استمع إلى الملخص
- **تحديات المنافسة في سوق السيارات الكهربائية:** تعاني فولكسفاغن من انخفاض مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 20% في ألمانيا حتى يوليو 2023، وتواجه منافسة شديدة من الشركات الصينية التي تتمتع بميزة التكلفة.
- **التداعيات الاقتصادية والاجتماعية:** أثار الإعلان قلق الحكومة الألمانية، حيث دعا وزير الاقتصاد إلى التنسيق مع الشركاء الاجتماعيين لمواجهة التحديات الاقتصادية وارتفاع تكاليف العمالة والطاقة.
فاجأت شركة فولكسفاغن الألمانية الجميع، بإعلانها، يوم الاثنين الماضي، أنها تدرس إغلاق مصانع تابعة لها في ألمانيا لأول مرة في تاريخها الممتد لـ 87 عاماً، سعياً لخفض التكاليف بشكل أكبر، مما يفتح المجال لاندلاع صدام مع النقابات العمالية القوية في الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، ويشكل ضربة جديدة لحكومة المستشار أولاف شولتز.
ويعاني عملاق صناعة السيارات الألماني من أزمة تشغيلية قد تفقده توازنه أثناء مروه على منحدر شديد الوعورة من المنافسة مع شركات عالمية، لاسيما الصينية التي تصنع مركبات كهربائية متطورة والتي أزاحته بالفعل عن دروب المنافسة خلال الفترة الأخيرة.
جاء إعلان الشركة عن إغلاق مصانع في ألمانيا وإعادة هيكلة تطاول العمالة، صادماً إلى حد كبير للألمان. ويعمل لدى فولكسفاغن حوالي 650 ألف شخص بمنشآتها على مستوى العالم، منهم حوالي 300 ألف موظف في ألمانيا فقط. ويشغل ممثلو العمال نصف المقاعد في مجلس الإشراف على الشركة، وغالباً ما تدعم ولاية ساكسونيا السفلى الألمانية، التي تملك حصة 20% في الشركة الهيئات النقابية. لكن أوليفر بلوم الرئيس التنفيذي للشركة قال إن "البيئة الاقتصادية أصبحت أكثر صعوبة، وهناك لاعبون جُدد يقتحمون السوق الأوروبية"، مضيفا أن "دور ألمانيا التجاري يتراجع بشكل أكبر من حيث التنافسية".
ويرى المحلل ستيفن رايتمان من شركة "بيرنشتاين" للأبحاث لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أمس الأربعاء: "هناك مصانع مخصصة للسيارات الكهربائية لا تنتج بالمستويات المتوقعة والتكاليف خارج السيطرة".
ساهمت علامة فولكسفاغن، وهي الأكبر في المجموعة من حيث المبيعات، بأقل من عُشر إجمالي الربح التشغيلي في النصف الأول. وألقى الرئيس المالي للمجموعة أرنو أنتليتز باللوم في النتيجة السيئة على التعافي الضعيف بعد جائحة فيروس كورونا التي انتشرت عالمياً قبل أربع سنوات. وقال: "في أوروبا، يتم بيع مليوني مركبة أقل حالياً مما كانت عليه قبل كوفيد". لكن عدم القدرة على المنافسة المحتدمة في مجال السيارات الكهربائية بات واضحاً أيضا على نتائج أعمال الشركة.
وانخفضت مبيعات السيارات الكهربائية في ألمانيا، حيث تعد فولكسفاغن رائدة السوق، بنسبة الخمس في العام حتى يوليو/تموز، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2023. ولإعادة الشركة إلى المسار الصحيح، يريد المديرون اتخاذ خطوات أكثر جذرية تتعلق بخفض التكاليف وإنهاء اتفاقية استبعاد التسريح الإجباري للعمالة المتفق عليها مع النقابات وهي سارية منذ عام 1994.
