عملات روسيا وفنزويلا ونيجيريا تواجه الانهيار

09 فبراير 2016
عملات روسيا وفنزويلا ونيجيريا الأكثر تأثرا بأزمة النفط (Getty)
+ الخط -
اضطرت الحكومة الفنزويلية خلال فبراير/شباط الحالي لتأجير 36 طائرة لنقل 10 مليارات بوليفار من أوراقها النقدية الجديدة من مطابع سويسرا وبريطانيا وفرنسا، فيما تقف الدول المنتجة للنفط على حافة الإفلاس الشامل، حيث تستفحل أزمتها المالية منذ بدء دورة انهيار البترول منتصف عام 2014.
وحسب تقارير غربية، فإن نسبة التضخم في فنزويلا بلغت 720%، أي أن من يريد التسوق عليه أن يحمل كيساً من العملة. وبلغ سعر الدولار الأميركي الواحد نحو ألف بوليفار.
وتبيع فنزويلا نفطها بسعر متدن يقدر بحوالى 17 دولاراً للبرميل، كما باعت كميات ضخمة من النفط مقدماً للصين في سبيل الخروج من الأزمة المالية الطاحنة التي تضرب اقتصادها منذ عامين.
وفي روسيا انهار أيضا سعر الروبل إلى 83.4 مقابل الدولار. وهذا تقريباً ضعف سعره قبل عامين. وتستفيد روسيا حالياً من سنوات العسل التي تعيشها مع الصين، ولولا ذلك لانهار الروبل والاقتصاد الروسي معاً، ولما تمكن الرئيس فلاديمير بوتين من فرد عضلاته في المنطقة العربية.
وروسيا من الدول النفطية التي ترتفع فيها كلفة الإنتاج فوق 30 دولاراً للبرميل. وفي حال استمرار انهيار الاسعار أو بقائها على مستوياتها الحالية ووسط الضغوط التي تعانيها الصين، فلا يستبعد أن يواجه الرئيس فلاديمير بوتين نفس المصير الذي واجهه الرئيس ميخائيل غورباتشوف قبل انهيار الاتحاد السوفييتي.
وتضرب تداعيات تدهور أسعار النفط من 100 دولار للبرميل في منتصف العام 2014 إلى 34 دولاراً حالياً، اقتصاديات الدول النفطية، وتدفع عملات الدول الضعيفة منها نحو الانهيار بعجلة متسارعة.
وربما تكون عملات دول مجلس التعاون المرتبطة بالدولار، أفضل حالاً من بقية الدول الأخرى المصدرة للنفط، لما تملكه من احتياطات ضخمة وفرتها في أعوام ارتفاع الأسعار للسنوات العجاف. ولكن رغم ذلك فلم تسلم بعض العملات الخليجية من هجمات المضاربين.
لقد حاول المضاربون في أسواق الصرف، استهداف الريال السعودي خلال الشهور الماضية، حيث ضاربوا على بيعه بسعر 3.85 ريالات للدولار في الصفقات المستقبلية أجل 12 شهراً، ولكن هذه المضاربات فشلت في التأثير على قيمة الريال، لأن مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، تدخلت في السوق بما لديها من ثقل نقدي، وتمكنت من الحفاظ على استقرار الريال عند مستوى 3.75 ريالات للدولار.
وحظرت "ساما" خلال الأسبوع الماضي على المصارف التجارية في المملكة المضاربة على الريال. ولدى "ساما" احتياطات نقدية تفوق 620 مليار دولار.
كما أن الريال السعودي ليس من العملات التي تتم المضاربة عليها عالمياً. كما أثيرت كذلك تكهنات في بعض التقارير الغربية، حول احتمالية فك الارتباط بين الريال السعودي والدولار.

