فوز ترامب: ارتفاع الأسهم الأوروبية وتراجع اليورو والإسترليني

06 نوفمبر 2024
رئيسة المركزي الأوروبي لاغارد قلقة من فوز ترامب، 4 نوفمبر 2024 (تيرب موناس/Getty)
+ الخط -

تفاعلت الأسواق الأوروبية بشكل إيجابي مع أنباء فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية. ومع بدء التداول، شهد مؤشر Stoxx 600 الأوروبي ارتفاعاً بنسبة 1.17% تقريباً. وكانت هذه الحركة الصعودية مؤشراً إلى اتجاه أوسع عبر مختلف البورصات الإقليمية، حيث شهدت العديد من القطاعات مكاسب.

ومن بين القطاعات التي شهدت مكاسب أسهم الرعاية الصحية التي شهدت أداءً قوياً بشكل خاص، حيث ارتفعت بنحو 2.71%. وساهمت شركات مثل "نوفو نورديسك" و"سيمنز هيلسنزيرس" بشكل كبير في هذا الارتفاع، حيث ارتفعت أسهم Novo Nordisk بنسبة 7.4% بعد تقرير أرباحها الفصلية الذي فاق التوقعات. وفي المقابل، واجه قطاع السيارات بعض التراجعات، حيث انخفض بنحو 1.54%، وذلك بحسب بيانات نشرتها صحيفة "مورنيينغ ستار" اليوم الأربعاء.

ويمكن أن يعزى رد الفعل الإيجابي في السوق إلى معنويات المستثمرين التي توقعت سياسات اقتصادية مواتية في ظل إدارة ترامب. وأشار المحللون إلى أن سياسات ترامب المقترحة، مثل التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية، من المتوقع أن تحفز النمو الاقتصادي، وربما تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم. وقد دفعت هذه التكهنات المستثمرين نحو الأسهم بدلاً من السندات، وهو ما يعكس "تجارة ترامب" الكلاسيكية، حيث تتفاعل الأسواق بشكل إيجابي مع انتخابه بسبب توقعات السياسات الداعمة للأعمال التجارية والشركات.

وبالإضافة إلى تحركات الأسهم، أظهرت أسواق العملات أيضاً ردود فعل كبيرة، ولكنها سلبية، حيث ارتفع الدولار مقابل كل من الجنيه الإسترليني واليورو مع استعداد المستثمرين لتغييرات محتملة في السياسة المالية الأميركية تحت قيادة ترامب. وكثيراً ما يرتبط ارتفاع قيمة الدولار بتوقعات ارتفاع أسعار الفائدة والضغوط التضخمية الناجمة عن زيادة الإنفاق الحكومي. وبالنظر إلى المستقبل، أشار محللون إلى أنه إذا نفذ ترامب سياساته المقترحة بفعالية، فقد يؤدي ذلك إلى ضغوط تصاعدية مستمرة على التضخم وعوائد السندات بمرور الوقت. ومن المرجح أن يؤثر هذا السيناريو على الأسواق الأوروبية أيضاً نظراً للترابط بين الاقتصادات العالمية.

ويتوقع محللو مصرف "غولدمان ساكس" أن يؤدي فوز ترامب على الأرجح إلى إعادة فرض تعرفات واسعة النطاق على الواردات، وعلى وجه التحديد تعرفة مقترحة بنسبة 10% على السلع الأوروبية، ونسبة مذهلة تبلغ 60% على الواردات الصينية. ومن الممكن أن يؤدي هذا الموقف الحمائي إلى تعزيز الدولار، بينما يمارس ضغطاً تراجعياً على اليورو واليوان الصيني.  

ويقدر كبير الاقتصاديين في البنك جان هاتزيوس أن مثل هذه التعرفات يمكن أن تخلق فارقاً كبيراً في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، وهو ما قد يؤدي إلى إضعاف اليورو بنسبة تصل إلى 3% أو أكثر في ظل سيناريوهات التعرفة الجمركية الأوسع. ومن المتوقع أن يؤدي هذا الاختلاف في السياسة النقدية، المتشددة في الولايات المتحدة بسبب الضغوط التضخمية الناجمة عن التعرفات الجمركية والتيسير النقدي في أوروبا مع تباطؤ النمو، إلى زيادة التقلبات في أسواق العملات.

في الشأن ذاته، يؤكد محللو مصرف "آي أن جي" الهولندي أن الأداء الضعيف لليورو في الآونة الأخيرة كان مدفوعاً بتباين البيانات الاقتصادية أكثر من المخاطر الانتخابية وحدها، ويشيرون إلى أنه إذا نفذ ترامب تعرفاته المقترحة، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم التحديات الاقتصادية الحالية داخل أوروبا، وهو ما يؤثر بشكل خاص على قطاعات التصدير الرئيسية. ويشير محللون إلى أن العملات المرتبطة بصادرات السلع الأساسية والأسواق الناشئة قد تشهد تقلبات شديدة أيضاً. وعلى وجه التحديد، يسلط تحليل المصرف الضوء على أن العملات مثل الدولارين الأسترالي والنيوزيلندي يمكن أن تشهد تقلبات أكبر بسبب تعرضها لديناميكيات التجارة العالمية المتأثرة بالعلاقات بين الولايات المتحدة والصين.

من جانبهم، يعرب محللو مصرف "بي بي في أيه" الأرجنتيني عن مخاوفهم بشأن التداعيات الجيوسياسية لرئاسة ترامب، خاصة في ما يتعلق بالتزامات الولايات المتحدة تجاه حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأوكرانيا، ويرون أن عدم اليقين يمكن أن يزيد الضغط على اليورو وسط المشهد الاقتصادي الهش بالفعل في أوروبا. إذا تم اتخاذ إجراءات انتقامية ضد الواردات الأميركية بسبب تعرفات ترامب، فقد يؤدي هذا إلى انكماش طويل الأمد للاقتصادات الأوروبية، ما يجبر البنك المركزي الأوروبي على الحفاظ على أسعار الفائدة أو خفضها بشكل أكبر استجابة لتباطؤ النمو.

المساهمون