ولا يبدو أن الأزمة ستنحسر في علامة فولكسفاغن وإنما قد تطاول علامات شقيقة. فأي نزاع عمالي جراء عمليات التقشف المرتقبة، تمثل اختباراً كبيراً للرئيس التنفيذي للشركة، الذي يرأس أيضاً علامة "بورشه" للسيارات الرياضية، خاصة أن الصدامات السابقة بين الشركة مع النقابات تسببت في إقصاء عدد من سابقيه عن هذا المنصب، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية. وانتهت المواجهات السابقة بإنهاء عمل عدد من الرؤساء التنفيذيين أو تقصير مدة ولايتهم، بمن في ذلك الرئيس التنفيذي السابق بيرند بيشتسترودر، والرئيس السابق للعلامة التجارية فولكسفاغن ولفغانغ برنارد، وآخرهم، هربرت ديس، الذي سبق بلوم في منصب الرئيس التنفيذي.
واستنفر إعلان الشركة عن غلق مصانع في وتقليص العمالة، الحكومة الألمانية. ودعا وزير الاقتصاد وحماية المناخ الألماني، روبرت هابيك، يوم الثلاثاء، إلى التفكير طويل الأمد و"التنسيق الوثيق مع الشركاء الاجتماعيين" في فولكسفاغن. وقال إن الحكومة تستعد للإعفاء الضريبي للسيارات الكهربائية في جزء من خطة نمو جديدة.
ولا تستطيع فولكسفاغن بسهولة تقليص استثماراتها أو إنتاجها في السيارات الكهربائية التي تستنزف الأرباح، بينما تحتاج إلى التنافس مع شركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية الأقل تكلفة والأسرع حركة، ليس فقط في الصين، ولكن بشكل متزايد في أوروبا أيضاً. وتتمتع الشركات المصنعة الصينية بميزة التكلفة بنسبة تصل إلى 30%، وفقاً لتقديرات الصناعة، بحسب وول ستريت جورنال.
وفي النصف الأول، تجاوزت سيارة EX30 المصنوعة في الصين من فولفو، سيارات ID.3 و ID.4 من فولكسفاغن في تصنيفات مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا، وفقًا لمزود البيانات "JATO Dynamics".
ورغم أن BYD، العلامة التجارية الصينية التي تجاوزت فولكسفاغن في الصين العام الماضي، لا تزال لاعباً هامشياً في أوروبا، إلا أنها تنمو بسرعة وتنفق بسخاء. فقد رعت هذا الصيف بطولة كرة القدم البارزة "يورو 2024" ووافقت الأسبوع الماضي على شراء موزعها الألماني.
في حين كانت ربحية فولكسفاغن في النصف الأول ضعيفة بشكل خاص، ولطالما كان أداؤها لفترة طويلة عبئًا على المجموعة، التي تضم أيضًا علامات تجارية فاخرة مربحة مثل "بورش" و"أودي". وقد سجلت العلامات التجارية الأخرى التي تمتلكها المجموعة، مثل سكودا وسيات، ومقرها في جمهورية التشيك وإسبانيا على التوالي، هوامش أعلى من فولكسفاغن نفسها في السنوات الأخيرة. في بيانه الصادر يوم الاثنين الماضي، أشار الرئيس التنفيذي للشركة إلى أن "ألمانيا على وجه الخصوص بما هي موقع للتصنيع تتخلف أكثر من حيث القدرة التنافسية".
وتعد تكاليف العمالة في ألمانيا الأعلى في أوروبا، وفقًا لتحليل أجرته الجمعية الألمانية لصناعة السيارات. وبلغت تكلفة عامل السيارات الألماني حوالي 62 يورو في الساعة في العام الماضي، ما يعادل حوالي 68.50 دولاراً، مقارنة بـ 23 يورو للعامل التشيكي و29 يورو للعامل الإسباني.
وفي المجر، حيث تبني "BYD" الصينية مصنعاً لتجنب التعريفات الجمركية من الاتحاد الأوروبي، يتقاضى عمال السيارات 16 يورو فقط في الساعة. كما ارتفعت تكاليف الطاقة في ألمانيا منذ فقدت البلاد القدرة على الوصول إلى الغاز الروسي الرخيص عبر خطوط الأنابيب نتيجة للعقوبات الغربية الواسعة على موسكو التي جاءت رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022.
ويتوقع المحلل الألماني يورغن بيبر أن تضطر فولكسفاغن إلى بيع أعمال المكونات في أحد الخيارات، مضيفا أن "التحدي الذي يواجه الإدارة هو أن فولكسفاغن تضعف قليلاً كل عام".