ولكن خبراء في مصارف غربية في لندن، من بينهم " بنك أوف أميركا ـ ميريل لينش"، يرون أن فك الارتباط بالدولار مستبعد، لأن السعودية قادرة على الدفاع عن عملتها من جهة. كما أن المملكة من جهة أخرى يمكنها ببساطة أن تخفض إنتاج النفط وترفع الأسعار للحصول على إيرادات إضافية، إذا اضطرت مالياً.
وإضافة إلى احتياطات النقد الأجنبي، لدى السعودية احتياطات كبيرة من الذهب، كما أنها لا تبيع جميع نفطها خاما، كما يعتقد البعض، لأن لدى شركة أرامكو النفطية مصافي في المملكة وشراكات في مصاف نفطية محلية وخارجية تبلغ طاقتها حوالى 5.4 ملايين برميل يومياً، وهذا يعني أن السعودية تحصل على دخل من مبيعات النفط المكرر أكبر كثيراً من أسعار الخامات التي تتأرجح حالياً حول 30 دولاراً.
وعلى ذات الصعيد، يرى خبراء غربيون أن الريال القطري والدرهم الإماراتي والدينار الكويتي، عملات قوية ومن غير المحتمل أن تتعرض لأية اهتزازات من انهيار أسعار النفط وتراجع الإيرادات. وذلك بسبب الموقف المالي القوي لهذه الدول. ولكن يرى مصرفيون غربيون أن هنالك مخاوف على الدينار البحريني والريال العُماني.
ولكن يبدو أن أكثر العملات التي تعرضت لانهيارات بسبب تهاوي أسعار النفط هي عملات فنزويلا وروسيا ونيجيريا، وبعض الدول الأفريقية التي اضطرت إلى خفض سعر صرف عملاتها أكثر من مرة منذ بدء دورة الانهيار.
على الصعيد الأفريقي، يلاحظ أن الرئيس النيجيري الجديد محمد بخاري قاوم دعوة خفض سعر العملة النيجيرية" نيرا"، خلال لقائه الأخير مع كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي. ونصح الصندوق نيجيريا مراراً خلال العام الجاري بخفض قيمة العملة لتخفيف المتاعب الاقتصادية.
وكان المركزي النيجيري قد خفض قيمة سعر صرف "النيرا" بنسبة 8% مقابل الدولار في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2014، كما ثبت سعرها عند مستوى 222 للدولار.
واتخذ "المركزي النيجيري" مجموعة من الإجراءات لدعم عملته من بينها حظر مجموعة من الواردات. ولكن رغم ذلك انخفضت النيرا بنسبة 25% خلال العام الماضي، ويتم التعامل فيها حالياً عند سعر265 نيرا مقابل الدولار في السوق السوداء.
ويعتقد خبراء في النقد الأفريقي، أن نيجيريا ستضطر إلى خفض عملتها إلى مستوى يراوح بين 240 و250 مقابل الدولار إذا لم تتحسن أسعار النفط.
وفي أنغولا، انخفضت قيمة العملة الوطنية "كوانزا" بنسبة 15% خلال الشهر الماضي إلى 158.7 كوانزا مقابل الدولار. ويضاف هذا المعدل إلى الانخفاض الذي شهدته في العام الماضي والبالغ 24%.
وتباع الكوانزا في السوق السوداء حالياً بقيمة 260 مقابل الدولار. ويرى الخبير الاقتصادي جون آشتون بمؤسسة "كابيتال إيكونومكس" للبحوث الاقتصادية ومقرها لندن، أن أنغولا ربما تضطر إلى خفض قيمة عملتها مجدداً خلال الشهور المقبلة. وكانت أذريبيجان قد تخلت في ديسمبر/كانون الأول الماضي عن ربط عملتها بالدولار، بعد أن خسر "المركزي الأذري" نصف احتياطاته بالعملات الصعبة في الدفاع عن سعرها المرجعي أمام الدولار.

اقرأ أيضا: صناديق الاستثمار تراهن على انهيار اليوان الصيني
المساهمون