مجلس التعاون الخليجي، وقد تضعها في مأزق، خاصة في ظل الظروف العالمية الصحية الحالية من تفشي كورون وتدني أسعار النفط وارتفاع مستويات العجوزات المالية في الموازنات الخليجية إلى مستويات قياسية.
وتناول التقرير، الذي اطلع عليه "العربي الجديد" آنذاك، المخاطر الائتمانية وقدرة دول المنطقة على سداد الديون، حيث تراجعت تصنيفات دول خليجية، وفي مقدمتها السعودية، فيما احتفظت قطر بتصنيفها وجدارتها الائتمانية، ووضعت الكويت في المنطقة المستقرة حتى الآن، حسب وكالات التصنيف فيتش وموديز وستاندرد آند بورز.
وأشار إلى أن غالبية الدول الخليجية لجأت إلى السحب من صناديق الاحتياطات النقدية لديها بصورة مبالغ فيها، واستنزفت مواردها المالية في ظل غياب الحلول، وهو ما ينذر بمخاطر كبيرة على مستقبل الاقتصاديات الخليجية في ظل غياب الإصلاحات المالية.